حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – دعوة الى الحقيقة مقاهي «الثرثرة السياسية»
تفشت ظاهرة “الثرثرة السياسية” في لبنان.
لا «اللجنة الخماسية» ملّت من وضع «موسوعة» مواصفات الرئيس… ولا «كتلة الإعتدال» النيابية سئمت من محاربة طواحين الفراغ الرئاسي… ولا «الممانعة» توقفت عن تذكيرنا بجمائل إبعاد داعش عن جونية، وإيقاف العدو الإسرائيلي على «رجل ونصف» بعيداً عن بيروت وجبال الأرز… ولا «المعارضة» بلعت لسانها قليلاً وهي تعترض على وجود جيش «مدني»، يمثله حزب الله، بصواريخه العابرة لحيفا وما بعدها، وبمسيّراته التي تتكسّر على أجنحتها «القبب الحديدية»… وبوجود جيش «عسكري»، تمثله الدولة بفقر حالها وحاله.
من الطبيعي عندما تحلّ «الأنا» مكان «النحن»، أن تحلّ الثرثرة مكان الحل.
إن بلداً يعيش أزمات بحجم سلسلتي جباله الشرقية والغربية، وتعصف فيه المصالح الخاصة بالمصلحة العامة، لا يمكنه تحقيق التعافي من أمرضٍ تستوطنه فعلاً، في حين أنه يتوهم استيطانات سورية وفلسطينية، يجري استحضارها لإخفاء ما ابتلتنا به أحزابنا وزعاماتنا من آثام.
عن أي توطين يتحدث المثرثرون؟.
أما مرّ على اللجوء الفلسطيني 75 سنة؟.
وهل أطاح وجود الفلسطينيين بالوجود اللبناني، كما يتردد اليوم في «مقاهي الثرثرة السياسية»؟.
إنه هراء بلغ حد الإهتراء… فلاجئ النكبة ازداد بؤساً… وزادته قوانين العزل اللبنانية عزلة وقهراً.
وها نحن فجأة، نكتشف هذا العام أن اللجوء السوري تجاوز المليونين.
وفجأة أيضاً نتجاهل، أنه كان أكثر من ذلك، خلال 13 سنة عبرت من دون الإشارة إلى الخطر الوجودي.
ترى من وما الذي أيقظنا على انتزاع السوريين لقوتنا وقوانا العاملة؟.
لا شك أن هناك حاجة لقبوات تغطي سموات ما يحصل في الجنوب من استشهاد ودمار… وما يعامل به الفراغ الرئاسي من «استشلاق»… وما يعنيه تعزيز علاقاتنا الإيرانية من إضعاف لعلاقاتنا العربية والدولية… وما حفرته لنا حفارات توتال، لطمر غازنا ونفطنا في آبار الحرمان النفطي.
إن أزمات بهذا الكبر، تحتاج إلى إثارة أزمة تعيش لأزمنة، من دون أن تنطفئ أحقادها ومبرراتها.
والمثير في ما يثار في «مقاهي الثرثرة السياسية» هو تحميل اللاجئ السوري مسؤولية نكسة الليرة اللبنانية ونكبة الاقتصاد اللبناني.
يقول المثرثرون أن لبنان أنفق على السوريين 70 مليار دولار خلال فترة اللجوء.
هذا يعني أن لا فاسدين في لبنان ومنظومته الحاكمة. فلو بالغنا وتمعّنا وتعمقنا في أزمتنا النقدية، فإن الفجوة المالية تكون أقل من مئة مليار دولار بقليل.
وإذا كانت كهرباء جبران باسيل قد هدرت 40 مليار دولار… تضاف إلى السبعين ملياراً المهدورة على السوريين، تكون المنظومة الحاكمة الفاسدة قد تبرعت للدولة اللبنانية بعشرة مليارات، تضاف إليها رواتب القطاع العام ونفقات وزارات التربية والصحة والدفاع والأشغال وغيرها.
وهذا يعني أيضاً أن طبقتنا الفاسدة تَهِبُ ولا تنهب وتعطي ولا تأخذ… وإلا فمن أين للدولة أن تنفق على السوريين وطاقة جبران باسيل والوزارات الآكلات لحم الكتف؟.
فعندما تنادي دولتنا «يا محسنين» فلن تجد محسناً غير الفاسدين.
وليد الحسيني