تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني: ما الذي سيتحقق فور استلامه الرئاسة؟
المحامي أسامة العرب
مع حلول 20 كانون الثاني 2025، يؤدي دونالد ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، إيذاناً بعودة أجندته المحافظة والقومية إلى البيت الأبيض. وهنا يتوقع أن تكون ولايته الثانية مختلفة وأكثر حدّة من الأولى، خاصة بعد تعهده باتخاذ “إجراءات غير مسبوقة” فور دخوله المكتب البيضاوي.
كما من المتوقع أن يوقع ترامب عشرات الأوامر التنفيذية في أول يوم له، ملغياً العديد من سياسات بايدن، لا سيما في مجالات الهجرة، الطاقة، والعلاقات الدولية. كما سيبدأ فوراً في إعادة هيكلة الإدارة الأميركية، مستعيناً بفريق أكثر ولاءً له مقارنة بفترة رئاسته الأولى. وفي هذا المقال، نستعرض الملفات الأبرز التي ستشهد قرارات مباشرة بمجرد استلامه السلطة.
أ. السياسة الخارجية: تحولات كبرى منذ اليوم الأول
١- أوكرانيا وروسيا: تسوية سريعة أم ضغوط لإنهاء الحرب؟
واحدة من أكثر القضايا الملحة التي سيتعامل معها ترامب فوراً هي الحرب الروسية الأوكرانية. فخلال حملته الانتخابية، صرّح ترامب بأنه يستطيع إنهاء الحرب “في يوم واحد”، متوعداً بوقف الدعم العسكري لكييف إذا لم تبدأ بمفاوضات سلام؛ ومستشاره المحتمل للأمن القومي، كيث كيلوغ، أشار إلى أن إدارة ترامب ستسعى لإجبار أوكرانيا على تقديم تنازلات لروسيا في مقابل وقف القتال.
فالخطوة الأولى قد تكون إيقاف المساعدات العسكرية الجديدة، ما قد يجبر زيلينسكي على قبول صفقة قد تشمل تنازلات إقليمية لموسكو. لكن هذا السيناريو سيواجه معارضة في الكونغرس، كما قد يؤدي إلى اضطرابات داخل الناتو، إذ تخشى الدول الأوروبية من أن يؤدي انسحاب واشنطن إلى تعزيز موقف روسيا عسكرياً.
٢- حلف الناتو: اختبار الولاء الأمريكي
أثار ترامب جدلاً واسعاً بتصريحاته عن الناتو، حيث هدد بأن الولايات المتحدة “لن تدافع” عن الدول الأعضاء التي لا ترفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من ناتجها المحلي. ففي حال نفذ تهديده، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة تماسك الحلف، وربما دفع بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، إلى تسريع بناء جيش أوروبي مستقل عن الهيمنة الأميركية.
وبالتالي، هنالك توقعات بأن ترامب قد يأمر بسحب بعض القوات الأميركية من أوروبا أو على الأقل إعادة توزيعها، ما قد يعتبر بمثابة تقويض للحلف دون انسحاب رسمي. وهذا الأمر سيشكل اختباراً فورياً للعلاقة بين واشنطن وحلفائها التقليديين.
٣- ملف غزة واتفاق وقف إطلاق النار؟
سيدخل ترامب البيت الأبيض بعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهو اتفاق يعزو نجاحه لنفسه كما يعزوه بايدن. لكنه قد يغير توجه واشنطن في التعامل مع ما بعد الحرب، خاصة أنه يؤيد بشكل قوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو يمارس ضغوطاً على تل أبيب.
لكن قد يلجأ ترامب إلى إعادة تمويل إسرائيل بمساعدات إضافية، ودعم موقفها في المفاوضات التي تعزز “فكرة التسوية السياسية”. كما قد يعيد النظر في الدور الأمريكي في دعم السلطة الفلسطينية، ما قد يعيد خلط الأوراق في الشرق الأوسط.
