النتائج الإيجابية للقمة العربية والإسلامية

32

بقلم د. ابراهيم العرب

لقد ظهر المسلمون والعرب في قمتهم غير العادية صفًا واحدًا ويدًا واحدة، حينما أطلقوا من خلالها رسالة كل قادتهم وزعمائهم، وخرجوا بموقف موحد إزاء الانتهاكات الإسرائيلية؛ حيث أكد المشاركون على رفض التمادي الإسرائيلي في انتهاك الإنسانية، سواء في غزة أو لبنان؛ وطالبوا المجتمع الدَّوْليّ بتحمل مسؤولياته في التصدي لسياسة البطش الصهيوني.

التضامن العربي والإسلامي

لقد ركز الزعماء على أهمية التعامل مع هذه الأزمات والغطرسة الإسرائيلية والجرائم الممنهجة التي تستهدف الأمة العربية وليس فقط فلسطين وحدها؛ وأكّدوا على تضامنهم الكامل مع الشعب الفلسطيني، وحَيّوه على صموده الباسل والمشروع ونضاله وحقه بإقامة دولته، ذلك أن السلام الدائم في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وبمواصلة العمل مع المجتمع الدَّوْليّ لتسريع التوصل إلى حلّ الدّولتين ووقف التهجير القسري لسكان غزة وإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية.

التعاون الدَّوْليّ والأمني

حرص القادة على التعاون مع جميع الدول والمؤسسات لتحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة وحشد الجهود من أجل تحقيق أهدافهم النبيلة. وأضافوا أنه يجب تنفيذ وقف فوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، مؤكّدين أن للشعب الفلسطيني الحق الكامل في دولة مستقلة.

أهمية البيان الختامي

 إن أهمّ ما أشار له البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية غير العادية التي انعقدت في الرياض، هو أن الدول المجتمعة ستعمل على حشد الدعم لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها. كما طالب البيان كافة الدول بحظر تصدير أو نقل الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، ودعا مجلس الأمن الدَّوْليّ إلى اتخاذ قرار يلزم إسرائيل بوقف سياساتها غير القانونية التي تهدّد الأمن والسلم في المنطقة.

وأكد البيان على مركزية القضية الفلسطينية والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقّه في الحرية والدولة المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967. كما شدّد على حق اللاجئين في العودة والتعويض بموجب قرارات الشرعية الدولية، والتصدّي لأي محاولات لإنكار أو تقويض هذه الحقوق. وجدّد البيان التأكيد على «سيادة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلة، عاصمة فلسطين الأبدية، ورفض أي قرارات أو إجراءات إسرائيلية تهدف إلى تهويدها وترسيخ احتلالها الاستعماري لها، باعتبارها باطلة ولاغية وغير شرعية بوجه القانون الدَّوْليّ وقرارات الأمم المتحدة».

الدعم الدَّوْليّ والشعبي

لقد دعا القادة العرب والمسلمون إلى توفير كافة أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتوليها مسؤولياتها بشكل فعال على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ التي تشمل قطاع غزة والضفة الغربية وبما فيها القدس الشرقية.

الكلمة الحاسمة لولي العهد السعودي

كانت الكلمة الحاسمة لولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، حيث أكّد أن قمة الرياض وما تمخّض عنها من قرارات ستسهم في حلحلة الكثير من الأزمات التي تعيشها المنطقة بما يحقق تطلّعات الشعوب العربية والإسلامية، لاسيما أنّ الدعوة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية لعقد قمة عربية إسلامية هي لحشد الجهود الدولية على كافة المستويات من أجل وقف نزيف الدماء في غزة ولبنان؛ وكذلك لأن قرارات القمة وما جاء في المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية السعودي يجعلنا نتفاءل بأن القادم سيكون أفضل بوحدة الصّفّين العربي والإسلامي والتفافهم على مواجهة التحدّيات الراهنة والقادمة والقضاء على مساعي إسرائيل وحلفائها في تحقيق الشرق الأوسط الجديد.

التحديات والمستقبل

شدّد سمو الأمير محمد بن سلمان، أثناء تعبيره عن الموقف العربي والإسلامي الشجاع، على ضرورة إدانة كل الزعماء الحاضرين لسياسات القتل الممنهج بشكل قاطع بحق المدنيين في قطاع غزة، لاسيما بعدما كانوا حاسمين حينما قالوا إننا سنقف ضدّ جميع المخطّطات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر تهجير السكان المحليين المدنيين، أو نقلهم قسريًا، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة وهو أمر لن نقبل به تحت أي ظرف من الظروف.

وعلى هذا، فإن الشرط الضروري لتحقيق الأمن والاستقرار، والانتقال من نظام إقليمي جوهره الصراع والعداء إلى آخر يقوم على السلام والتنمية هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

دور المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط

 لا بد من الإشارة إلى أن دور ولي العهد السعودي لا يمكن تلخيصه بمجرد كلمات، لأنه دور تاريخي بفصوله المختلفة، فلطالما كانت المملكة العربية السعودية المدافع الأول عن القضية الفلسطينية والمتصدّية لتصفيتها؛ لذلك جاءت هذه القمة العربية الإسلامية في هذا السياق التاريخي المشرّف. فضلًا عن أن الموقف الختامي للقمة المعلن يقف حائطَ صدٍّ قوي أمام مخططات تهويد الضفة الغربية وغزة، فلقد أطلق العرب اليوم الأمل في نفوس المظلومين في غزة ولبنان وكل شبر يعاني من وحشية إسرائيل؛ ونحن إلى ذلك نثق في قدرة الأمتين العربية والإسلامية على إجبار إسرائيل على احترام قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 242 و338 التي تنص على ضرورة انسحاب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 1967، وإقامة دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة.

وختاماً، أهم ما جاء في رسالة القمة العربية والإسلامية أنها جمعت قادة العرب والمسلمين على ضرورة وقف إطلاق النار في لبنان وتطبيق قرار مجلس الأمن 1701، الذي يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ودعم الجيش اللبناني ومنع أي تجدّد للعمليات العسكرية الإسرائيلية؛ وأنها أكدت أيضًا على وجوب إصدار قرار وقف إطلاق نار في مجلس الأمن متعلق بقطاع غزة. وبذلك، تكون القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض قد قدّمت رسالة واضحة وصريحة للعالم، تؤكّد على الوحدة والتضامن العربي والإسلامي في مواجهة التحديات الإسرائيلية المستمرة، وتسعى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة من خلال الدّعم الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وضرورة انسحاب إسرائيل من غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك من جنوب لبنان.

د. ابراهيم العرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.