الـ1701: تعديلات… واسم الدّلع “آليّة تنفيذيّة”؟

37

بقلم كلير شكر

«اساس ميديا»

لم يخرج الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقائه مع كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون، عن إطار القرار 1701، على الرغم من كلّ ما قيل عن تعديلات وإضافات قد تطرأ عليه. اختصر الدبلوماسي الأميركي كلّ الأفكار التي حملها إلى لبنان، في محاولة أخيرة من إدارته لوقف العدوان الإسرائيلي، بـ”الآلية التنفيذية“ المطلوبة لضمان تطبيق القرار الدولي. وهذه ليست وليدة الأمس.

تكمن قوّة القرار 1701 في أنّه موضع إجماع لبناني، لا سيما أنّ الحزب يوافق عليه. وقد جدّد هذه الموافقة بشكل رسمي من خلال تبنّي وزرائه للبيان الصادر عن مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها في 11 تشرين الأول الماضي، حين أعلن صراحة “التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن بمُندرجاته كافّة، لا سيّما في شقّه المُتعلّق بنشر الجيش في جنوب لبنان وتعزيز حضوره على الحدود اللبنانية بما من شأنه أن يضمن تنفيذ هذا القرار”.

لهذا يبدو أنّ الدول الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة، قرّرت التعامل بشيء من البراغماتية مع القرار، ولو أنّ سلوك الحكومة الإسرائيلية يشي بأنّها تجاوزت السقوف التي ترسمها مندرجاته، فيما راحت بعض القوى اللبنانية تُخرج من “بطنه” القرارين 1559 و1680 لوضعهما على الطاولة كأولوية وجبَ الاحتكام إليها في خارطة طريق المرحلة المقبلة. غير أنّ هوكستين تناغم في طرحه مع ما سبق لبرّي أن فعله، في ترك القرارين المذكورين مكتومي الصوت على قاعدة أنّ القرار 1701 هو الإطار الجامع ولا داعي للعبور فوقه.

دور فرنسا في صيانة القرار

في المقابل، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ باريس كانت أكثر الدول حماسة للحفاظ على الـ1701 وصيانته من “الصواريخ” الإسرائيلية لاقتناعها بأنّه أفضل الممكن وأفضل الموجود، وبالتالي لا بدّ من التمسّك به والعمل على إيجاد صيغة تسمح بتطبيقه. وهذا ما سبق لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أن حمله في زيارته الأولى لبيروت في شباط الماضي حين قدّم لكلّ من الجانبين اللبناني والإسرائيلي ورقة غير رسمية تتضمّن أفكاراً أوّلية لكيفية معالجة النزاع العسكري، وكانت أشبه بجسّ نبض لما يمكن أن يقبلا به.

قام الفريقان بتسجيل ملاحظاتهما، وتمّ تسليمها إلى الخارجية الفرنسية التي قامت بتنقيح الأفكار من جديدة لتصير مسوّدة ورقة يمكن أن تكون صالحة لمعالجة “اليوم التالي”. صحيح أنّ الظروف اختلفت وصار لبنان في عين العاصفة. لكنّ مصادر دبلوماسية فرنسية تعتبر أنّ هذه الورقة لا تزال تشكّل أرضيّة صلبة يمكن الركون إليها في المسار الدبلوماسي، مشيرة إلى أنّ ركيزة هذه الورقة كانت وما زالت الآلية التنفيذية للقرار 1701.

سلّة الرّئيس والحكومة

في الواقع، تتصرّف باريس على قاعدة أنّها الأكثر دراية ومعرفة بالتركيبة اللبنانية. ولهذا تتّسم دبلوماسيّتها تجاه لبنان بالكثير من الواقعية التي دفعت ثمنها غالياً نتيجة تبنّيها معادلة سليمان فرنجية – نواف سلام النابعة من حرصها على التوازنات السياسية التي حاولت تكريسها في تلك الثنائية.

من هنا أيضاً، لا تزال باريس متمسّكة برأيها القائل بضرورة الاتفاق على سلّة متكاملة لإنتاج السلطة، بمعنى أن تكون التسوية شاملة: رئيس جمهورية ورئيس حكومة قادر على التفاهم مع الأوّل وحكومة فاعلة ذات أجندة إصلاحية.

بالنسبة للفرنسيين، يعني الاتفاق على رئيس للجمهورية بمعزل عن تلك السلّة إدخال البلاد في متاهة جديدة حول اسم رئيس الحكومة وشكل الحكومة ومكوّناتها، وبالتالي إحراق المزيد من الوقت وما بقي من رصيد البلد الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وهذا ما يجب تجنّبه. ضمن المنطق ذاته، يرى الفرنسيون أنّ القرار 1701 لا يزال خشبة الخلاص، ولا بدّ من العمل على حسن تطبيقه لا تعديله. وهذا ما تبنّاه هوكستين في زيارته الأخيرة. وهو نتاج التنسيق بين باريس وواشنطن، المتناغم في الخطوط العريضة والمتمايز في مقاربة التفاصيل.

على الرغم من الإخفاقات التي تعرّضت لها باريس في مقاربتها للملفّ اللبناني في السنوات الخمس الأخيرة، إلا أنّها ما زالت تحاول لاعتبارات كثيرة. وها هي تنظّم اليوم مؤتمراً لمساعدة لبنان يفترض أن يحضره ممثّلو 70 دولة، حيث لا يقلّ الشقّ السياسي منه أهميّة عن الشقّ الاجتماعي.

وفق المنظار الفرنسي، الأولويّة لوقف إطلاق النار وبدء تنفيذ القرار الأممي بدقّة والمسارعة إلى إعادة إنتاج السلطة ودعم الجيش اللبناني الذي سيكون في الصف الأمامي لمراقبة تنفيذ القرار.

بالنتيجة تسعى باريس، إلى جانب المساعدات، إلى إنجاز Homework مبدئي يمكن الاستعانة به فور نضوج ظروف وقف إطلاق النار، ليكون بمنزلة مشروع تحضيري يمهّد لحلّ مستدام يقبل به الطرفان.

كلير شكر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.