الجزائر تعترف أخيراً بافتعال قضية الصحراء!

73

بقلم خيرالله خيرالله
بالمختصر المفيد، تعذر قبل أيّام قليلة إجراء مباراة بين فريق إتحاد العاصمة الجزائري وضيفه نهضة بركان المغربي. جاء ذلك بعدما تمسك الإتحاد الجزائري لكرة القدم برفض قرار الإتحاد الإفريقي الذي أكّد سابقا، من دون أي مواربة، حق الفريق المغربي بإرتداء قميصه الرسمي في المباراة المقامة على إرض جزائريّة. ما لبث الإتحاد الإفريقي أن اعتبر الفريق الجزائري خاسرا للمباراة.
هناك بكل بساطة إعتراض جزائري على القميص الرسمي المعتمد في كل المباريات التي يخوضها فريق بركان. تعود مشكلة النظام الجزائري مع القميص إلى أنّه يحمل الخريطة الرسميّة للمملكة المغربية، وهي خريطة تتضمن بالطبع الأقاليم الصحراوية التي استعادها المغرب في تشرين الثاني – نوفمبر 1975 إثر إنسحاب إسبانيا، الدولة المستعمرة منها. لا وجود لتفسير منطقي للتصرّف الجزائري سوى أن النظام في هذا البلد بات يعترف في ضوء أزمة القميص، من حيث لا يدري، بأنّ قضيّة الصحراء، المفتعلة أصلا والتي تسمم العلاقات في منطقة المغرب العربي، هي في أساس الحرب التي يشنها على المغرب منذ سنوات طويلة. ليست جبهة «بوليساريو» سوى أداة جزائريّة لا أكثر. تُستخدم «بوليساريو»، جزائريا، من أجل التغطية على حقيقة الموقف الجزائري الذي يرفض الإقرار بأنّ ما يسمّى قضية الصحراء، التي يقف خلفها، هي بينه وبين المغرب.
ما دام النظام الجزائري كشف نفسه بهذه الطريقة لماذا لا يدخل في مفاوضات مباشرة مع المغرب بدل التذرع بشعارات لا علاقة لها بالواقع لتبرير الحملات المستمرة على المغرب، وهي حملات توجت بقطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين الجارين برغبة جزائريّة. في استطاعة النظام الجزائري الدخول في مثل هذه المفوضات وتحديد فعلا ما الذي يريده من الصحراء التي عادت إلى أصحابها بطريقة سلمية مباشرة بعد إنزال المستعمر الإسباني علمه ورفع العلم المغربي مكانه. هل يريد إقامة دولة مسخ كي تصبح له واجهة على المحيط الأطلسي؟ هل يريد ممرّا إلى المحيط الأطلسي عبر الأرض المغربيّة، وهذا مرحب به في الرباط، في ما يعتقد، وذلك في إطار ما يربط تاريخيا بين الشعبين المغربي والجزائري.
مع حلول موعد المباراة بين الفريقين الجزائري والمغربي، رفضت لجنة الاستئناف التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) الاستئناف الذي تقدم به الاتحاد الجزائري لكرة القدم ضد قرار لجنة الأندية. طالبت اللجنة السلطات الجزائرية بتسليم قمصان فريق نهضة بركان التي احتجزتها في مطار هواري بومدين وإعادتها إلى اصحابها. اشارت اللجنة إلى أن هذه القمصان التي عليها خريطة المملكة المغربية مصادق عليها من جانب الجهات المختصة في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم… ومسموح للفريق المغربي اللعب بها أمام فريق اتحاد العاصمة. حذرت لجنة الإستئناف في الوقت ذاته من أنّه في حالة عدم الاستجابة لطلبها، يعتبر الفريق الجزائري خاسرا. وهذا ما حصل بالفعل.
ليس سرّا أن بركان خاض مبارياته السابقة لهذا الموسم، ضمن مسابقة كأس الاتحاد الإفريقي، بقميصه الرسمي الذي اعترض عليه الجزائريون لأسباب سياسيّة لا علاقة لها بالرياضة من قريب أو بعيد. أين المشكلة إذا؟
المشكلة بكلّ وضوح في كلمتين هما: عقدة المغرب. لا يستطيع النظام الجزائري تجاوز هذه العقدة التي تجعله مصرّا على إغلاق الحدود بين البلدين منذ ثلاثين عاما. يخشى النظام، الذي تسيطر عليه مجموعة عسكرية ذهاب المواطنين الجزائريين إلى المغرب ورؤية الفارق بين البلدين على أرض الواقع، أقلّه من ناحية التنمية وتطوير البنية التحتية التي تشهدها كلّ انحاء المملكة.
كان لافتا نشوب أزمة القميص في وقت استضافت تونس، بناء على رغبة جزائريّة، لقاء جزائريا- تونسيا- ليبيا يستهدف إقامة تجمع بديل من إتحاد المغرب العربي الذي ولد قبل خمسة وثلاثين عاما في مراكش وضم المملكة المغربية والجزائر وموريتانيا وليبيا وتونس. لاحقا تبرأت ليبيا، أو ما بقي منها، من أي محاولة للإساءة إلى المغرب، بعدما مثلها شخص يشغل منصبا ذل طابع بروتوكولي لا يمتلك عمليا أي صلاحيات. انعقد اللقاء الثلاثي فيما تونس غارقة فوق رأسها في أزمات لا تنتهي. في أساس هذه الأزمات شخص قيس سعيّد المعجب بـ»حماس» وبشّار الأسد والذي يدور على نفسه محاولا، بفضل ثقافته السياسية المحدودة، تقمصّ شخصية الحبيب بورقيبة مؤسس تونس الحديثة!
خسر الفريق الجزائري، بشهادة الجهة المختصة في الإتحاد الإفريقي، مباراته مع الفريق المغربي بعد منع السلطات الجزائريّة لاعبيه من ارتداء القميص الرسمي المعتمد، وهو قميص يعبّر عن واقع لا يمكن تجاوزه. يتمثل هذا الواقع في وحدة التراب الوطني المغربي ومغربيّة الصحراء واقاليمها. هل سيتعلّم النظام الجزائري شيئا من هذه الخسارة التي تتجاوز الإطار الرياضي؟ يصعب حصول ذلك، لا لشيء سوى لأن عقدة المغرب تتحكّم بنظام كان في استطاعته التطلّع إلى الإستفادة من التجربة المغربيّة في كلّ المجالات. يبدأ ذلك برفض الهرب من واقع مغربيّة الصحراء والإختباء خلف شعارات لا طائل منها. الجزائر تستحق نظاما أفضل. لديه ثروة طبيعية وثروة إنسانيّة. لديها عدد من أفضل الديبلوماسيين في المنطقة كلّها. لماذا تبقى أسيرة عقدة المغرب والحقد عليه؟
خيرالله خيرالله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.