حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – «اللجوء السوري» قليل من العقل والحكمة

96

توقفوا عن النفخ في ما تبقى من رماد، يخفي الجمر المتّقد والمنتشر في جهات لبنان الأربع.
الكل لا يكلّ ولا يملّ.
يحذّر من الفتنة… ويسعى إليها.
للأسف،
ما زالت نفايات الحرب الأهلية تزكم أنوفنا بأدخنتها المسمومة.
كلما أصابتنا نصال، تكسّرت على نصال سبقتها.
تعالوا نحاكم ذاكرتنا.
دائماً هناك جرائم كبرى تتبخر، كما تبخّر الغاز من منصّاتنا البحرية، المرسومة بتنازلات، والموصومة بالخيانة.
أين هو العقاب في جريمة اغتيال كبير الشهداء رفيق الحريري؟.
أين «لاهاي»؟.
أين مئات ساعات الاستماع؟.
وهل بقي هناك من يسمع صوت العدالة الأممية؟.
لقد غطّت «هيروشيما» مرفأ بيروت، على «هيروشيما» السان جورج.
وفجأة غطّت على الـ «هيروشوميتين» جهنم الرئيس عون… وكأن اقتصاد لبنان، لم يزلزل زلزاله يوم نكس العهد بعهوده، وحوّل اتفاق معراب، إلى مرآب للخردة السياسية… ويوم شفى الجنرال غلّه من سعد الحريري بحسان دياب.
ومن ثمّ، تأبط النسيان شراً بلبنان مرة أخرى… فانبعث «الفراغ» مجدداً يبحث عن رئيس للجمهورية… وتمّ التمديد للفراغ، حتى كاد يكمل ولاية الست سنوات الدستورية، لولا أن مشاغلة العدو الإسرائيلي عن تدمير غزة وقتل شعبها، قد شغلتنا عن كوارث، لم تعد نكترث بها.
ولأننا نبرع في استيلاد الكوارث… فها نحن نفتح أخطر الأبواب على الإطلاق، بإطلاق فتنة مجنونة، لا ندري إلى أين ستأخذنا.
إذا لم نعقل الوجود السوري ونتوكل، فإنه سيلغي كل ما أصابنا من مصائب قاتلة، ليحلّ محلّها.
لا شك أن اللعب بنار اللجوء السوري، لن يكتفي بحرق أصابع الأيدي المتلاعبة… فكل الشك والعجب أن لا يحرق أيضاً البلد، القابل للإشتعال من كثرة ما يحمل من شرور وشرارات وإشارات مخيفة.
قليل من العقل، إذا تعذر كثيره… فإن التحريض الذي يمارس اليوم ضد السوري، سيؤدي حتماً وحكماً، إلى وقوع ما نتوقع من «بلاوي».
فننصحك يا شعب لبنان بأن لا تنام على إجماع، لا أحد يعرف متى ينقلب ويتقلب على جمر المذهبيات والطوائف.
لا يمكن أن نعادي الأمم المتحدة وننتصر… إذا تمسكت بإنسانية غب الطلب.
ولا يمكن أن نجبر النظام السوري على استعادة شعبه، وهو الذي فتح اللجوء والتجنس والإقامات، لشعوب قاتلت معه ونيابة عنه.
ولا يمكن أن نعتقد أن الطرد القسري، وإن تولته حكومة وأمن عام وشرطة وجيش وأحزاب وبلديات ومخاتير، قد ينجح في تنقية «العنصر» اللبناني من «التلوث السوري».
إن الضغط الفالت من عقاله، سيقود البلاد إلى محنة تترحم على الحرب الأهلية… وبالذات عندما تسود الطائفية العمياء بلداً أصيب سياسيوه بالعمى الوطني.
هل لأحد، مهما طالت أظافره، أن يمنع التطرف السني من الإنسياق تكراراً إلى وطن البشاعات ومجازر الدم البارد.
سيحدث هذا لا محالة، إذا لم نعد إلى حكمة في التعاطي مع موضوع، لا يحتمل إرتكاب هذا المنسوب، من الحماقات والغرور والمغامرات.
سيحدث هذا لا محالة، مع غياب سعد الدين الحريري، الممثل الشرعي الوحيد لسنة الاعتدال… والوحيد الذي يعالج الأزمات الكبرى بالتي هي أحسن وأسلم.
لا شك أن اللجوء السوري عبء على لبنان… إلا أن العبء الأكبر منه أن نقذف السوريين بالإذلال والإهانات… وأن نحاول عبثاً القذف بهم إلى سجون مفتوحة على المقابر.
وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.