التمديد لقائد الجيش حتمي… باسيل موافق ضمن صفقة سياسية؟!
جوانا فرحات
الشرق – صحيح ان لا شيء يعلو على صوت طبول الحرب الإسرائيلية على لبنان في الوقت الحاضر خصوصا بعدما تخطت إسرائيل كل الخطوط الحمراء مستفيدة من انشغال حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة بمعركة الإنتخابات الرئاسية بعد أقل من شهرين، وعدم الأخذ بأي من القرارات الدولية ولا حتى بنصائح رؤساء الغرب. مما يؤشر الى أن ساعة الصفر لطبول الحرب دنت. وسط هذه الأجواء الأمنية والعسكرية وحتى الإجتماعية –الإنسانية التي تمر بها البلاد لا بد من التطرق إلى مصير ملفات حساسة ودقيقة وأبرزها ملف الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية والتمديد لقائد الجيش جوزف عون للمرة الثانية في ظل هذه الظروف . الفراغ في موقع قيادة الجيش ممنوع، هذا ما تؤكد عليه مصادر سياسية معارضة لـ»المركزية» والتمديد لقائد الجيش بات بحكم المؤكد، بعدما تراجعت أسهمه كمرشح لرئاسة الجمهورية لا سيما بعد دخول الإتحاد الأوروبي على الخط. من هنا، تضيف المصادر، أن عملية شد الحبال بين الولايات المتحدة وقطر من جهة لترشيح عون للرئاسة واوروبا الرافضة في المبدأ والشكل، رفعت من رصيد التمديد الثاني خشية من تمدد الشغور إلى المؤسسة العسكرية، خصوصاً بعد مطالعة مجلس شورى الدولة، التي أوقف فيها قرار وزير الدفاع موريس سليم بالتمديد لعضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب، الذي يحال إلى التقاعد في 27 أيلول الجاري. وإذ لم يعد خافيا على أحد أن نية سليم من طلب التمديد لأعضاء المجلس العسكري هي تكليف اللواء صعب قيادة الجيش بالإنابة كونه الأقدم رتبة في المؤسسة العسكرية لخلافة عون فور انتهاء التمديد الأول له في 10 كانون الثاني المقبل، إلا ان العقبة الأبرز تتمثل في احتمال معارضة حزب الله التمديد الثاني للعماد عون، أم أنه سيتصرف كما في السابق بتأمينه النصاب لانعقاد الجلسة من دون التصويت على القانون، ما تسبب بتأزم علاقته برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المعارض للتمديد، تحت عنوان أن وجود عون على رأس المؤسسة العسكرية يرفع حظوظه الرئاسية، بخلاف إحالته على التقاعد؟ تشير مصادرالمعلومات ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل طرح على الثنائي الشيعي لا سيما حزب الله القبول بتعيين قائد جديد للجيش واعضاء المجلس العسكري ضمن صفقة سياسية يصطف فيها باسيل الى جانب الحزب في موضوع الرئاسة بعد ابعاد العماد جوزف عون عن القيادة واسقاط حظوظه الرئاسية. بالتوازي تقول اوساط دبلوماسية ان الخارج لاسيما الولايات المتحدة باتت تدرك خطورة الفراغات في قيادة الجبش وهي كلفت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التشاور مع الرئيس نبيه بري لإيجاد مخرج للشغور في المجلس العسكري من دون ازعاج قائد الجيش.
إلى إمكانية التغيير في موقف التيار الوطني الحر هناك قرار مجلس شورى الدولة الذي رفض الطعن بقرار التمديد لعدد من اعضاء المجلس العسكري الذي اعده وزير الدفاع موريس سليم. فهل ينعكس الصراع بين الوزير والقائد على التجديد للاخير مطلع السنة المقبلة وابقائه في مهامه الى حين انتخاب رئيس ام ستواجه الخطوة اعتراضا من التيار أم تتقدم المصلحة الوطنية العليا وتبقى كلمة الفصل للقانون والدستور. رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص يؤكد لـ»المركزية» أن «التمديد ممكن، لا بل من الواجب التمديد، وهي الحرب القائمة على جبهة الجنوب والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان»، مؤكداً في الوقت نفسه على «استحالة تعيين قائد للجيش من قبل حكومة تصريف الأعمال، فهناك إشكالية أنها حكومة مستقيلة أولاً، وثانياً لا يمكن تأمين النصاب لجلسة التعيين، وحتى لو تأمن النصاب فإن المادة 65 من الدستور تشترط موافقة ثلثي أعضاء الحكومة، وهذا غير متوفر في ظلّ الانقسام السياسي القائم». وإذ يلفت مرقص إلى «صعوبة تعيين قائد للجيش خلال مرحلة الشغور الرئاسي»، يذكر بأن رئيس الجمهورية «هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي كما تنص المادة 49 من الدستور هو من يزكّي اسم القائد ويتابع الأوضاع العسكرية معه، وهذا الأمر متعذر حاليا»ً. وبالنسبة لقرار وزير الدفاع، يشير مرقص إنه «لمجرد أن قرر مجلس الشورى وقف التنفيذ، فهذا يعني أن ثمة احتمال توافر اسباب جدية للإبطال. وعلى الوزير الامتثال لقرار وقف التنفيذ، قبل أن يبت مجلس الشورى بأساس المراجعة من المتعذّر الطعن بقرار وقف التنفيذ. يمكن طلب الرجوع عن وقف التنفيذ امام الغرفة عينها وتاليا أمام القضاة عينهم لكنني لا أعتقد أن ثمة طائل من وراء ذلك. في قراءة قانونية للتمديد الثاني، يلفت الخبير القانونيّ والدّستوريّ البروفسور سعيد مالك، إلى أنّ «أمام تعذّر تعيين قائد جديد للجيش مع انتهاء ولاية القائد الحاليّ في 10 كانون الثّاني 2025، وكون الحكومة الحاليّة حكومة تصريف أعمال من جهة، وبسبب غياب رئيس للجمهوريّة من جهة أخرى، ومع خطورة الأوضاع الرّاهنة وضرورة الحفاظ على مؤسّسة الجيش اللّبنانيّ، يُصبح من الحتمي ضرورة البحث عن حل لموقع قيادة الجيش، تجنباً لأّي فراغ مُحتمل في موقع القيادة العسكريّة». ويُضيف «الحلّ الأنسب دستورياً وقانونياً هو من خلال تقديم نائب أو أكثر، اقتراح قانون معجل مكرر لتمديد ولاية القائد الحاليّ لعام إضافيّ، ابتداءً من 10 كانون الثّاني 2025 حتّى 10 كانون الثّاني 2026، سنداً إلى كلّ الأسباب الموجبة أعلاه». ويشير إلى أنّ «للمجلس النّيابي السلطة والصلاحيّة والصفة لتمديد ولاية القائد الحاليّ لعام إضافيّ، على غرار قانون 317/2023 تاريخ 21-12-2023، الذي مدّد للألوية قادة الأجهزة الأمنيّة لمدّة عام، استناداً إلى واقع الضرورة الملحّة، ودرءا لأيّ خطر أو فراغ في قيادة المؤسّسة العسكريّة. وبالتالي فإن تقديم اقتراح قانون معجّل مكرّر للتّمديد لقائد الجيش ثانيةً، أمر قانونيّ ودستوريّ ولا يُعتبَر خرقاً للدّستور، إنّما تطبيقاً له والمطلوب اليوم من النّوّاب تقديم هذا الاقتراح، لا سيما وأن الاستحقاق الرئاسي، كما هو ظاهر، مؤجّل إلى أجل غير مسمّى».