تغيير التوقيت: ساعة إضافية من الشمس

21

بقلم محمد السماك

«أساس ميديا»

سؤال: لماذا اعتمد العالم نظام تقديم الساعة في نهاية شهر ابريل– نيسان من كل عام؟ ثم تأخيرها من جديد في نهاية اكتوبر– تشرين الأول؟ الجواب هو أنّه خلال الحرب العالمية الأولى قررت ألمانيا مع حليفتيها النمسا– هنغاريا اتخاذ هذا القرار للإفادة من ضوء الشمس وتوفير استهلاك الفحم في الإنارة لاستخدامه في المجهود الحربي. سارعت بريطانيا إلى اعتماد هذا النظام الجديد الذي وضعه عدوّ لها في ذلك الوقت وتبعها حلفاؤها الآخرون في الحرب. أمّا الولايات المتحدة فقد تأخرت باعتماد هذا النظام حتى عام 1918.

بعدما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، عاد معظم الدول إلى نظام التوقيت السابق. ولكن مع نشوب الحرب العالمية الثانية، عادت هذه الدول مرّة ثانية وللسبب ذاته إلى تقديم الساعة طوال سنوات الحرب؛ ثم تخلّت عنه بعد نهاية الحرب. واستمرّ هذا التخلي حتى سبعينات القرن العشرين عندما انفجرت أزمة الطاقة نتيجة للقرار العربي بوقف ضخ النفط كردّ فعل على العدوان الاسرائيلي والتواطؤ الغربي مع اسرائيل. ومنذ ذلك الوقت لم يعد تقديم الساعة إجراءً مؤقتاً… بل أصبح نظاماً عالمياً مستمراً حتى اليوم.

لا تفيد من هذا النظام في التوقيت الدول التي تقع في إطار خط الاستواء، حيث تتساوى ساعات الليل والنهار على مدار العام. أما الدول الآسيوية فآثرت أن تدير ظهرها له .

غير أنّ الرغبة في تقديم الساعة سابقة لذلك. في عام 1780 كان بنجامين فرانكلين سفيراً للولايات المتحدة لدى فرنسا. استيقظ باكراً في أحد الأيام ليجد أشعة الشمس تتسلّل عبر نافذة غرفة نومه، فكتب رسالة إلى احدى الصحف الفرنسية يقترح فيها دعوة الباريسيين إلى الاستيقاظ مبكراً لتوفير الشموع. ولم يقترح تقديم الساعة. ولكن في عام 1890 اقترح هذا الأمر عالِم حشرات من زيلندة الجديدة يدعى جورج هيدسون، وذلك من أجل أن يتمكن من الحصول على وقت أطول لممارسة هوايته في مطاردة وصيد الحشرات.

تبنّى هذه الفكرة مواطن انكليزي يدعى وليم ويلت، وأيّدها ونستون تشرشل، وكان في مقتبل العمر، وقدّم إلى البرلمان مشروعاً بذلك، ولكن المشروع لم يفز بالعدد الكافي من الأصوات، فصُرف النظر عنه… كانت ألمانيا أول من تبنّى الفكرة رسمياً، وأول من نفّذها. بعد ذلك فقط تبنّت بريطانيا الفكرة، الأمر الذي سهّل عملية تدويلها.

ولتبرير اتخاذ القرار بتقديم الساعة، نشر الكاتب البريطاني دافيد بريرو دراسة تحت عنوان “استفيدوا من ضوء النهار”، قال فيها إنّ تقديم الساعة يؤدي إلى تقليل حوادث اصطدام السيارات خلال ساعات الذروة، كما يؤدي إلى تخفيض عدد الجرائم (لأنّ اللصوص يفضلون الظلام للعمل)، ويحسّن من مستوى المعيشة لأنّ الناس تقضي وقتاً أطول خارج بيوتها… وبالتالي تنفق أكثر على راحتها وسعادتها.

لاقى هذا النظام ترحيباً من رجال المال والأعمال، إلا أنّه لاقى في الوقت ذاته معارضة واستياء من المزارعين لأنه يحرمهم من ساعة من الوقت في الصباح لنقل منتجاتهم الزراعية إلى الأسواق.

لقد مرّ على اعتماد العالم لنظام التوقيت الصيفي أكثر من قرن من الزمن. وهذا النظام الذي أملته ظروف وضرورات الحرب لا تزال تملي استمراره حتى اليوم حاجات وخيارات السلام.

محمد السماك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.