تعريفات ترامب الجمركية: التأثير لن يكون كبيرا على لبنان، إلا إذا وحجازي “للشرق” يحذر من الركود العالمي

24

كتبت ريتا شمعون

الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إعلانه فرض رسوم جمركية على دول العالم بأسرها التي أدّت طريقة احتسابها الى إنهيار أسواق العالم، وأربكت كل حسابات المستثمرين.وضربت جزرا لا يتواجد فيها بشر بل “طيور البطريق” فقط .وأثارت الإستياء والمخاوف من حرب تجارية تهدد بتحالفات عالمية جديدة.

لكن وسط هذه العاصفة الإقتصادية،  كلمة واحدة من جيمي ديمون، كانت كفيلة بتغيير قناعة الرئيس ترامب، وتأجيل الرسوم الجمركية 90 يوما، حتى من دون ان يلتقيه أو يتحدث معه مباشرة، فديمون، رئيس أكبر بنك في العالم “J.P.Morgan ” وأكثر الشخصيات المصرفية نفوذا في أميركا اليوم، ظهر في مقابلة تلفزيونية على Fox News وهي القناة الأميركية  المفضلة للرئيس ترامب، ويتابعها دائما، وتحدث باسلوبه المميز الهادىء  الذي يبدو أقنع ترامب، فهو لم يهاجم سياسة ترامب أو يستفزه بل قال :” إن معركة الرسوم في الوقت الحالي لا تأثير كبير لها لكن الوضع سيزداد سوءا مع الوقت ويؤدي الى ركود الإقتصاد الأميركي ” وهو الأمر ما يخشاه ترامب الآن.

ومع ترامب كل شيء متوقع، حيث أعلن الرئيس الأميركي عن تعليق الرسوم الجمركية المتبادلة  التي فرضت على معظم الدول لمدة 90 يوماً مع إبقاء حدّ أدنى من الرسوم عند 10% خلال هذه الفترة ، لكنه قرر رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية من 104 الى 125% ردا على الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها بكين.

لكن الصين ليس أي دولة، إنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وليس من السهل لي ذراعها كما توقع ترامب، حيث ردّت  بكين بفرض رسوم جمركية على الصادرات الأميركية بنسبة 84% ووقفت وحدها في وجهه، وأعلنت أنها ستقيد صادرات سبعة معادن أرضية نادرة ضرورية للصناعات التكنولوجية المتقدمة، بما في ذلك الساماريوم والتبربيوم واللوتينيوم.

فهل دخلت الحرب التجارية مرحلة ” كسر العظم” بين اميركا والصين؟

في أي حال، لبنان خارج المعادلة التجارية العالمية، ووفقا  لتقرير غرفة بيروت ، الميزان التجاري بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية في حالة عجز دائم لصالح الولايات المتحدة الأميركية.

الدكتور بكر حجازي أستاذ محاضر في الإقتصاد لدى الجامعة اللبنانية -الدولية LIU   يتحدث عن طبيعة العلاقات الإقتصادية بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية  مشيرا  في حديث لجريدة ” الشرق” الى ان صادرات لبنان الى الولايات المتحدة تقدر بنحو 220 مليون دولار أميركي سنويا، وهو رقم متواضع، في حين تصل قيمة الواردات من اميركا الى 705 ملايين دولار أميركي، بالتالي ، لبنان ليس من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، محذرا من المخاطر التي قد تترتب على هذه الحرب التجارية على الأسواق المحلية والعالمية إذ قال: إن الأثر غير المباشر سيبرز في حال حصل ركود عالمي  لافتا الى ارتفاع تكاليف الإنتاج على الشركات في القريب العاجل بسبب الرسوم الجمركية سيؤدي الى زيادة في اسعار السلع والخدمات حيث تشكل ثقل اقتصادي في البلدان التي تستخدمها ، ووفق حجازي، لن يتراجع ترامب  حتى ينال مراده في تطويع القطاعات الإقتصادية العالمية وتحقيق نسب إستثمار عالية على ارض الولايات المتحدة الأميركية.

