بقلم مروان اسكندر – عبق سامر
يوم الاثنين بتاريخ 19 آب كان وداع سامر بالصلاة على وفاته بتاريخ 13 آب في باريس.
والدته منى بحنو وحبها كانت تحارب الانهيار وبسبب حبها ونفسيتها استطاعت كما ابنته ذات ال12 عامًا التي رسمت لوحة لوداعه بالالوان وحاز المشاركون في صلاة الوداع هذا الرسم المفعم بالحب.
الصلاة جرت في كاتدرائية واقعة في الجادة اليسارية في باريس التي تحتوي الجامعات والمؤسسات العلمية والتي كانت مرتكز التحركات الشعبية في الستينات التي نتج عنها ابتعاد الجنرال ديغول عن الحكم وادخال تعديلات دستورية.
المودعون لذكر سامر كانوا حوالى ال400 ويجب التذكير بان آخر سفرات التعرف على الحضارات كانت قد رتبتها له ولابنتهما زوجته ايزابيل منذ شهر وقد ترافق الثلاثة مع بعضهم في زيارة لليابان. وكان سامر منذ سنتين ونصف وقبل معاناته من مرض السرطان قد توجه على دراجته النارية في رحلة من باريس الى موسكو وجرت تغطية هذه الرحلة في مجلة لبنانية.
لقد حاز سامر مستوى تعليمي جيد ومتنوع منذ التحاقه في مدرسة لويس فاغمان في لبنان، ومن ثم كلية لندن لعلوم الاقتصاد والمال حيث انجز الدكتوراه بوضع اطروحة حملت افكارًا تغيرية لا زالت حتى تاريخه سارية وشاملة للاقتصاديين على مستوى عالمي.
كان الحضور لوداع عبق سامر منوعًا ووفر دليلاً على حب الاصدقاء له، فانوجد مالك بكداش، ومكرم ريشاني من بيروت، وابن عمه الذي عاون في انجاز ترتيبات الخدمة الكنسية والذي وفد من الولايات المتحدة واستمر في ملاحقة حاجات العناية بسامر مع زوجته الكريمة ووالدته منى، ومن الولايات المتحدة وفد مع زوجته الكريمة من بلدة قلحات في الكورة، اريك الذي انتسب الى عائلة ارمنية كريمة في لبنان، قبل توجهه الى الولايات المتحدة للاختصاص في جراحة الدماغ وقد اصبح من المعروفين عالميًا في هذا الاختصاص.
تواجد اريك وزوجته كان يقصد جمع عائلة سامر الذي كان طريح الفراش والحاجة الملحة لتنفس الاوكسجين. ومنذ اشهر زارت قرينة اريك وشقيقتها باريس لتفقد سامر ونجاح علاجه.
سامر كان طويل القامة تكلل رأسه كتلة شعر اشقر وعينيه تشعان بالزراق ونفسه منفحة على الاصدقاء، وقد تجلى اثره المهني حينما برز في عقد التسعينات كمعلق رئيسي على قضايا الاقتصاد والمال وتطور برنامج تنفيذ اعتماد اليورو كعملة للاتحاد الاوروبي.
العقد الاخير من حياته قضاه في انجاز اطروحة الدكتوراه لجانب كلية الESCP التي اصبح استاذًا فيها خلال السنوات الاخيرة من حياته، ومن ثم التحق بمجلس ادارة البنك اللبناني الفرنسي الى جانب وليد روفايل رئيس مجلس الادارة المدير العام وابن مطور البنك الوزير فريد روفايل الذي ادار المالية العامة بكفاءة نادرة خلال عهد الرئيس الياس سركيس الذي شهد احداث امنية كبيرة.
لقد قضى سامر في عضوية البنك اللبناني الفرنسي 9 سنوات ومارس التعليم في كلية الESCP التي تخرج منها ومن السوربون، وبالمناسبة منذ ثلاث سنوات حاز سامر على تصويت تلامذة كليته كأفضل محاضر عن شؤون المصارف والمال، ووفاته شهدت مشاركة شكري شماس المستثمر الناجح في موناكو.
تأكيدا على انتسابه الى لبنان تعاقد مع كلية الESA لدراسة المال وادارة الاعمال وكان يقوم بالسفر الى لبنان بين اشهر السنة بضع رحلات ويلقي محاضرات قيمة وهذه النشاطات استدت انتباه رئيس مجلس ادارة البنك اللبناني الفرنسي والذي تملك نسبة 70% من بنك في فرنسا اسمه الشركة المصرفية العربية SBA والذي اسسه كاتب هذه السطور.
لقد انتقل سامر الى رحاب العناية الإلهية ولنا من ذكراه عبق يغلف حياتنا وبقية عمرنا.
مروان اسكندر