انطلاق تنفيذ المرحلة الاولى من اتفاق هدنة غزة
صدحت أصوات سكان قطاع غزة بالتهليل والصفير، عند الساعة الثامنة والنصف من صبيحة الأحد، مع هدوء أصوات الطائرات والغارات الإسرائيلية بشكل لم يشهدوه على مدار أيام الحرب الماضية، وذلك مع بداية دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بعد تقديم الموعد لأربع ساعات، غير أن جيش الاحتلال تعمد تنغيص الفرحة، بتنفيذ عدة استهدافات طالت مناطق قريبة من الحدود والتوغل البري، ما أدى بحسبما أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وصول 14 شهيدًا و25 مصاباً الى مشافيها، نتيجة الهجمات الإسرائيلية خلال الساعات الـ 24 التي سبقت دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ، وذلك بالإضافة إلى الشهداء الذين سقطوا بعد دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وذكرت مصادر مطلعة أن تقديم موعد وقف إطلاق النار، جرى الاتفاق عليه في مفاوضات غير مباشرة استضافتها العاصمة المصرية القاهرة، بحثت الترتيبات الفنية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وخلال هذه المحادثات التي جرت الجمعة، جرى الاتفاق ليلا على تقديم موعد التنفيذ، بعد تأكيد الطرفين حماس وإسرائيل، على القدرة على وقف كل الهجمات عند هذه الساعة، ليتم حقن دماء الكثير من الضحايا، الذين اعتادت إسرائيل قتلهم بغاراتها العنيفة.
وعلم أن المقاومة أكدت أنها أوصلت رسائل لكل خلاياها الميدانية بالتوقف عن الهجمات التي تنفذها ضد قوات الاحتلال في القطاع، مع حلول موعد الثامنة والنصف من صبيحة الأحد، وذلك بعد أن جرى وضع الخطط اللازمة لهذا الأمر، فيما نقل الجانب الإسرائيلي المفاوض، تأكيدات على قدرة الجيش الإسرائيلي التوقف عن الهجمات عند هذه الساعة، وهو ما لم يتم إلا عند الحادية عشرة والربع ظهرا، على أن يباشر بالانسحاب حسب خطة المرحلة الأولى من مناطق التوغل، وهو ما تم جزء منه ليل السبت، حين انسحبت قوات الاحتلال من الكثير من مناطق التوغل شمال القطاع ومن مدينة رفح، وأبقت على التواجد في عدة مناطق حدودية، وفي “محور نتساريم” و”محور فيلادلفيا”.
وخرج الأهالي إلى الشوارع، وشرعوا بالتهليل من جديد، على غرار ما فعلوه عندما جرى الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، غير أن هذه المرة اختلفت عن السابق، لاقترانها بوقف إطلاق النار، وفي مشفى الأقصى وسط القطاع علت التهليلات وتكبيرات العيد المعروفة، وهناك رفعت الأعلام الفلسطينية ووزعت الحلوى، وهتف المواطنون بشعارات “جنة جنة جنة فلسطين يا وطنا”، و”على القدس رايحين شهداء بالملايين”، كما سمع أصوات إطلاق نار في الهواء، وهو مشهد غاير ما تشهده ساحة المشفى يوميا خلال أيام الحرب، حين كانت تزدحم بجثث الضحايا استعدادا لتشييعهم. كما شهدت ساحة المستشفى المعمداني في مدينة غزة احتفالات مشابهة و سارت اسعافات الدفاع المدني واطقم طبية في الطرق احتفاء بوقف النار، كما احتفل مواطنون بالتهدئة في مناطق شمال القطاع، التي عانت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عملية توغل برية كبيرة، وانطلق الأطفال والشبان والرجال والنساء في الشوارع وفي مناطق النزوح يجوبون مناطق سكنهم، وصدحت أصوات أطفال من مركز إيواء يقع قرب المدخل الرئيسي لمخيم النصيرات وهو يهتفون “هدنة هدنة”، وقال شهود عيان إن منطقة مواصي خان يونس التي يقيم فيها مئات آلاف النازحين في معسكرات الخيام، شهدت أجواء مماثلة، وأن باعة البسطات الشعبية، استخدموا كلمة التهدئة في الترويج لبيع البضائع، كما سمعت أصوات إطلاق نار في عدة مناطق في القطاع، ابتهاجا بالتهدئة.