وفصّل حجازي الأسباب والأهداف التي دفعت ترامب الى اتخاذ قراراته الجمركية في ” يوم التحرير” قبل تعليقها  لاحقا لمدة 90 يوماً:

–       في سياق السياسة الحمائية، تحديد الكمية المسموح باستيرادها وتحديد حاجات الإستيراد الواردة من الدول الى الولايات المتحدة الأميركية.

–       القدرة التنافسية للسلع الأميركية في الداخل الأميركي وفرض ذلك على الدول الحليفة والتي تناسب الولايات المتحدة الأميركية .

–       نقل التضخم المالي من الولايات المتحدة الأميركية الى الإتحاد الأوروبي والصين.

–       تحقيق مردود مالي لخزينة الولايات المتحدة الأميركية، بعد رفع الرسوم الجمركية على المستوردات وخفض العجز في الميزان التجاري الأميركي، ويسعى ترامب، الى خفض العجز في الموازنة العامة عبر زيادة الإيرادات من خلال التعريفات المفروضة على المستوردات.

–       كما يهدف ترامب، الى استعادة المصانع  الأميركية التي افتتحت في دول أخرى لتوفير المزيد من فرص العمل في الولايات المتحدة الأميركية  وبيع منتجاتها  متعهدا ترامب بأن يكون ذلك مع ” صفر تعريفات”.

–       منع البضائع الصينية من دخول الولايات المتحدة الأميركية ودخولها سيكون من داخل الولايات المتحدة الأميركية وعبر الإستثمار في الولايات المتحدة الأميركية.

أما بالنسبة الى التداعيات يقول حجازي، إن الإضطراب القادم قد يكون أكثر وأوسع تأثيرا وأقل قابلية للتنبؤ مما تتوقعه العديد من الشركات الأميركية :

–       فالشركات الأميركية ” المتعددة الجنسيات” سيعود القسم الأكبر منها الى أميركا لتجنب الرسوم الجمركية  في هذا الوقت، قد تواجه الصين صعوبة في إنعاش إقتصادها وارتفاع في معدلات البطالة.

–       اما الشركات المتواجدة في أوروبا والتي ترغب في العودة الى الولايات المتحدة ستضطر لتصغير حجم استثماراتها تفاديا للرسوم المرتفعة وارتفاع كلفة الإنتاج خارج أميركا لا سيما السلع المخصصة للإستهلاك في أميركا.

ومما لا شكّ فيه، أن هناك خاسرون في هذا المشهد الإقتصادي العالمي، قائلاً:

الخاسرون: هم من واجهوا أميركا في السابق، واستغلوا ارتفاع كلفة الإنتاج والتضخم المالي واستقطبوا الشركات العالمية، للإستثمار والتوظيف في بلادهم مثل الصين والإتحاد الأوروبي وبعض البلدان النامية التي تعتمد على الشركات المتعددة الجنسيات في اقتصادها.

ويرى أن ترامب، سينجح من رفعه التعريفات الأميركية بتحويل مفهوم العولمة باعادة الشركات المتعددة الجنسية الى اميركا الى مفهوم يناسب المصلحة الأميركية فقط، واعادته الى بيت الطاعة الأميركي.

ويقول حجازي، أن ترامب يحاول اليوم إنقاذ الإقتصاد الأميركي، الذي شهد هروب رؤوس الأموال والإستثمارات، بسبب إرتفاع كلفة العمل والإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية  الى دول كالصين، ودول آسيا، والاتحاد الأوروبي وبعض الدول النامية، فإذا نجح ترامب بفرض الرسوم الجمركية وتطبيق السياسة الحمائية، وخفض العجز في الميزان التجاري بالتالي زيادة الإيرادات وخفض العجز في الموازنة العامة، عبر اعادة الشركات العالمية الى الأرض الأميركية سيؤدي ذلك الى زيادة الإستثمارات والإنتاج وتحقيق زيادة ملحوظة في معدلات النمو الإقتصادي، تلك  عوامل ستؤدي الى زيادة فرص العمل وانخفاض معدلات البطالة، وبهذا يكون ترامب قد وصل الى مرحلة تقليل الخسائر ووضع حدّ للخلل في الميزان التجاري مع الصين.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.