جنبلاط: الحمد لله أن هناك صوت وطني عاقل مثل نهاد المشنوق (1)
وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق في حوار صريح في برنامج «صار الوقت»
بعد فترة صمت طويلة، عبّر وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق عن آرائه بالقضايا التي سُئل عنها، بموضوعية تامة، ومنطقية عُرِف بها… إذ عوّدنا في كلّ أحاديثه على الصراحة والحكمة والصدق، وهو يجيب بكل شفافية، إذ هو واثق من مواقفه، لا يخشى في الحق لومة لائم.
وهذا نص حواره في برنامج «صار الوقت» مع مرسال غانم في 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2024 من على شاشة الـMTV.
بعد فراق طويل مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، اشتقنا لك، لقراءتك وتحليلك. أين كنت خلال هذه الفترة، ولماذا كنتَ متفرغاً؟
كنتُ متفرغاً لموقع «أساس ميديا»، باعتباره موقعاً يمكن تسميته أنه لصناعة رأي عام. والحمد لله التجربة كانت ناجحة مع الزملاء الذين عملتُ معهم. وهو يتوجّه إلى أصحاب القرار. وكانت عودة للجذور الإعلامية التي بدأتُ فيها حياتي المهنية.
لكنّك تتعاطى السياسة في هذا المعنى.
أتعاطى السياسة بمعنى مراكمة الخبرة. إضافة إلى تجاربي مع الرئيس رفيق الحريري رحمه الله، ومع اللقاء الإسلامي، ومع تجربة العامل الفلسطيني أيام الولدنة.
وهل تعتبر الفترة الفلسطينية «ولدنة»؟
كنّا في «أساس» متحمسين للشعب الفلسطيني، لكن ليس لحماس. فهذا الشعب عظيم، يقاتل من سنة 1936. وكلّ 10 سنوات، بعد اغتصاب فلسطين، يقدّمون لنا انتفاضة. مقاومة مستمرة لاستعادة أرضهم، بصرف النظر عن حماس، فهي جزء من النسيج الفلسطيني، وبغضّ النظر عن الخلاف حول بداية عملية 7 أكتوبر.
ألم يكن هناك تماهٍ سنيّ مع حماس في لبنان؟
هناك تماهٍ سنيّ مع أي عمل فلسطيني. هذا انتماء تاريخي لم يتغيّر. لكن هذا لا يعني انخراط لبنان في الحرب. العاطفة والمسؤولية التاريخية تجاه فلسطين منذ 1948 موجودة. منذ استقبلنا الفلسطينيين وعاشوا معنا.
لكن ألا تخاف بأن ما قامت به حماس قد أطاح بهذه القضية الفلسطينية ودمر الكثير من أحلام شعبها؟
لا أعتقد ذلك. لأنه عملياً القضية الفلسطينية كانت في حكم الميتة. لنعترف أنها باتت اليوم موجودة على كل طاولات المجتمع الدولي بدون استثناء. هناك مساعٍ من كلّ مكان. واليوم هناك تحالف دولي تقوده المملكة العربية السعودية لصالح «الدولة الفلسطينية». هذه مسألة كانت منسية.
اليوم حرب الإسناد التي اطلقها حزب الله في 8 أكتوبر الماضي هل أدّت جدواها؟
هناك فارق بين لبنان وبين الدول العربية في الموضوع الفلسطيني. في الدول العربية الجيوش هي التي قاتلت. الجيش المصري والجيش السوري، والجيش العراقي الذي حمى دمشق في حرب 1973. في لبنان الأمر مختلف. لبنان تقسّم رسمياً بسبب السلاح الفلسطيني. نحن كلبنانيين، وكمسلمين تحديداً، انتصرنا للسلاح الفلسطيني في ذلك الوقت.
على حساب ماذا؟
على حساب لبنان الواحد وعلى حساب الدولة اللبنانية. وأنا عشت كل هذه المرحلة يوماً بيوم. لذلك أستغرب إسناد غزة: شو يعني إسناد غزة.
أولا ماذا تغيّر في الميزان العسكري بغزّة نتيجة دخول الحزب ولبنان هذه الحرب؟
لا شيء. ماذا خفّف من الدمار في غزة؟ لا شيء. وماذا خفّف من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة؟
لا شيء.
إذا كان هناك من دين على لبنان فقد دفعناه مرة و2 و3، ومن قلبنا. وأعتذر عن التعبير، لكن نحن كمسلمين قمنا بواجبنا ودفعنا وأخذنا المسيحيين إلى أماكن صعبة كثيراً ربما ما كانوا ليذهبوا إليها. فلماذا ندفع مرّة عاشرة؟
والفلسطينيون يقدّرون ويقدّرون ويقدّرون ويشكرون اللبنانيين. وحماس تنظيم جديد ولد في 2007 بعد الانقلاب، وكانت فتح هي التي تحضن كل الطوائف، فيها الملحد والمتديّن والعلماني والكافر والمؤمن.
