تجدّد العدوان السيبراني أمس ووزارة الصحة والمستشفيات خلية نحل
بري تشاور مع ميقاتي .. أميركا نفت تورّطها ونصرالله يقول كلمته اليوم
الشرق – ليست مجرد عملية امنية وحرب سيبرانية بين اسرائيل وحزب الله الذي قرر فتح جبهة مساندة لغزة. هي مأساة انسانية وأكثر. فاجعة اقتلعت أعين وبترت ايادي مئات الشبان اللبنانيين، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي او الطائفي. مئات الشبان انطفأت اعينهم وتحولت دنياهم ظلمة وسوادا خلال لحظة واحدة، فيما يقبع مئات آخرون بين الحياة والموت. قد يبدو الأمر عادياً ان تبتر ايادٍ او تصاب اعضاء في الجزء العلوي من الاجساد، بالنظر الى ان من انفجرت بهم اجهزة الـ»بيجر» التي فخختها اسرائيل، وهم عناصر في حزب الله، إما يحملونها في اياديهم او يضعونها في جيوبهم، وهو ما يبرر تسمية العملية «تحت الحزام»، الا ان العقول الشيطانية المُدبِرة تقصدت أذية أشدّ وطأة فوق الحزام، اذ عمدت الى ارسال رسالة ليقرأها هؤلاء فتنفجر لحظة القراءة مستهدفة الأعين بالذات، كونها تشكل اعاقات دائمة تحرم اصحابها ممارسة اي نشاط حزبي، ويصيب مخرجو العملية عصفورين بحجر، وهو ما حصل بالفعل. اسئلة كثيرة ما زالت تطرح حول كيفية حصول الاختراق الاوسع لشبكة الحزب، وأكثر منها تقديرات المحللين حول تفاصيلها وابعادها، لكن الثابت والاكيد ان ما قبل عملية اول امس لن يشبه ما بعده في مجال الصراع الدائر في المنطقة، من دون ان يعني ذلك الحرب الشاملة التي تهوّل بها اسرائيل.
تجدد العدوان
وامس دوت أصوات انفجارات في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق عدة في الجنوب والبقاع. وافيد بوقوع انفجارات في أجهزة اتصالات لا سلكية يحملها أعضاء من حزب الله، مما أدى إلى إصابة العشرات.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة حصيلة اولية لموجة التفجيرات الجديدة التي طالت أجهزة لاسلكية وفيها أن 9 اشخاص استشهدوا وأصيب أكثر من 300 شخص بجروح. وافادت معلومات بأن عددا من الأجهزة اللاسلكية نوع icom انفجرت في أيادي حامليها وداخل المنازل مما تسبب في حرائق.
ووفق التقديرات الأولية الانفجارات الجديدة طالت أجهزة اللاسلكي التي يحملها عناصر حزب الله، فضلا عن أجهزة «البيجر»، في مناطق مختلفة من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت. وقال مصدر أمني لرويترز: أجهزة الاتصالات التي انفجرت امس هي أجهزة لاسلكي محمولة ومختلفة عن أجهزة البيجر التي انفجرت أمس وحزب الله اشترى أجهزة اللاسلكي المحمولة قبل 5 أشهر في وقت شرائه أجهزة البيجر تقريبا. وتزامنت الانفجارات مع تشييح حزب الله لعدد من شهدائه في انفجارات اول امس. وطلبت قيادة الجيش بعد تفجير عدد جديد من أجهزة لاسلكية في لبنان، من المواطنين عدم التجمع في الأماكن التي تشهد أحداثًا أمنية إفساحًا في المجال لوصول الطواقم الطبية.
استيعاب الصدمة
وبعد مضي 24 ساعة على أوسع خرق امني اسرائيلي لحزب الله وشبكة اتصالاته، التي شكلت منذ سنوات موضع سجال واسع وتسببت بأحداث أليمة بين اللبنانيين ، وما زال لبنان الشعبي والسياسي والرسمي وحزب الله يحاولون استيعاب الحدث الامني غير المسبوق الذي عاشته البلاد . امس، كان القطاع الاستشفائي خلية نحل في حين سجلت سلسلة اجتماعات لمواكبة الكارثة ومعها اتصالات ومواقف دولية من مجزرة «البايجر» في وقت تتجه الانظار الى الكلمة المرتقبة عصر اليوم للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
اصابات وشهداء
في الارقام «المخيفة»، أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في مؤتمر صحافي عقده بعد الظهر اثر جولة على المستشفيات لمعاينة الإصابات جراء تفجير الـPagers أمس، أن «عدد الشهداء حتى الآن هو 12 من بينهم طفلان (فتاة تبلغ 8 سنوات وشاب 11 سنة) بالإضافة إلى عاملين في القطاع الصحّي، والجرحى ما بين 2750 و2800 مريض (750 في الجنوب و150 في البقاع و1850 في بيروت وهناك 300 مصاب بحالة حرجة). وقال إن «بعض الحالات تمّ نقلها من البقاع إلى سوريا ومنها إلى إيران وأكثر من 90 في المئة من الإصابات تواصل علاجها في لبنان»، موضحاً أن «الإصابات تركزت على منطقة الوجه واليدين ولا تزال هناك إصابات حرجة وتم إجراء 460 عملية للمصابين. ولفت إلى أن «القطاع الصحي أدّى عملاً جباراً وتمكّن من تقديم ردّة فعل مسؤولة من دون الالتفات إلى الماديّات». وأشار إلى أن «حجم الضربة كان كبيراً جدًّا والمستشفيات استقبلت عدداً هائلاً من الجرحى وفي وقت قصير من دون إنذار ووصل العدد إلى ما يقارب 2800 جريح».
