الدكتور سليم الحص الرئيس الصالح

32

د. كرم كرم
قامة وطنية. كلما ارتفعت تواضعت، وكلَّما عَلَتْ ازادنت. كأني به يقول:
تواضَعْ تكُن كالنَّجم لاح لناظرٍ
على صفحاتِ الماءِ وهوَ رفيعُ
ولا تَكُن كالدخانْ يعلو بنفسِهِ
على طبقاتِ الجوِّ وهو وضيعُ
عرفتك زوجا وعرفتك أبا وعرفتك رئيسًا ، وأنت في هذي وتلك، كما عهدناك، كتلة من حب وحنان ونزاهة وعنفوان.
رافقتك في رحلة حكم نأت بها العواصف، فكنت عصيا على الاغراءات وقويا بالأخلاق والسمات. لم تُطِق أذى ولم تقبل ظلمًا. دافعت عن الضعفاء وواجهت الأدعياء، وحملت هموم البؤساء. ما أثقلت ضميرك مظلمة وما سعيت إلى منزلة، فجاءتك المراتب حيث لم تطلب ووفدتك المناصب حين لم ترغب، وأنتَ في كليهما تشرف المقام مهما علا، وتزين المكان مهما سَما؛ دِعَةٌ ولطف وحياءٌ وخَفَرُ ، على خِفَّةِ ظِلَّ لا تُخْتَصَرُ.
عملت معه في إحدى أفضل الحكومات، وكان جديًّا، صادقًا وشريفا. عنيد في الدفاع عن الحق وجريء في التصدي للباطل.
تشاركنا فرحة التحرير عام ألفين، وهو على العهد نقي في وطنيته، مخلص في عروبته، مؤمِنٌ في قوميته وواثق في خطاه.
اجتمعت معه في لقاء ضم أمثاله من المخلصين، وعندما كادت الرئاسة أن تؤول للراحل الكبير نسيب لحود، كان هو ليرأس مجلس الوزراء، في عهد كانت ستكون سماته ، النظافة والنزاهة والكفاءة وعلو الشأن. حتى تتالت عهود من الفساد والعتمة ودنو المقام.
رحل الدكتور سليم الحص، الرئيس الصالح. ويا ليت من ترأسوا ويترأسون يحملون بعضًا من صفاته ومزاياه، لكان لبنان أفضل زمنا وأعلى شأنا. لبنان كما يستحقه أبناؤه الكفؤون ومواطنوه الصالحون، أمثال الراحل الكبير.
د. كرم كرم

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.