الشعب الأردني يكبح ترامب: نرفض تهجير الفلسطينيّين

25

بقلم ابراهيم ريحان

«أساس ميديا»

ماذا حملت زيارة العاهل الأردنيّ عبدالله الثاني لواشنطن؟ وكيف سيواجه الأردن مخطّط ترامب للسيطرة على غزّة وتهجير سكّانها؟

عكس وجه العاهل الأردني عبدالله الثاني أثناء لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب حقيقة موقف الأردن ومخاوف المملكة الهاشميّة من خطّة ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى مصر والأردن.

حركة عينا الملك عبدالله بن الحسين المتوترة أعربتا بشكل واضحٍ عن القلق من مشروع ترامب، وعن الامتعاض من استدعاء الصحافيين بشكلٍ مفاجئ من غرفة الصحافة في البيت الأبيض إلى غرفةِ اللقاء من دون تنسيق مسبق مع الجانب الأردنيّ.

لكنّ مشهدَ الاستقبال الذي واكب عودة الملك عبدالله الثاني ووليّ عهده الأمير الحسين إلى عمّان عكسَ الالتفاف الشعبيّ خلف القرار السياسي لرفضِ استقبال الأردن أيّ مواطنٍ فلسطينيّ، سوى الحالات الإنسانية لتلقّي العلاج والعودة إلى القطاع.

يتركّز الحراكُ الأردنيّ – العربيّ على عدّة مستويات لمواجهة مخطّطات التهجير:

1- تركيز الجهود الدبلوماسية العربيّة على تسويق الفكرة المصريّة القائمة على إعادة إعمار القطاع وإزالة الرّدم الذي خلّفه العدوان الإسرائيليّ، من دون إخراج سكّان القطاع منه في فترة تراوح بين 4 و6 سنوات.

تكشف مصادر دبلوماسية عربيّة لـ”أساس” أنّ تأجيل زيارة الرئيس المصريّ عبدالفتّاح السّيسي لواشنطن سببه انتظار اكتمال الخطّة المصريّة لعرضها على الرئيس الأميركي. إذ إنّ الأخير لم يعارض أن يبحث الخطّة المصريّة.

ينتظرُ المصريّون والأردنيّون أيضاً القمّة الخماسيّة المزمع عقدها في العاصمة السعوديّة الرّياض بين قادة السّعوديّة ومصر والأردن والإمارات وقطر، والقمّة العربيّة المزمع عقدها في القاهرة.

الهدف الأساسي من القمّتيْن هو تبنّي التصوّر المصريّ لإعادة إعمار غزّة ودعم موقفَيْ القاهرة وعمّان برفض خطّة ترامب.

2- استطاع العاهل الأردني عبر تمسّكه بالموقف السياسيّ أن يتخطّى “عاصفة ترامب”، وأن يشرحَ الموقف الأردني وانعكاسات التهجير على أمن المنطقة ومصالح الولايات المتحدة.

خشية وقلق

تنظر دوائر القرار العربي بقلق إلى ما يفكّر فيه أو ما قد يُقدم عليه الرئيس الأميركي:

1- طريقة تفكير ترامب لجهة تعاطيه السّياسة انطلاقاً من كونه رجلَ أعمال ومطوّراً عقاريّاً، وهذه طريقة مختلفة عن كلّ أسلافه الذين حكموا الولايات المتحدة.

2- يستنتج من يُراقب القرارات والمواقف التي اتّخذها ترامب في ما يتعلّق بقناة بنما والضغط على كولومبيا لاستقبال المهاجرين المبعدين وتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا ودعوته إلى ضمّ كندا وشراء غرينلاند، أنّ تصرّفات الرئيس الأميركي بعيدة عن الاحتكام لمؤسّسات الدّولة والتعاطي بين الدّول.

3- من هنا ينطلق مبعث الخوفِ العربيّ من قرارات ترامب، خصوصاً أنّها أيضاً نابعة ممّا يمكن تسميته بناء نظام دوليّ جديد. فقد كان أحد مؤشّرات هذه السياسة أيضاً التوجّه لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدوليّة وتعليق عضوية أميركا قي مجلس حقوق الإنسان.

4- يقرأ بعض العرب في كلام ترامب عن تهجير الفلسطينيين نوعاً من الضّغط على دول المنطقة لفرض مسألة التطبيع العربي – الإسرائيلي من دون دولة فلسطينيّة. لكنّ الأجواء الدبلوماسيّة العربيّة تخشى أن يقدمَ ترامب على تنفيذ بعضِ مخطّطهِ بتهجير بعض الفلسطينيّين لرفعِ مستوى الضغط الأميركي في هذا السّياق.

5- تأثير المحيطين بالرئيس الأميركيّ، من تيّار المحافظين الجُدد من “الإنجيليّين المسيحانيّين” واليهود الصهاينة، على قرارات الرئيس الأميركي. وثمّة خشية من أن يؤثّر هذا التيّار على قرارات الرئيس ترامب، الذي لا يُعدّ رئيساً “أيديولوجيّاً”، ومن تسويق فكرة التهجير لديه من البوّابة التجاريّة.

الضّفّة والأردن

لا تنحصر مسألة تهجير الفلسطينيين في قطاع غزّة فقط. فالضّفّة الغربيّة هي الأخرى مستهدفة، خصوصاً لجهة احتمال دعم إدارة ترامب لإجراءات حكومة بنيامين نتنياهو لضمّ الضفّة الغربيّة.

تعتبر إجراءات الضمّ التي يقوم بها وزير الماليّة بتسلئيل سموتريتش مقدّمة لتهجير أهاليها، خصوصاً أنّ تيّار اليمين الدّيني في إسرائيل لا يطمح فقط لضمّ الضّفّة الغربيّة، بل لتحقيق ما يُسمّى “نقاء الدّولة اليهوديّة”.

هذه الإجراءات أيضاً هي تهديد للأمن القومي الأردنيّ والعربيّ. ولهذا كان الموقف الأردني على لسان وزير الخارجية أيمن الصّفدي من مسألة التهجير، التي اعتبرها بمنزلة إعلان حرب على الأردن.

ستكون الأيّام والأسابيع المقبلة حُبلى بالخطوات العربيّة لكبح مخطّطات ترامب، وتثبيت الحلّ العربيّ لإعمار غزّة وإعادة قرارها إلى الشرعية الفلسطينيّة المتمثّلة بمنظّمة التحرير والسّلطة، والتتمّة في الرّياض والقاهرة.

ابراهيم ريحان

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.