حبيقة “للشرق” لحكومة بعيدة عن المحاصصة الحزبية، وتختلف بتشكيلها عن الحكومات السابقة وتقرير “موديز” الأخير واقعي

14

كتبت ريتا شمعون

الحديث عن الأزمة المالية في لبنان، بعد سنوات من العزلة الدولية التي عاشها الإقتصاد اللبناني يتطلب بناء إقتصاد حديث ومنتج ، وتأمين فرص العمل للأجيال الطالعة وفق ما قاله الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة القاضي نواف سلام، الذي أكد ان الشرط الأساسي قيام دولة عادلة تقوم على مبدأ المواطنة ومفهوم سيادة القانون.
ولإعادة ترتيب المشهد المالي والإقتصادي في لبنان، يجب أن تبدأ ورشة الإصلاح وقد بدات لا سيما ان العناوين الإقتصادية والمالية التي وردت في خطاب القسم هي نفسها التي طالما نادت بها الهيئات الإقتصادية والنقابات العمالية، كمثل الدولة القوية القادرة على إعادة بناء الدولة ومكافحة الفساد وفريق حكومي يمثل كل الشرائح متخصص وقوي لإجراء إصلاحات جذرية في بلد يعاني من أزمات إقتصادية وسياسية عميقة.
لا شكّ أن امام الرئيس المكلّف نواف سلام مهمة صعبة في تلمس الطريق الى تأليف سلس لحكومة بحدود 24 وزيرا، تمهد للإنطلاقة الموعودة لعهد الرئيس جوزف عون، وفي أسرع وقت ممكن، لإعادة الثقة بلبنان ” لأننا بالفعل تحت عين المجهرالدولي، حيث اعتبرت وكالة التصنيف الدولية” موديز” تعليقا على إنتخاب الرئيس جوزف عون بعد فراغ بدأ في نهاية شهر تشرين الأول 2022 أن هذه الإنتخابات ستمهد الطريق لتشكيل حكومة جديدة بصلاحيات كاملة، وارتقبت الإنتعاش الإقتصادي في العام 2025 في حال استمرار وقف إطلاق النار.
الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة، شرح رؤيته وتطلعاته للحكومة الجديدة في حديث لجريدة ” الشرق” قائلاً: إذ ليس من مصلحة أحد وضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة، مشددا على ” الواقعية” مضيفا: ما مررنا به من ازمة إقتصادية ، وانفجار مرفأ بيروت، والحرب الإسرائيلية، والإنهيار الأمني ومؤسسات الدولة، يحتم علينا إعطاء فرصة ووقت للعهد الجديد الذي تسلّم زمام الأمور، ويقول، المنحى الإيجابي في هذه المرحلة، لا يعني أن الناس إنتهت مشاكلها محذرا من المبالغة في التفاؤل، فمن الضروري أن نمنح كل يوم الفرصة لأن يكون لبنان قد ولد من جديد ، في ذلك الإطار، ينبغي علينا أن نحافظ على عقلية إيجابية، بالتطلع الى كسب الفرص الجيدة لتحقيق طموحاتنا ببناء الدولة وتحسين الخطاب السياسي.
لكن يتخوف حبيقة، من التباين النيابي حول شكل الحكومة، بين من يفضلها حكومة سياسية تعكس التوازنات داخل المجلس النيابي ومن يريدها حكومة بعيدة عن المحاصصة الحزبية، أو حكومة تكنوقراط، وأن يؤثر هذا التباين في تأليف الحكومة.
وفي ما يتعلق بشكل الحكومة، شدّد حبيقة، على تشكيل حكومة تتلاءم مع الصفحة الجديدة التي يريد رئيس الجمهورية فتحها في الداخل والخارج، وتختلف بتشكيلها عن الحكومات السابقة، لا تعتمد نمط المحاصصة الحزبية، وتضم وجوها جديدة متخصصة وربما تعكس التمثيل الصحيح للكتل النيابية، والأهم أن تنحصر مهمة تأليف الحكومة ما بين الرئيس جوزف عون والرئيس المكلّف القاضي نواف سلام.
