حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – التحول الإستراتيجي من التحرير إلى الثأر

37

آن الأوان… وبات كل ما يُعرف يجب أن يقال… وعلى كل من يعرف أن يقول.
لم يعد التمويه صالحاً لإخفاء حقيقة ما يجري. كما لم يعد التلميح دلالة على الصراحة والمصارحة. وما عاد التلويح بتحرير فلسطين مبرراً كافياً لتحوّل الصراع الدائر، من صراع «تحرير» إلى صراع يسعى فقط إلى «الثأر» للشهيدين فؤاد شكر واسماعيل هنية.
ما تعرفه الحقيقة يفضح هذا المشهد الكارثي.
إذاً،
هذا زمان الجد، لا المجاملة. فليقل التاريخ ما يجب أن يقال. ولنقل ما يتوجب علينا أن نقول. نبدأ من أين الحكاية؟
وهل هناك بداية غير فلسطين؟
كلنا يذكر كيف غابت شمس إسرائيل عن طهران بسقوط الشاه… وكيف بدأت أشعة فلسطين تتسلل إلى الثورة الإيرانية.
أيامها كانت الأضواء العربية آخذة بالإنطفاء.
عبد الناصر خرج ولن يعود… وكامب ديفيد السادات فتح أبواب مصر لإسرائيل، وما أغلقها مبارك ولا مرسي ولا السيسي.
ومع اليتم الفلسطيني هذا، احتدم تنازع الاستيلاء على القضية المركزية.
إيران وجدت في الإسلام وسيلة لإنتزاع أبوة فلسطين… وعراق صدام وجد في فلسطين وسيلة لوراثة عبد الناصر.
هذه مقدمة كان من الممكن الإستغناء عنها، لولا أنها المعبر الإلزامي لما يجب أن يقال.
حينها وحولها، نشبت حرب طال أمدها، وما انتهت إلا بتجرع الإمام الخميني كأس سم هزيمته أمام صدام حسين.
حينها قررت إيران أن تكون حربها مع العراق آخر حروبها… ويومها اعتمدت طهران «اسراتيجية الأخطبوط».
جثم الأخطبوط على المنطقة، مغذياً «أذرعه» الطويلة بالمال والسلاح وأحلام امتلاك القصور في جنة وسع السموات والأرض.
وعلى البارد المستريح، مدّ الأخطبوط أذرعه لتبادل كرمه الطائي، بطأطأة الوطن العربي لنفوذه وهيمنته.
وكما الحرب خدعة، فإن السلم خدعة أكبر.. حتى لو طلبناه من الصين.
لا شك في أن تسوية بكين للعلاقات بين إيران والسعودية تحمل في خفاياها الكثير من الريبة والشكوك.
إن سوء الظن بتسليح إيران للحوثي بالصواريخ والمسيرات، هو من حسن الفطن… لو أحسنت السعودية العودة إلى فطنتها الفطرية.
لقد تم تدفق الأسلحة النوعية إلى الحوثيين قبل طوفان الأقصى… أي قبل إسنادهم غزة وإشغالهم العدو الإسرائيلي.
وإذا لم يكشف الغد ما تبيته إيران للسعودية… فإن ما بعد الغد لناظره قريب… فهل يدرك الأمير محمد بن سلمان مخاطر التسوية مع إيران قبل أن يدركه خطرها؟
يبقى مما يعرف ويجب أن يقال الكثير… وأكثره أهمية:
لماذا هذا اللهاث وراء وقف إطلاق النار؟
وهل إذا وقف اليوم سيتوقف نتنياهو عن إطلاقه مجدداً بعد أيام؟
أما حان وقف «تسجيل النقاط» والتوجه إلى «الضربة القاضية».
أما حان وقف بناء «مخازن الخردة» لأساطيل البر والبحر والجو العربية؟
أما حان وقف إبرام صفقات مئات المليارات لإطعام الصدأ بالطائرات والصواريخ والدبابات العربية الملجأ؟
كيف نضيع فرصة التاريخ لاستعادة تاريخ فلسطين… وجيش العدو منهك ومجتمعه مفكك وحليفه الأميركي مربك؟
إذا لم تكن هذه ساعة التحرير، فإن أي ساعة أخرى لن تأتي.
وهل يمكن للحظ أن يأتي بإدارة أميركية معاقة كهذه.
رئيس «زهايمري» بامتياز… ونائبته وخليفته المحتملة في البيت الأبيض، تضحك بشهية مفتوحة على الضحك بلا سبب وكأنها تشاهد في مهرجاناتها الانتخابية أفلاماً لتشارلي شابلين ولوريل وهاردي.
فرصة لا تعوض لأمة تتقن ضياع الفرص.
وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.