القضية الفلسطينية مثل “طوفان الأقصى” كانت شيئاً وبعد “الطوفان” صارت شيئاً آخر
كتب عوني الكعكي:
فاجأ الناطق العسكري باسم “كتائب القسّام” أبو عبيدة بإعلانه تنفيذ مقاتلي القسّام عملية مركبة شمال قطاع غزّة، وتمكنوا من الاشتباك مع أفراد قوّة إسرائيلية أوقعوا جميع أفرادها بين قتيل وجريح وأسير.
أضاف: “تستمر حكومة العدو في سياستها العمياء العبثية في الانتقام والتدمير، حكومة العدو تنتقل من فشل الى فشل، ومجاهدونا مستمرون في تلقين الاحتلال الدروس في محاور القتال، وآخر فصول الفشل ما قامت به قوات العدو في جباليا ورفح”.
وقال أيضاً: “قوات الاحتلال تنبش بحثاً عن رفات أسراها لأجل مكائد بنيامين نتانياهو الشخصية… مجاهدونا نفذوا عشرات العمليات ضد قواته على مدار أكثر من أسبوعين في رفح وبيت حانون”.
وأخيراً، أكد أبو عبيدة ان “جيش العدو يسوق استخراج الرفات على أنه إنجاز عسكري وأخلاقي. فبالرغم من حرب الإبادة والتدمير العشوائي، إلاّ أنّ مجاهدينا كانوا وما زالوا لقوات العدو بالمرصاد، فنفذوا عشرات العمليات ضد قواته على مدار أكثر من أسبوعين في جباليا ورفح وبيت حانون وفي كل محاور العدوان والتوغّل”.
ما قاله أبو عبيدة واضح وصادق وصريح… ولأوّل مرّة منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، يخرج أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسّام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية “حماس”، في خطاب غير عادي بتوقيته وبما احتوى عليه من معلومات.
فبعد منتصف الليل ظهر أبو عبيدة في خطاب صوتي أعلن فيه أسر وقتل عدد من جنود الاحتلال في جباليا، ليسارع الناطق باسم جيش الاحتلال على غير العادة إلى إصدار بيان بعد نحو دقيقتين قال فيه: “ليس هناك أي حادث اختطاف لأي جندي”، في حين وصفت وسائل الاعلام العبرية الحادث بالاستثنائي.
وكي نكون موضوعيين، فإنّ الحدث قد سبق له وأن تكرّر بشكل مقارب قبل عشر سنوات عندما أعلنت كتائب القسّام أسر الجندي شاؤول آرون، وهو أوّل جندي تأسره “حماس” منذ عام 2006 بعد الجندي جلعاد شاليط.
وكان آرون ضمن قوة للاحتلال في حي التفاح شرق قطاع غزة تم استدراجها الى حقل ألغام مُعَدّ مسبقاً وفجروه بالآليات الاسرائيلية، وأسفرت العملية عن سقوط 14 جندياً إسرائيلياً تمّ قتلهم من مسافة صفر.
بالعودة قليلاً الى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، نجد انه من الجيّد أن نؤكد أنّ الواقع قبل “طوفان الأقصى” كان مختلفاً… إذ كانت القضية الفلسطينية قد أزيحت عن الطاولة منذ أوسلو… وكانت الطغمة الفاشية المتطرفة الصهيونية تقول علناً بعدم وجود الشعب الفلسطيني، كما كانت هذه الطغمة تنشر خرائط لفلسطين على أساس انها بالكامل هي دولة إسرائيل المزعومة.
قبل السابع من أكتوبر، كانت أميركا التي أرادت الخروج من المنطقة تريد أن تجعل إسرائيل وكيلها.
قبل السابع من أكتوبر مارس الوزير إيتمار بن غفير أبشع الاعتداءات على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
قبل السابع من أكتوبر كان الفلسطينيون والعرب والمسلمون أمام مشهد يتلاشى فيه الحق الفلسطيني… لذلك كان “طوفان الأقصى”، والمقاومة الفلسطينية ليعرف العالم كله ان الشعب الفلسطيني لا يموت.
في السابع من أكتوبر قرعت المقاومة جرساً ضخماً أيقظ الكرة الأرضية… وأعلنت أنّ الشعب الفلسطيني لن يموت.
عملية “طوفان الأقصى”، أيقظت العالم، وآخر السبحة اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج.
عملية “طوفان الأقصى” دفعت جنوب أفريقيا الى تقديم دعوى في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، وفرضت على المحكمة إصدار قرار يُلزم إسرائيل بالانسحاب من رفح وقطاع غزّة.
عملية “طوفان الأقصى” فرضت على عشر دول من دول الاتحاد الاوروبي “مجموعة العشرين” الاعتراف بفلسطين وحقوق شعبها وهي: الارجنتين والبرازيل والصين والهند واندونيسيا والمكسيك وروسيا وجنوب أفريقيا الى المملكة العربية السعودية والسويد.
فإذا أضفنا الى ما حصل من تغيير للرأي العام الاميركي والأوروبي وثورات الطلاب في جامعات أميركا بدءاً بجامعة كولومبيا التي تصدّرت التظاهرات والاعتصامات الى جامعة بيل التي اعتقل أكثر من 60 متظاهراً من طلابها لتمتد شرارة الاحتجاجات الى فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
عملية “طوفان الأقصى” انتزعت مواقف حتى من الاسرائيليين أنفسهم تدين العدوان.
أليْس هذا كله هو الدليل على نجاح عملية “طوفان الأقصى”؟..
بكل موضوعية أقول: إنّ أبطال “طوفان الأقصى” وأبطال المقاومة الفلسطينية، برهنوا للعالم كله ان الحق لا يموت ولن يموت… وإنهم قادرون بإيمانهم وصبرهم وعزيمتهم على تحقيق النصر… وما النصر إلاّ من عند الله.