والأجدى أن نلتزم بمبدأ فصل السلطات، يعني فصل النيابة عن الوزارة، فلا يكون أي نائب وزيرا أو العكس، لكي يتمكن كل شخص من إتمام المهام الموكلة اليه ، لأن بعض الكتل النيابية تصرّ على توزير نواب، أي حكومة تمثل النواب وهذا يعكس عن المراوحة في عدم المحاسبة التي هي من مهمة النائب وعندها نصبح أمام أسواء حكومة.
وقال ردا على سؤال، لا شك أنه سيكون أمام الرئيس عون، تحديات إقتصادية وسياسية واجتماعية، وسيكون في حاجة ماسة لهذا الدعم الدولي والعربي لتحقيق برنامجه، لكن يتابع حبيقة، للتعامل مع هذه التحديات لا يكفي فقط الدعم الدولي، فالرئيس عون ومعه الحكومة الجديدة يحتاج الى وضع سياسات إقتصادية عاجلة، تشمل الإستثمار، وتنفيذ إصلاحات حقيقية، لاستعادة ثقة المانحين.
ويعتبر حبيقة، ان التعافي الإقتصادي يشكل نقطة يجمع عليها كل اللبنانيين، بالتالي يتوجب البدء بالإصلاحات التي تفتح باب المساعدات الدولية وعلى رأسها بالطبع الإصلاحات الإقتصادية، يالإضافة الى تطوير منظومة التعليم في لبنان من خلال التكنولوجيا المتقدمة، واستخدام الذكاء الإصطناعي في المدارس والجامعات ، وتحديث القوانين خصوصا المتعلقة بإنشاء الشركات الناشئة التي قد تسهم في إحداث تغيير جذري في الصناعات.
وعلى الرغم من الإهتمام الدولي بلبنان، يرى ان إتفاق وقف إطلاق النار في غزة والمفاوضات المتعلقة بالرهائن وخسائر حرائق لوس أنجلوس التي بلغت نحو 275 مليار دولار تتصدر اليوم الإعلام العالمي ومنصات التواصل الإجتماعي، وليس لبنان، لكن علينا الإستفادة من هذا الدعم الدولي والعربي وأن نحلّ كلبنانيين مشاكلنا بأنفسنا دون إستثناء، فلن يحلّ اي طرف خارجي مشاكلنا ، فإذ لم نقتنع بأنفسنا لحلّ مشاكلنا لن يتغير شيئاً.
وللتذكير، يقول حبيقة، إن العام 2024 عام مرير وصعب عاشه اللبنانيون على مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والإقتصادية، فمنذ بداية العام 2024 ويحاول المواطنون التأقلم مع الأزمات وتحسين ظروف عملهم مع توقع البنك الدولي مطلع العام 2024 من تسجيل نمو قدره 0,5% إلا ان هذه المحاولات باءت بالفشل مع اندلاع الحرب مع اسرائيل في 23 ايلول وما تكبده لبنان من خسائر فاقت 10 مليار دولار معرقلة كل المساعي الإنقاذية.
واليوم يترقب لبنان التمويل الدولي لمساعدته بإعادة الإعمار من جهة والنهوض الإقتصادي تدريجيا من جهة أخرى على امل أن تحمل هذه المرحلة الجديدة مع انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة مزيدا من الأمان والإستقرار.
وأضاف حبيقة، نادرا ما شهد لبنان سنة عصيبة ومدمرة بعد حرب تموز كسنة 2024 التي جاء حصادها على مستوى الخسائر كبيرا جدا ، مشيرا الى ان توقعات وكالة ” موديز” التي أكدت في تقريرها الأخير، أن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية خلال الإعتداءات الأخيرة على لبنان أعاق التعافي الإقتصادي في لبنان، وبحسب التقرير، من المتوقع أن ينكمش الإقتصاد اللبناني بنسبة 2% في العام 2025 وأن يسجل نمو بنسبة 0,8% في العام 2026، هي توقعات واقعية ، وقد تستمر بالتحسن ” إذا مشي البلد” .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.