التعيينات الأمنية والعسكرية الجديدة: خطوة نحو تعزيز الاستقرار الأمني في لبنان
بقلم د. ابراهيم العرب
أقر مجلس الوزراء اللبناني البارحة سلسلة من التعيينات الأمنية والعسكرية شملت ترقية وتعيين عدد من كبار الضباط في الأجهزة الأمنية، حيث تم تعيين العميد رودولف هيكل قائداً للجيش اللبناني مع ترقيته إلى رتبة عماد، والعميد حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام مع ترقيته إلى رتبة لواء، والعميد رائد العبدالله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي مع ترقيته إلى رتبة لواء، والعميد إدغار لوندوس مديراً عاماً لأمن الدولة مع ترقيته إلى رتبة لواء.
أهمية التعيينات ودورها في الاستقرار الأمني
تأتي هذه التعيينات في مرحلة دقيقة يمر بها لبنان، حيث يُعوَّل على القيادات الأمنية الجديدة لعب دور أساسي في تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، وفق التوجهات التي تحددها القيادة السياسية العليا في البلاد. ولا شك أن هذه الخطوة تشكل ركيزة أساسية في مسار دعم انطلاقة العهد الرئاسي الجديد، خصوصاً أن المهام المنوطة بالقادة الأمنيين الجدد تتصل مباشرة بملفات حساسة ومصيرية، أبرزها ضبط الحدود، مكافحة الإرهاب، ومنع التهريب، إضافة إلى فرض هيبة الدولة وتطبيق القوانين بما ينسجم مع القرارات الدولية.
أبعاد القرار: دعم العهد الرئاسي وتفعيل الأجهزة الأمنية
لا يمكن فصل هذه التعيينات عن المسار السياسي العام في البلاد، إذ أنها تشكل جزءاً من عملية إعادة تنظيم المؤسسات الأمنية بما يتماشى مع الرؤية الرئاسية الجديدة. فقد شدد الرئيس في خطاب القسم على ضرورة تعزيز دور الجيش اللبناني في حماية الحدود، لا سيما عبر تثبيت الأمن جنوباً، وترسيم الحدود شمالاً وشرقاً، فضلاً عن الالتزام باتفاقية الهدنة ومنع الاعتداءات الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، لا يقتصر الدور الأمني على الجيش فقط، بل إن قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة تلعب أدواراً حاسمة في ضبط الأمن الداخلي،أبرزها مكافحة الجريمة، وحماية المواطنين. ومن هنا، فإن نجاح هذه الأجهزة في مهامها يتطلب دعماً سياسياً واضحاً، إضافة إلى تفعيل المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه رئيس الجمهورية، والذي يضطلع بدور أساسي في رسم السياسة الأمنية والدفاعية للبلاد.
التحديات أمام القيادة الأمنية الجديدة
مع اكتمال “الرباعي الأمني” عبر هذه التعيينات، تبرز تحديات كبرى أمام القيادات الأمنية، أبرزها:
1. ضبط الحدود ومنع التهريب: لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي جعلت عمليات التهريب تشكل خطراً على الاقتصاد الوطني والأمن القومي.
2. مكافحة الإرهاب والتصدي للخلايا المتطرفة: من خلال العمل الاستخباراتي الفعّال والتنسيق الأمني بين مختلف الأجهزة.
3. تعزيز سلطة الدولة وحصرية السلاح بيدها: وفق ما أشار إليه الرئيس، لضمان عدم وجود أي سلاح خارج إطار الشرعية.
4. حفظ الأمن والاستقرار الداخلي: لا سيما مع تصاعد التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية.
5. تنفيذ القرارات الدولية واحترام الاتفاقات المبرمة: خصوصاً في ما يتعلق بالقرار 1701 والتنسيق مع قوات اليونيفيل جنوباً.
التغطية السياسية: ضرورة لتعزيز فعالية الأجهزة الأمنية
على الرغم من استقلالية عمل المؤسسات الأمنية، إلا أن نجاحها يرتبط بشكل وثيق بالدعم السياسي والتغطية اللازمة لتنفيذ مهامها. إذ لا يمكن لأي جهاز أمني اتخاذ إجراءات كبرى دون غطاء سياسي يتيح له حرية الحركة واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الأمن والاستقرار. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن القيادات الأمنية تفتقر إلى هامش القرار، بل على العكس، فهي تمتلك خططاً واستراتيجيات للتعامل مع مختلف التحديات، سواء عبر التدخل المباشر أو عبر التنسيق مع الجهات المعنية.
التعيينات الأمنية: خطوة في الاتجاه الصحيح
لا شك أن هذه التعيينات تمثل خطوة محورية نحو تعزيز الاستقرار الأمني في لبنان، ووضع المؤسسات الأمنية على السكة الصحيحة. فالتحديات كبيرة، لكن الآمال معقودة على هذه القيادات الجديدة في إرساء بيئة آمنة ومستقرة تحفظ للبنانيين حقهم في العيش بأمان وكرامة.
وأخيراً، تبقى التهاني للعماد رودولف هيكل والألوية الجدد الذين يتحملون اليوم مسؤولية كبرى في حماية البلاد وصون أمنها، مع الأمل بأن يكون عهدهم بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار. حفظهم الله وأطال في أعمارهم.
د. ابراهيم العرب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.