النمو تحوّل انكماشاً مع تداعيات حرب الجنوب.. وتوقّعات 2024 ضبابية حتى إشعارٍ آخر
ميريام بلعة
الشرق – الحرب الإسرائيلية تدور رحاها في الجنوب ملامِسة بعض البلدات البقاعية، لكن تداعياتها الاقتصادية لا تقتصر على هذه المناطق فحسب، إنما تُصيب صميم الاقتصاد اللبناني بكامل مفاصله حيث الأرقام كبيرة وقابلة للتزايد وفق السيناريوات المحتملة وبحسب تفاوتها، ناهيك عن أن مجلس الإنماء والإعمار لم يبدأ حتى اليوم بإحصاء الخسائر ومَسح الأضرار المادية بما يزيد من معدلات كلفة الحرب المبيّنة إلى الآن. الوضع ضبابي بالنسبة إلى القطاع الخاص، كما أن الرؤية غير واضحة… في العام 2023 استطاع القطاع الخاص استيعاب صدمة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية، أما اليوم فهو يحاول جاهداً تأمين استمراريّته في ظل الضبابية المشوبة بمخاطر الحرب الإسرائيلية. تداعيات التصعيد الأمني كبيرة والمخاطر تهدّد المستقبل الاقتصادي بكل قطاعاته… ماذا عن النمو الاقتصادي الذي ما أن بدأ يُظهر أرقامه في العام 2023، حتى بدأ يتحوّل انكماشاً في المرحلة الراهنة؟! رئيس دائرة الأبحاث المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور نسيب غبريل يفنّد عبر «المركزية» حجم خسائر الاقتصاد اللبناني من حرب غزة والعدوان الإسرائيلي على الجنوب، ليعتبر بدايةً أنه «يجب العودة إلى العام 2023 لتقييم أداء الاقتصاد آنذاك لغاية 7 تشرين الأول، لنجد أنه كان جيداً. إذ توقعنا أن يحقق نمواً بنسبة 2% في العام الماضي وكانت النسبة الإيجابية الأولى للاقتصاد اللبناني منذ العام 2017، وسبق هذه التوقعات وضع القطاع السياحي الذي سجّل أداءً مميّزاً منذ أوائل العام 2023 وليس في موسم الصيف فقط، الأمر الذي ينسحب على 14 قطاعاً رديفاً يستفيد من الحركة السياحية». إنما التحسّن الاقتصادي لم يقتصر على القطاع السياحي وحده، يقول غبريل، «بل سُجِّلت أيضاً حركة إيجابية في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات التي لديها أسواق في الخارج، وكان هناك اندفاع لا سيما في القطاع السياحي. إنما اندلعت حرب غزة وبدأت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، ما فَرمَل هذه الاندفاعة… لكن ذلك لا يمنع من أن يحقق الاقتصاد اللبناني في العام 2023 نسبة نمو إيجابية إنما لن تصل إلى 2%، بل ربما 1%».
أما تداعيات الوضع الأمني المتدهور، فيفنّدها غبريل على النحو الآتي: – 92 ألفاً و600 نازح من مناطق الجنوب منذ اندلاع الحرب ولغاية منتصف نيسان 2024. – الحركة الاقتصادية تشكّل 25% من الحجم الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب. – الحياة المدنيّة شبه مشلولة. – 72 مدرسة في الجنوب مغلقة كلياً أو جزئياً، ما يؤثّر سلباً على دراسة 20 ألف تلميذ. – 6 مراكز صحيّة أوّليّة في بنت جبيل ومرجعيون، مُغلقة تماماً. – 800 هكتار من الأراضي الزراعية متضرّرة. – 9 مصالح مياه متضرّرة. – 344 ضحيّة وألف جريح لغاية 24 نيسان الجاري. ويكشف في السياق، عن توقعات من مصادر مختلفة، ليبدأ من: – منظمة الأمم المتحدة لغرب آسيا «الإسكوا» التي تُفيد بأنه «لو لم تحصل الحرب لكان حقق الاقتصاد اللبناني نمواً بنسبة 1،2% في العام 2023 ولكن بسبب تداعيات الحرب انكمش الاقتصاد بنسبة 3% في العام نفسه. في ضوء هذه الوقائع والأرقام، يلاحظ غبريل أن «الفرص الضائعة للاقتصاد اللبناني توازي 4،2% من الناتج المحلي في العام 2023».
– للبنك الدولي قراءة شبيهة، إنما مختلفة بأرقامها، حيث توقع أن يحقق الاقتصاد اللبناني في العام نفسه نمواً بنسبة 0،2% إنما بنتيجة الحرب قدّر حصول انكماش بنسبة 0،2%. إذاً الفرص الضائعة للاقتصاد اللبناني توازي 0،4% من الناتج المحلي في العام 2023.
– بالنسبة إلى العام 2024، ترى «الإسكوا» أنه لولا الحرب لكان حقق الاقتصادي اللبناني نمواً بنسبة 1،3%، لكن مع تداعيات الحرب تتوقع انكماشاً اقتصادياً بنسبة 0،9%. أي الفرص الضائعة للاقتصاد اللبناني توازي 2،2% من الناتج المحلي في العام 2024.
– البنك الدولي يتوقع أن يسجل العام 2024 نمواً نسبته 0،5% في حال توقفت المواجهة الأمنية في النصف الثاني من العام الجاري.
أما غبريل فلن يتمكن، على حدّ قوله، «من وضع رقم واحد للعام 2024 نظراً إلى ضبابية الأوضاع حيث لا أحد يعلم متى ستنتهي الحرب وكيف!».