بعد الزلزال غير ما قبله
كتب عوني الكعكي:
كَثُر الحديث عما سيفعله رئيس الجمهورية الجديد جوزاف عون في موقعه الجديد… وما كان يفعله في موقعه القديم كقائد للجيش، حين جنّد نفسه وسعى لتأمين الأموال كي لا يجوع الجندي. فكانت قراراته صائبة، ومواقفه تدل على حنكة وخبرة وتفانٍ وإخلاص.
وقبل الخوض في ما يمكن أن يفعله الرئيس جوزاف عون… أذكر أنّ هناك زلزالين حدثا في المنطقة ساهما في اختيار الرئيس عون لرئاسة الجمهورية.
الزلزال الأول: سقوط الرئيس السوري الهارب بشار الأسد خلال أسبوع من بدء الثورة التي أطاحت به… هذا الهروب الذي حدث بسرعة لم يكن أحد يتوقعه أبداً…
لقد تهاوى النظام القابع على رقاب السوريين… فكأنه زلزال ضرب الجمهورية العربية السورية فقلب الأوضاع فيها رأساً على عقب.
وكي أكون موضوعياً ومنصفاً في الوقت نفسه… لا بدّ من إلقاء الضوء على الإيجابيات والإنجازات التي حققتها الثورة في سوريا:
أولاً: تعيين حاكم مصرف لسوريا الجديدة هي السيدة ميساء صابرين (النائب السابق لحاكم المصرف) والتي قالت بأنها تريد تعزيز استقلالية البنك المركزي في ما يتعلق بقرارات السياسة النقدية. في حين سيكون هناك تحوّل كبير عن رقابة الدولة المتشددة على البنك أثناء حكم بشار.
صحيح إنني لا أعرف السيدة ميساء شخصياً، لكن رئيس مجلس أحد البنوك اللبنانية الكبيرة أشاد بها، وقال: إنها اكتشاف عظيم في عالم المال.
ثانياً: السماح لمحمد حمشو واجهة ماهر الأسد الاقتصادية، ورجل العهد البائد بالعودة الى سوريا بعد اتفاق تمّ بدفع مبلغ مليار دولار والمساهمة في إعمار سوريا.
ثالثاً: إعادة البيوت والعقارات لأصحابها، عند تقديم المستندات التي تثبت ملكيتها.
رابعاً: تعيين المطران حنا معلوف محافظاً لحلب… حيث برزت صوابية الاختيار، وحنكة وحكمة صاحب هذا القرار.
أكتفي بهذه المعلومات عن «الجزء السوري» الذي سميته «الزلزال الأول». ولي عودة الى مزيد من هذه المعلومات في القريب العاجل.
الزلزال الثاني: استشهاد أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله، وقائد المقاومة اللبنانية. إذ لم يكن أحد يتصوّر أنّ حدثاً بل زلزالاً بهذه الضخامة قد يمر مرور الكرام… وهنا أستشهد بحديث أجراه الزميل رفيق نصرالله حول هذا الموضوع بعد استشهاد السيّد حين قال: كنت أعتقد أنّ الدنيا سوف تتزلزل باستشهاد الأمين العام.
صحيح أن الحزن والغضب أصابا كل لبناني في الصميم، حتى أن هذا الحزن تخطى حدود لبنان. لكن حادثة الاستشهاد وزلزالها مرّا بسلام، وإن كان الزلزال الثاني كالزلزال الأول ساهما في اختيار وانتخاب الرئيس جوزاف عون كما ذكرت.
لقد تمّ انتخاب القائد جوزاف عون رئيساً بـ99 صوتاً.
ولم يكن هذا الانتخاب مفاجئاً… بل على العكس… فإنّ ليَ الشرف بأنني كنت أوّل من تكهّن وبشّر بذلك.
ورافق انتخاب القائد رئيساً، اختيار القاضي نواف سلام ابن البيت البيروتي العريق. فتاريخ عائلته ووالده وتاريخه الشخصي «يرفع الرأس» ويؤذن بالخير. ويكفي أنه اتخذ قرارات جريئة وعروبية حين اعتبر احتلال إسرائيل لفلسطين غير شرعي، وطالبها بالانسحاب وفكّ مستوطناتها.
انتخاب جوزاف عون واختيار نواف سلام زلزال ثالث، وأنا على ثقة تامة بأنّ الحكومة الجديدة برئاسة سلام ستبصر النور قريباً بالتفاهم بين الرئيسين عون وسلام ودولة الرئيس نبيه بري، رجل الحكمة والصبر.
كما أؤكد ثقتي بأنّ حكومة كهذه، تولد بعد تشاور الرؤساء الثلاثة، ستحدث تغييراً وزلزالاً في السياسة اللبنانية… كما أؤكد أيضاً أن بعد الزلزال هذا ليس كما قبله.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.