القذافي وكيف كافأته أوروبا

22

د. نجم عبدالكريم

بعد أن أصيب بخيبات الأمل في المشاريع الوحدوية العربية التي عرضها على مصر وسورية والسودان والعراق وشمال إفريقيا، قرر معمر القذافي أن يطرح نفسه – بعد نظريته الثالثة التي تضمّنها كتابه الأخضر- كمُنقذٍ للإنسانية من النظامين الرأسمالي والاشتراكي، وأخذ يمدّ يد العون لأيرلندا وغيرها من الدول الأخرى، ويتواصل مع القيادات فيها، ليمدّ جسوراً معها كقائدٍ ثوري، لكنهم بعد أن ابتزوه ولم يأخذوه بعين الاعتبار، اتجه نحو القيادات الإفريقية وتمكّن من أن يحقق فيها نجاحاً بعد أن ضخّ ملياراتٍ من ريع النفط الليبي.

***

واستطاع القذافي أن يكوّن له قاعدة في إفريقيا، لكنه لم يقطع علاقاته مع بعض العناصر السياسية الأوروبية، حيث موّل حملة ساركوزي الانتخابية، التي أوصلته إلى رئاسة فرنسا، وحدث بينهما تعاون في العديد من الأنشطة كإطلاق سراح الممرضات البلغاريات اللواتي اتُّهمن بحقن المواطنين بحقن الإيدز، وتبادل القذافي الزيارات مع العديد من الدول الأوروبية، إلا أن مساحة النشاط السياسي والاقتصادي مع الدول الإفريقية مكّنته من أن يبني تصوراً طموحاً لإبرام اتفاقيات اقتصادية تؤدي إلى عملة موحدة لجميع الدول الإفريقية. ومثل هذا الأمر تعتبره أميركا وأوروبا من الخطوط الحمر التي ستؤثر على قيمة الدولار الذي يتسيّد المشهد الاقتصادي في العالم.

***

وبدأ العمل على إفشال مشاريع القذافي في إفريقيا، مما أدى إلى حدة في المواجهات بين ليبيا والمعسكر الغربي سخّرت لها عوامل داخلية وخارجية، لتصل إلى قرار القضاء على حكم القذافي، ولكن بطُرق هي فعلاً غير أخلاقية.

***

فعندما تم استفحال تأجيج الفوضى داخل ليبيا، واتُّخذ قرار الهجوم عليها من قبل حلف الناتو لم يكن من المتصور أبداً أن يكون القائد الأوروبي الأكثر تحمساً للقضاء على معمر القذافي هو ساركوزي، نعم ساركوزي الذي أصبح رئيساً لفرنسا بأموال القذافي!

***

الغرض من هذه السطور، ليس أسفاً على القذافي، ولكن لمجرد الاطلاع على أخلاق الساسة الأوروبيين في تعاملهم مع قادة وشعوب آسيا وإفريقيا.

***

أقول هذا بمناسبة عودة ترامب لقيادة أميركا، وكيف سيتعامل مع القيادات العربية.

د. نجم عبدالكريم

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.