لكن هناك عامل آخر اليوم هو العامل الإيراني، والعامل الديني. وانتقلت البندقية التي تقاتل في فلسطين من البندقية السنية إلى البندقية الشيعية وتحولت إيران إلى حامي قضية فلسطين؟
هذا كلام قديم. للحقيقة كان هناك إهمال عربي في وقتها. وجمعوا الناس. والنتيجة أنّ هناك مليون لبناني نازحين اليوم وبعضهم على الأرصفة تحقيقاً لماذا؟
لنَعُد للفتوى الدينية، الصادرة عن السيد الخامنئي، الذي يقول إنّ إسناد غزّة تكليف ديني. لكن ألا يسري التكليف الديني إلا على لبنان. ألا يسري إلا على شيعة لبنان؟ أين الدول الأخرى التابعة لولاية الفقيه؟ أين دورهم؟ وأين الخراب الذي أصيبوا به؟ وأنا لا أتمنّى الخراب لأحد. لكن كيف تكون فتوى دينية فقط للبنان؟ وأمس أعاد هذا الكلام الأمين العام الجديد للحزب الشيخ نعيم قاسم. لكن أين العراق وأين إيران؟
إيران لا تستطيع دخول الحرب لأنّ هناك خطبة شهيرة للسيد الخميني واضحة وصريحة، تقول: «الحفاظ على النظام الإسلامي الإيراني من أوجب الواجبات وهو أهم من الحفاظ على حياة الإمام المهدي».
تريد حماية بلدك ونظامك نوافق معك. أما الدول الأخرى «فيلتعن أبو اللي خلفها واللي خلف أهلها؟ كيف هيك؟». أين العدل الديني وأين الشرع وأين الإلتزام الاخلاقي نحن كلبنانيين التزامنا الوطني والأخلاقي هو أوّلاً ودائماً للبنان وليس لأي مكان آخر.
نحن في حرب، وتُخوَّن إذا لم تدعم هذه العمليات في جنوب لبنان وإذا لم تدعم حماس.
هذه ليست المرّة الأولى التي تنتشر عمليات التخوين. حصلت لأسباب أقلّ بكثير من حرب فيها عشرات آلاف الشهداء والجرحى.
ثم كتائب القسام من سمح لهم أن يقوموا بعمليات عسكرية من لبنان؟ من مرّرهم على الحدود. هؤلاء كتائب انقسام وليسوا كتائب غزّة. ومن يريد أن يقاتل منهم فليذهب إلى فلسطين يا أخي.
والجماعة الإسلامية؟
الجماعة الاسلامية لديهم تكليف ديني ودورهم محدود وحجمهم محدود وانتهى هذا الموضوع بالنسبة إليهم. ولا أعتقد أنّ لديهم أوهام حول أوار كبرى. لديهم التزام ديني اتجاه المسجد الأقصى فقط.
يعني العناوين التي انطلقت من خلالها الحرب كانت…؟
خطأ استراتيجي.
لكن هل كان يمكن تفادي ما حصل؟ لأنّ هناك من يقول إنّ نتنياهو حضّر خطة للاجتياح…
هناك قرار دولي واضح ومعلن ولا أحد يخجل منه. هناك قرار عسكري بتحجيم الدور الإيراني في المنطقة. وإلا فلماذا الأميركيون والإنجليز قصفوا اليمن وحدهم. هل لهم ثأر شخصي؟
ونعود إلى منظومة «ثاد». أمريكا لديها ستّ منظومات، أعطت منها إسرائيل 2 مع طواقهما.
يعني كلّ الكلام عن وقف إطلاق النار اليوم في غير مكانه؟
طبعاً في غير مكانه. وقف إطلاق النار له شروط محددة وكل البنود التي نقرأها والأوراق التي انتشرت تتحدث عن القرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني وانسحاب الحزب وسلاحه. بعدها يتحدثون عن القرار 1559، وهو ينصّ على حلّ الميليشيات ونزع السلاح. وهذا الأمر غير وارد.
لماذا؟
هذا لا يمكن تنفيذه غير بحرب تطول لسنوات. ولا نعرف من يبقى حيّاً بعدها. ولنكن صريحين، في الخارج يتحدثون عن 1559 أقلّ بكثير من الداخل. هذا لا يحصل إلا بالقوّة، بالحرام وليس بالحلال. الحلّ الوحيد بالاتفاق على استراتيجية دفاعية وطنية. هذا هو المدخل الوحيد لعودة لبنان إلى المجتمع الدولي كدولة طبيعية لها حقوق وعليها واجبات. أي كلام آخر «ما بيمشي». ويصبح السلاح بأمرة الدولة.
يعني بأمرة الدولة والجيش اللبناني. يقول قائد الجيش جوزف عون أينما ذهب: «أعطوني القرار السياسي وأنا حاضر للتطبيق مع العتاد والعدد الكافي…
بالإذن منك ومنه. هو لا يستطيع أن يقرّر. هذا قرار سياسي كبير يحتاج إلى مجلس الوزراء ليقرّره بالتفاهم وعلانية.
يتبع غداً