انتهت مهمّة ولاية الفقيه ونجح مخطط كيسينجر [الحلقة الأولى]

117

كتب عوني الكعكي:

انتهى الاجتماع المنعقد بين أميركا وإيران في سلطنة عُمان… المبعوث الأميركي قال: هذه ليست مفاوضات وإنما اجتماع ثلاثي بينه وبين وزير خارجية إيران ووزير خارجية عُمان.

أما إيران فصرّحت بأنها مفاوضات غير مباشرة. وهذا إرضاء لجمهورها. والاجتماع لم يستغرق أكثر من عشر دقائق فقط.

ما حصل هو: إن المبعوث الأميركي سلّم وزير خارجية إيران عرقجي ورقة فيها 12 أمراً غير قابلة للنقاش. لكن عرقجي دُهِش من هذه الأوامر و «انصعق»، وقال: لا أملك أي صلاحية للردّ.

وأهم هذه الأوامر:

– تغيير نظام الحكم في إيران الى رئاسي غير إسلامي.

– إنهاء دور الحرس الثوري الإيراني.

– إنهاء وجود كل الفصائل التابعة لإيران في العراق وجميع دول المنطقة.

– إنهاء برنامج إيران النووي واستخدام التجربة الليبية في تفكيك المفاعل النووي وتسليمه بالكامل مع علمائه وخبرائه.

هذه التسريبات جعلتنا نؤكد أن المخطط الذي خطّط له وزير خارجية أميركا د. هنري كيسينجر عام 1973 عندما جاء الى المنطقة إثر اندلاع حرب 6 أكتوبر كما يسميها الإخوة المصريون أو حرب تشرين المجيدة كما يسميها السوريون (حرب السادس من تشرين)، يُنَفّذ حالياً وسنعمد الى تفصيله في حلقات. حرب تشرين كانت الحرب الأولى والوحيدة التي اجتمع فيها العرب، أي مصر وسوريا والسعودية والكويت والمغرب والجزائر والأردن، على القيام بحرب لتحرير الأراضي العربية واستعادة فلسطين.. وبالفعل فقد أرسلت المملكة العربية السعودية 5000 عسكري الى مصر، و5000 عسكري الى سوريا، كذلك فعلت الكويت. أما المغرب فقد أرسلت فرقة سمّيت «التجريدة المغربية» التي تميزت بتحرير جبل الشيخ.

يومها اجتمع وزير خارجية أميركا د. هنري كيسينجر مع السيدة غولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، وقال لها يجب البدء بإنهاء الجيوش العربية الثلاث: مصر وسوريا والعراق، إذ لا يمكن لإسرائيل أن تعيش بوجود تلك الجيوش الثلاثة حولها.

بدأ التهديد الأميركي الى مصر يومها، يومذاك قال الرئيس أنور السادات بعد تهديد باستعمال السلاح النووي ضد الجيش المصري، انه لا يقدر أن يحارب أميركا، وكانت هذه رسالة لتحييد مصر.

بعدها طبعاً جرى المخطط أن يذهب هنري كيسينجر الى إيران ويتفق مع شاه إيران على القيام بحرب ضد العراق، ولكن فوجئ كيسينجر برفض المخطط، فما كان من كيسينجر إلاّ أن وضع مخططاً بعزل الشاه والمجيء بآية الله الخميني الذي يحمل مشروع التشييع، يعني أنه يريد أن يحوّل ملياراً وخمسماية مليون سنّي الى شيعة، مع العلم أن آية الله كان هارباً في العراق، وكان الرئيس صدّام حسين يريد تصفيته، ولكن الأميركيين حذروا صدّام من عاقبة فعلته إذا نفذها.

أخذوا آية الله الخميني الى باريس، واستأجروا شقة باسم المخابرات المركزية الأميركية وأسكنوه فيها، وبدأوا يحضرونه للزحف الكبير.

نجحوا في إنشاء حالة شعبية في باريس من خلال «الكاسيت» المؤلفة من خطابات تدعو للثورة وإلى التشييع، بعدها أخذوه الى طهران وخلعوا الشاه، ونصّبوا آية الله الخميني، وأعطوه منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، وتم نفي الشاه الذي كان قد أشرف على الموت، ولم ترضَ أي دولة في العالم أن تستقبله، إلاّ الرئيس السادات الذي استقبله على المطار وأسكنه في قصر رئاسي… ولكنه لم يعش طويلاً لأنّ المرض داهمه بسرعة.

عندما تولى آية الله الخميني السلطة في إيران، بدأ تنفيذ مخطط كيسينجر، حيث كان أول عمل قام به انه أعلن الحرب على العراق تحت شعار التشييع، وكي يغطي مؤامرته أقفل السفارة الإسرائيلية في طهران واستبدلها بإقامة أول سفارة لفلسطين في العالم.

لم يكتفِ بسرقة علم فلسطين بل أعلن الحرب على إسرائيل، ورفع شعار تحرير القدس، ومن أجل ذلك أقام ما يسمّى بـ«فيلق القدس»، هذه الفرقة التي كانت مهمتها تحرير القدس وعيّـن على رأسها اللواء قاسم سليماني وهو من كبار ضباط الحرس الثوري. بالمناسبة هذا الفيلق لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، وهذا إثبات على الكذب والخديعة الإيرانية.

لم يكتفِ الخميني بذلك، بل رفع شعار «الشيطان الأكبر» أي أميركا، و «الشيطان الأصغر» أي إسرائيل… ورفع شعار الموت لأميركا، كل هذا السيناريو ليغطي نظام الملالي هدفه الذي لم يكن إسرائيل بل الجيش العراقي والسوري لاحقاً.

بالفعل، فإنّ المخطط الذي رسمه كيسينجر بدأ ينفذ بدءاً بإسقاط شاه إيران الذي رفض الحرب على العراق عام 1980.. علماً أن نظام الملالي تسلم إيران عام 1978 أي قبل سنتين من قلب نظام الشاه بدأ تنفيذ مخطط كيسينجر الذي تحدثنا عنه.

حرب إيران – العراق استمرت 8 سنوات وكانت نتيجتها القضاء على الجيش العراقي وعلى الجيش الإيراني، وكلفت 1000 مليار دولار لكل دولة. بالمناسبة إن نظام الخميني كان يرسل المقاتلين الى الجبهة وهم يلبسون أكفانهم مع شرائهم أراضٍ في الجنة، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أن سلاح الدين هو أقوى سلاح في العالم، وبتواضع أقوى من السلاح النووي.

انتهت الحرب عندما دمّرت البلدين، العراق وإيران، وقال آية الله الخميني عندما اضطر الى إعلان وقف إطلاق النار: إنّه يتجرّع كأس السم.

وإلى اللقاء في الحلقة المقبلة

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.