الدستور… أو الفراغ…. أو انتخاب رئيس

36

كتب عوني الكعكي:

لأوّل مرّة منذ زمن بعيد يلبّي النواب طلب الشعب..

نعم النواب الكرام استجابوا لكلمة الشعب، إذ إن الشعب يريد رئيساً بغض النظر عن التفاصيل… إذ لا يمكن قيام دولة من دون رئيس.. فالرئيس كالرأس للإنسان، فهل يوجد جسم من دون رأس، أي هل يوجد دولة من دون رئيس؟

استمعت الى كلمات النواب كاملة، واستوقفتني ثلاثة أمور:

الأمر الأول: الكثير من النواب تحدثوا عن الميثاقية، وبعضهم ومن دون تسمية، أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول موضوع الميثاقية.

الخطاب الثاني كان عن الدستور، وقال المنتقدون: إنّ المجلس يتعامل مع الدستور غب الطلب… قد يكون بعض النواب على حق بهذا الموضوع، ولكن لا بدّ لنا من أن نختار بين قيام الدولة وبين الفوضى والفراغ… طبعاً علينا أن نختار قيام الدولة، أي انتخاب رئيس وإنهاء الفراغ.

وما دمنا نتحدث عن الفراغ لا بدّ من التذكير بأنها ليست حالة الفراغ الأولى في موقع السلطة في لبنان.. فلو استعرضنا الفراغ لرأينا أن الفراغ أصبح هو القاعدة، وانتظام الدولة أصبح غب الطلب أو ما «يطلبه المستمعون».

هنا يكفي التوقف عند حقيقة أنه على مدى سنوات استقلال لبنان منذ العام 1943 وحتى يومنا هذا لم تنتقل السلطة من رئيس جمهورية الى آخر بطريقة سلسة، إلاّ خلال عهدين فقط من أصل 14.

فبعد «اتفاق الطائف» لم تحصل أزمة في نهاية عهد الرئيس الياس الهراوي الأولى، إنما وقعت الأزمة عام 1995 حين تم تعديل الدستور والتمديد له 3 سنوات، ما خلق إشكالاً كبيراً في البلد.

أما عهد إميل لحود فانتهى بعد حرب تموز 2006 بمقاطعة قوى 14 آذار حين انسحب الوزراء الشيعة وقيل بأن حكومة السنيورة بتراء وغير ميثاقية. وانتهى عهد لحود حين غادر قصر بعبدا في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007. وظلّ الفراغ قائماً حتى انتخب الرئيس ميشال سليمان بعد اجتماع الدوحة.

وانتهى عهد ميشال سليمان وبقي الرئيس تمام سلام وحكومته يسدّ الفراغ الذي استمر عامين وستة أشهر حتى تم التوافق على ميشال عون.

وبعد انتهاء ولاية ميشال عون 2022 ظلّ الفراغ قائماً حتى تم انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً في 2025/1/9.

وهنا عندي بعض الأسئلة أوجهها الى النواب الذين عارضوا البارحة جلسة الانتخاب، بحجة أنها غير دستورية.

الملاحظة الأولى:

من كان يحكم لبنان، رئيس الجمهورية أم رئيس الحكومة أم الحكومة ام المجلس النيابي..؟؟؟ أظن لا أحد يعلم.

الملاحظة الثانية:

هل يعقل أن نعيش من دون كهرباء لمدة تزيد عن 40 سنة، وأن تتكبّد الدولة خسائر بـ65 مليار دولار بسبب تعيين صهر فخامة رئيس «عهد جهنم»؟

والمصيبة أنه وعد مرات عدة بتأمين الكهرباء، والأنكى أن المحور الذي ينتمي إليه استمر في تسلم الحقيبة (الطاقة) منذ إقالة الوزير المرحوم جورج افرام، حيث أقيل وعيـّن الياس حبيقة بديلاً منه، ومنذ ذلك الوقت، أي منذ عام 1993، لا يتسلم هذه الوزارة إلاّ واحد من الجماعة نفسها.

الملاحظة الثالثة:

هل قرار الحرب والسلم كان بيد الدولة اللبنانية؟

طبعاً… لا، خصوصاً ما جرى منذ اليوم الأول لحرب غزة أو «طوفان الأقصى»، حيث دخل «الحزب» المعركة من دون استشارة أحد أو أي فريق لبناني.

والأنكى أن المبعوث الأميركي أعطانا ثماني فرص خلال 8 زيارات قام بها للبنان منذ عملية «طوفان الأقصى»، وعرض على لبنان أن تنسحب إسرائيل من 33 نقطة كان عليها خلاف مع لبنان، لكن «الحزب»، وبقرار من مرجعيته رفض.

الملاحظة الرابعة:

كم وكم عانى اللبنانيون أثناء تشكيل الحكومات في لبنان، وبالأخص أيام الجنرال ميشال عون بحجة أن صهره هو الذي يختار الوزارات التي يريدها… وهكذا أصبح التأخير عرفاً عند تشكيل أي حكومة، وقد يمتد التأخير سنة كاملة، فهل هذا موجود في أي بلد في العالم؟

الملاحظة الأخيرة:

حال الجنون والاستفزاز التي أصابت جماعة التيار العوني، وكيف حاولوا تعطيل الجلسة واختلاق المشاكل، خصوصاً الكلام غير اللائق بحق نائب في المجلس النيابي والحائز على ثقة الشعب عند انتخابه، حين تهجّم على نائبة محترمة ومثقفة تعرف ما تقوله وليست لديها أي نيّة في التهجم على أحد.

أخيراً، أكرر شكري للمجلس النيابي وإلى جميع النواب، لأنهم اختاروا قيام الدولة على الفراغ وعلى التلهّي بالقانون والدستور.

طبعاً الشكر الأكبر لرئيس المجلس نبيه بري الذي أدار الجلسة بحكمة وتأنٍ وروية وثبات، فاستوعب الجميع لأنه يعتبر أن قيام الدولة أهم من مصالح بعض النواب أو الوزراء أو حتى….

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.