بري – ميقاتي
سياسيا، إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث جرى عرض لتطورات الاوضاع السياسية والميدانية، لاسيما بعد العدوان الاسرائيلي الذي استهدف لبنان عصر اول أمس وأدى الى سقوط عدد من الشهداء واكثر من 2800 جريح . الرئيس ميقاتي اكتفى بعد اللقاء بالقول: «من الطبيعي في هذه الظروف ان اتشاور مع دولة الرئيس نبيه بري بالاوضاع الراهنة تكلمنا وناقشنا كل الامور». وأشار الرئيس ميقاتي، خلال زيارة الى وزارة الصحة بعد تجدد العدوان السيبراني، إلى «أننا هنا لكي نقيّم الدور الكبير الذي لعبته وزارة الصحة»، جرّاء العدوان الإسرائيلي على عبر انفجار أجهزة اتصالات. ولفت إلى «أننا سوف نقوم بجولة على المستشفيات». وأكّد أنّه «لا يمكن لأي إنسان أن يعبّر عن وحشية هذه الجريمة»، موضحًا «أننا في حرب مستمرة»، وقال: «طلبنا انعقاد مجلس الأمن الدولي».
مساعدات اردنية وعراقية
ومواكبة للحدث، اعلنت قيادة الجيش ان «بناء على توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، أجرى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية اللواء الركن الطيار يوسف أحمد الحنيطي اتصالًا بقائد الجيش العماد جوزاف عون، وتم بنتيجته إرسال طائرة تحمل كمية من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى مطار رفيق الحريري الدولي بتاريخ 18 / 9 / 2024، مقدمة هبة من المملكة، وذلك على أثر الاعتداء الآثم من جانب العدو الإسرائيلي، الذي أدى إلى وقوع شهداء وجرحى في مناطق مختلفة. جرى تسلم الهبة بحضور السفير الأردني في لبنان وليد الحديد وممثل العماد قائد الجيش». ووصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت صباحاً، طائرة عسكرية عراقية على متنها حمولة شحن عبارة عن مواد طبيّة، كان في استقبالها وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض والقائم بأعمال السفارة العراقية أمين نصراوي وقائد جهاز أمن المطار العميد فادي الكفوري.
نفي اميركي
على صعيد المواكبة الدولية، وفي حين دعت الامم المتحدة محاسبة «المسؤولين عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، نفى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تقارير أفادت بأن الولايات المتحدة ضالعة أو على علم مسبق بعملية تفجير المئات من أجهزة الاتصال التي يستخدمها «حزب الله» في لبنان. من جهة ثانية، قال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في القاهرة: «ان وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة هو أفضل وسيلة لمنع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط. وقال «نعلم جميعا أن وقف إطلاق النار هو أفضل فرصة للتصدي للأزمة الإنسانية في غزة ومعالجة المخاطر التي تهدد الاستقرار الإقليمي»، وفق ما نقلت «فرانس برس».
اتصالات داعمة
ايضا، تلقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إتصالا من رئيس جمهورية العراق عبد اللطيف رشيد عبّر خلاله عن تضامنه مع لبنان في هذه المحنة التي يمر بها، مؤكدا ان العراق يضع كل امكاناته في سبيل دعم لبنان لتجاوز ما تعرض له بالامس. وقد شكر رئيس الحكومة للرئيس العراقي عاطفته ، مؤكدا ان لبنان يقدر للعراق وقوفه المستمر الى جانبه، كما شكره على ايفاد طاقم طبي وارسال شحنة مساعدات طبية الى لبنان صباح اليوم لدعم جهود الاغاثة. كذلك تلقى رئيس الحكومة اتصالا من وزير خارجية تركيا هاكان فيدان الذي نقل اليه تحيات الرئيس رجب طيب أردوغان وتضامنه مع لبنان في هذا الظرف الصعب واستعداد تركيا لمد لبنان بكل المساعدات اللازمة لتجاوز المحنة الراهنة. وقد عبّر رئيس الحكومة في تصريح عن شكر لبنان وتقديره لكل الدول التي عبّرت عن تضامنها معه في هذه الظروف الصعبة وهي الاردن والعراق وتركيا ومصر وسوريا وايران. كما اشاد رئيس الحكومة بالوحدة الوطنية التي تجلّت بالامس بعد الحادث الجلل الذي حصل، مؤكدا ان هذه الوحدة هي الرد الاقوى على العدوان الاسرائيلي على لبنان وشعبه.