عودة لمناطق الدمار
وعقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تحرك مواطنون إلى مقربة من مناطق سكنهم القريبة من الحدود الشرقية لوسط قطاع غزة، كما تحرك مواطنون إلى مناطق التوغل البري التي انسحب منها جيش الاحتلال في مدينة رفح جنوب القطاع، وفي مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا شمال القطاع مشيا على الأقدام، وهي مناطق كان يمنع الاقتراب منها خلال الفترة الماضية، ليفاجأوا من حجم الدمار الكبير الذي أصاب تلك المناطق، فيما تجول آخرون من مدينة غزة في مناطق الدمار الكبير في حي الشجاعية شرقا، فيما قام نازحون في منطقة مواصي خان يونس بتفكيك خيامهم ونقلها إلى المنطقة الشرقية للمدينة، حيث منازلهم التي دمرها الاحتلال هناك.
وحسب تحليلات صور الأقمار الصناعية، والمؤسسات الرسمية الفلسطينية، فإن جيش الاحتلال تعمد تدمير حوالي 70% من مباني قطاع غزة، وهو أمر أيضا أكده تقييم أضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار اصطناعية (يونوسات).
وانتشر مسلحون يتبعون أجهزة الشرطة والأمن في غزة وفصائل المقاومة، بعضهم يضع أقنعة على وجوههم وهم يستقلون عربات في شوارع مدينتي رفح وخان يونس ووسط القطاع، وشرع أفراد شرطة بلباسهم الرسمي لأول مرة منذ بدء الحرب بتنظيم حركة السير وتيسير أمور الحياة، وقال ضابط برتبة رائد كان على رأس قوة شرطية في مدينة خان يونس، إن أوامر صدرت إليهم من قيادة شرطة غزة، بالنزول باللباس الرسمي والبدء بتنظيم سير حياة السكان، فيما أكدت جهات مختصة أنه سيجري على الفور ملاحقة قطاع الطرق والأشخاص الذين اعتادوا على نهب قوافل المساعدات.
“كتائب القسام” تسلم 3 أسيرات إسرائيليات والاحتلال يطلق 90 أسيراً بموجب الاتفاق
سلمت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، مساء الأحد، 3 أسيرات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر الدولي بمدينة غزة في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وسلمت “كتائب القسام” الأسيرات الإسرائيليات الثلاث إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ساحة السرايا وسط مدينة غزة، ضمن إجراءات المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس “أبو عبيدة”، في بيان: “في إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى، قررت كتائب القسام الإفراج، الأحد، عن الأسرى الصهاينة التالية أسماؤهم: رومي جونين (24 عاماً)، إميلي دماري (28 عاماً)، دورون شطنبر خير (31 عاماً)”.
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الصليب الأحمر أبلغه بتسلم المحتجزات الإسرائيليات الثلاث، كما نقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) عن مسؤول إسرائيلي أنهن سلّمن إلى الصليب الأحمر.
ونقل موقع ”واللا” عن مسؤول إسرائيلي أن الصليب الأحمر أبلغه أن “الوضع الصحي للأسيرات الثلاث جيد”، كما قالت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الأسيرات سيخضعن لفحص طبي أولي ثم ينقلن عبر مروحيات إلى المستشفيات لإجراء فحوص شاملة”. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن نقطة الاستلام الأولية للأسيرات الإسرائيليات الثلاث ستكون معسكر رعيم في غلاف غزة. وقالت إذاعة الجيش بوقت سابق إنه أكمل استعداداته لاستقبال المحتجزات فورا عبر نشر وحدات مختارة على حدود قطاع غزة. وفي تصريح له من معسكر رعيم، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس قبيل عملية التسليم إن جيش الاحتلال سيحرص على الاحتفاظ بالمناطق العازلة وسيرد بقوة على أي انتهاك.
وتعليقا على عملية التسليم، قال ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن حكومته “تحتضن الأسيرات الثلاث وقد أبلغت عائلاتهن بأنهن الآن مع قواتنا”، واضف أن “حكومة إسرائيل ملتزمة بإعادة جميع المخطوفين والمفقودين”. في الأثناء، حصلت وكالات الاعلام على لائحة أسماء الأسرى الفلسطينيين الـ90 الذين افرج عنهم ضمن الدفعة الأولى، وتُظهر اللائحة أن جميع الأسيرات من الضفة الغربية والقدس الشرقية وان ليس بينهم احد من القادة الكبار المعتقلين في سجون الاحتلال كاحمد سعدات او مروان البرغوثي .
وتضم اللائحة 76 أسيرا من الضفة الغربية و14 من القدس الشرقية، بينهم 69 امرأة و21 طفلا، وتتضمن اللائحة أسماء صحفيات وناشطات، وأيضا خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية.
كما أفادت صحيفة “إسرائيل اليوم” بأنه تم إطلاق سراح 90 أسيرا فلسطينيا، 78 منهم توجهوا إلى الضفة الغربية و12 إلى القدس الشرقية، في حين قال مكتب إعلام الأسرى في قطاع غزة إن الاحتلال هدد العائلات ومنعها من التجمع لاستقبال الأسرى ورفع علم فلسطين أو رايات المقاومة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.