٤- الصين: حرب تجارية وسياسية جديدة؟
ترامب وصف الصين بأنها “الخطر الاقتصادي الأول” لأمريكا، وتعهد بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على المنتجات الصينية. إن هذه الخطوة ستؤدي فوراً إلى تصعيد اقتصادي بين القوتين العظميين، وربما تؤثر على الأسواق العالمية، خصوصاً في مجالات أشباه الموصلات والتكنولوجيا.
أما عسكرياً، فقد يزيد ترامب من الدعم العسكري لتايوان، وربما يأمر بنشر مزيد من القطع البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ، ما قد يؤدي إلى توترات جديدة في المنطقة.
ب. السياسات الداخلية: تغييرات جذرية فور التنصيب
١- الهجرة: عمليات ترحيل غير مسبوقة؟
إن الهجرة غير الشرعية كانت في صلب حملة ترامب الانتخابية، وقد وعد بتنفيذ “أكبر عملية ترحيل في تاريخ أمريكا”. ويتوقع أن يبدأ فوراً بإعادة العمل بسياسات “ابقَ في المكسيك”، ومنع اللجوء من بعض الدول، وإرسال الحرس الوطني إلى الحدود.
كذلك، قد يسعى لتمرير تشريع يسمح بترحيل سريع لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين، رغم أن ذلك قد يواجه عقبات قانونية ودستورية.
٢- الطاقة والمناخ: إعادة الاعتبار للوقود الأحفوري
من القرارات الأولى التي سيوقعها ترامب إلغاء القيود المفروضة على التنقيب عن النفط والغاز، والسحب مجدداً من اتفاقية باريس للمناخ. وهذا التحول سيؤدي إلى تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، ما قد ينعكس على أسعار الطاقة في السوق الأمريكية والعالمية.
إن ترامب يراهن على أن هذه السياسة ستخفض التضخم وتعزز الاقتصاد، لكنها ستؤدي إلى صدام جديد مع الديمقراطيين والجماعات البيئية.
٣- إصلاح المؤسسات الفيدرالية: ولاء مطلق أم تصفية حسابات؟
إحدى أولويات ترامب ستكون “تطهير الدولة العميقة”، حيث يخطط لإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية، مستعيناً بمساعدين أكثر ولاءً. حيث يتوقع أن يقيل مسؤولين بارزين في وزارة العدل، مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وربما يفتح تحقيقات ضد شخصيات من إدارة بايدن، مثل أنتوني بلينكن أو ميريك غارلاند.
إن هذا النهج قد يؤدي إلى أزمة سياسية غير مسبوقة، وقد يفتح الباب أمام معركة قانونية طويلة بين الجمهوريين والديمقراطيين.
٤- السيطرة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي
ترامب يرى أن الإعلام التقليدي والتواصل الاجتماعي لعبا دوراً في تقويض حملته عام 2020، لذا قد يتخذ خطوات فورية لضبط هذه المنصات. ومن المحتمل أن يعيد النظر في قوانين حماية شركات التكنولوجيا، ما قد يؤدي إلى معارك قانونية جديدة بين البيت الأبيض و”عمالقة وادي السيليكون”.
٥- سياسات أخرى قد تشهد قرارات فورية:
-إعادة تفعيل عقوبة الإعدام الفيدرالية
-إلغاء سياسات بايدن الصحية، لا سيما في مجال الإجهاض
-إعادة توجيه التمويل الفيدرالي من القضايا البيئية إلى الدفاع والأمن
ج. اليوم الأول لترامب: قرارات تنفيذية سريعة وأجندة واضحة
بعدما دخل ترامب البيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني، بدأ على الفور في توقيع قرارات تنفيذية تعكس رؤيته للولايات المتحدة والعالم. وقد يكون هذا اليوم واحداً من أكثر الأيام إثارة للجدل في تاريخ أمريكا الحديث، حيث سيحدد مسار السنوات الأربع القادمة، داخلياً وخارجياً. فيبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن المؤسسات الأمريكية من استيعاب هذه التغييرات الجذرية أم أن البلاد ستدخل في أزمة سياسية غير مسبوقة؟
المحامي أسامة العرب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.