العرب والفُرص الضائعة!!!

17

كتب عوني الكعكي:

يبدو أن العرب وبالأخص المسلمين هم ملوك الفرص الضائعة.

لا نقول هذا الكلام لمجرد افتراء، بل بدأت القصة منذ عام 1948، يوم طُرح على العرب تقسيم فلسطين، طبعاً كانت مؤامرة دولية قادتها بريطانيا، فمن الطبيعي الرفض، وقال العرب للفلسطينيين: أخرجوا من فلسطين وسوف نجهّز لكم جيشاً عربياً يستعيد بيوتكم وأرزاقكم وأراضيكم. المساكين الفلسطينيون صدّقوا وراحوا ينتظرون، وهكذا طار تقسيم فلسطين وضاعت الفرصة.

بعد ذلك جاءت حرب 1967 حيث استطاعت إسرائيل خلال 5 أيام احتلال صحراء سيناء أولاً، وثانياً الجولان السوري، وثالثاً الضفة الغربية ومعها القدس ثم قطاع غزة.

وبعد اجتماع القمة العربية تقرّر أن يتركوا الفلسطينيين يحررون أرضهم، ومن أجل ذلك استجاب العرب لتكليف منظمة التحرير الفلسطينية بأن تكون هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وكان ذلك عام 1969.

عام 1969 وفي القمة العربية في القاهرة أُتخذ قرار هو في الحقيقة أسوأ قرار في تاريخ العرب وهو السماح للفلسطينيين بتحرير فلسطين بالسلاح من لبنان… كذلك فإنّ حماية المخيمات الفلسطينية باتت تقع على عاتق الفلسطينيين.

وهكذا أصبح في لبنان دويلة هي دويلة فلسطين… وهذا ضد «الطبيعة». إذ لا يمكن لدولة أن تكون محكومة من سلطتين: لبنانية وأخرى فلسطينية.

بقي الحال حتى عام 1978 يوم احتلت إسرائيل جنوب لبنان، ونصّبت سعد حداد قائداً لمنطقة الجنوب اللبناني، وبما أن العمل الفدائي لم يتوقف، أعلنت إسرائيل عام 1982 وبتاريخ 5 حزيران الحرب على لبنان، بحجة القضاء على المقاومة الفلسطينية. وبالفعل استمرت الحرب حتى تم إخراج منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها القائد ياسر عرفات، وكان ذلك بعد حصار لبيروت دام 100 يوم. كانت بيروت تُقصف من الجو والبحر والبر، حتى حصل اجتماع عند الزعيم البيروتي صائب سلام وطلب من «أبو عمار» الانسحاب.

دخلت إسرائيل لبنان ووصلت الى مدينة بيروت، وكانت أوّل عاصمة عربية تحتلها إسرائيل.

ومن الطبيعي ان الاحتلال الإسرائيلي للبنان ولّد مقاومة لبنانية ضد هذا الاحتلال.

العرب نائمون، والفرس اقتنصوا الفرصة وأسّسوا ما يسمى بالمقاومة، وأطلقوا عليها اسم «حزب الله».. بالله عليكم من يستطيع أن يحارب حزباً اسمه حزب الله!!!

على كل حال، استطاع «الحزب العظيم» تحرير لبنان.. وأعلنت إسرائيل عام 2000، أي بعد احتلال 18 سنة، انسحابها من لبنان بدون قيد أو شرط.. وذلك لأوّل مرّة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، وبما أننا ملوك الفرص الضائعة، أبقينا الصراع قائماً بحجة تلال كفرشوبا ومزارع شبعا. أما الحقيقة فهي أن «مسمار حجا» استغلته إسرائيل واستعملته لتشنّ حروباً ضد لبنان.

كان أولها حرب 2006 حيث خطف «الحزب» جنديين إسرائيليين بحجة استرجاع الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.

تلك الحرب كلفت لبنان 5000 قتيل وجريح، و5 مليارات دولار خسائر مادية.

لم نكتفِ بذلك، بل بدأنا نطرح شعارات «ما بعد بعد حيفا»… و «تحرير القدس»، و «الموت لأميركا»، و «الشيطان الأكبر» و «الشيطان الأصغر».

وجاءت عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر عام 2023، فكان من الطبيعي أن يعلن قائد المقاومة السيّد حسن نصرالله دخول الحزب في الحرب من أجل تحرير القدس… وهكذا دخل الحزب الحرب ضد إسرائيل من دون استشارة رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس النيابي ولا البرلمان اللبناني ولا رئيس الحكومة ولا استشارة أي من أعضائها. فما الذي حصل خلال عام… جاء المندوب الأميركي آموس هوكستين الى بيروت في 11 زيارة، أي أن 11 فرصة حقيقية لاتفاق بين إسرائيل ولبنان ضاعت، وكان يمكن الاتفاق على 13 نقطة من النقاط المختلفة عليها، خصوصاً أن هوكستين وعد بإعادة ترسيم الحدود البحرية وتم ترسيمها بين إسرائيل ولبنان.

ولكن الحزب ومعه السيّد حسن نصرالله رفض كل المبادرات… فماذا حصل بعد ذلك؟

اغتيل قائد المقاومة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله وكامل الصف الأول من قادته ومنهم القائد هاشم صفي الدين وفؤاد شكر وغيرهم.

… عملية “البيجر” التي تسببت بشلّ قدرة الحزب، فقتلت مائتي مقاتل وأصيب خمسة آلاف من عناصر المقاومة، إضافة الى إصابة العديدين بعاهات جسدية وإعاقات مزمنة.

هذا بالإضافة الى أن الحزب لم يستطع دفن الأمين العام والسيّد هاشم صفي الدين، وأجّل عملية الدفن الى الثالث والعشرين من شهر شباط.

كل ما حدث منذ العام 1948 وحتى يومنا هذا يمكن توصيفه بزمن الفرص الضائعة…

فهل يتخلص العرب من صفة إضاعة الفرص أم يستمر الحال على ما هو عليه؟

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.