البلديّات حتماً!
بقلم ملاك عقيل
«أساس ميديا»
مع دعوة وزير الداخلية أحمد الحجّار الأربعاء الماضي الهيئات الناخبة إلى إجراء الانتخابات البلدية بدءاً من جبل لبنان في 4 أيّار، التزاماً بروزنامة الاستحقاق بتواريخه المحدّدة على أربع مراحل حتى 25 أيّار، تقترب السلطة أكثر من الإيفاء بالتزامها إجراء الانتخابات البلديّة والنيابية، وسط مناخ سياسي أقلّ ما يمكن أن يُقال فيه أنّه بالغ الخطورة والتشنّج. أمّا بالنسبة لاقتراح القانون المقدّم من النائبين مارك ضو ووضّاح الصادق بالتأجيل، ربطاً بمعيارَي تحسين التمثيل وإدخال بنود إصلاحية إلى القانون، فلم يحظَ بعد بتوافق نيابي يحوّله إلى أمر واقع.
تقرّ وزارة الداخلية بأنّ الإعتمادات المالية للعملية الانتخابية متوافرة، وهي 11 مليون دولار، بما فيها بدل العمل اليومي الإضافي للموظّفين والقوى الأمنيّة والعسكر والقضاة، وتقرّ أيضاً بجهوزيّة الوزارة لتحقيق مشاركة أبناء القرى الجنوبية المدمّرة في الاستحقاق البلدي. لكنّ سوابق تأجيل الانتخابات البلدية، لثلاث مرّات متتالية، حتّى بعد دعوة الهيئات الناخبة، لا تزال تفتح المجال أمام التشكُّك في حصولها.
الأهمّ من ذلك أنّ الاعتداءات الإسرائيلية المستمرّة، التي طالت أخيراً الضاحية وصيدا وقرى جنوبية عدّة جنوب الليطاني وشماله، تطرح تساؤلات جدّية عن إمكان إجراء الانتخابات في ظلّ شبه حرب إسرائيلية معلنة على لبنان.
بعد التسريبات عن تباين بين الرئيسين جوزف عون ونوّاف سلام، بسبب أنّ الأوّل يُشجّع والثاني يُفرمِل تحت عنوان التأجيل التقنيّ المحدود، تقول مصادر قريبة من الرئيس عون إنّه “التزاماً بخطاب القسم والبيان الوزاري، يجب أن تحصل الانتخابات البلديّة، وهذا الأمر يُشكّل دفعاً قويّاً في مسيرة انطلاقة العهد، ويرسل إشارات إيجابية للخارج بالتزام إجراء الاستحقاقات الدستورية”. أمّا الرئيس سلام فقد نفى مكتبه الإعلامي تأييده لفكرة تأجيل الانتخابات البلديّة.
الانتخابات البلدية التي حُدّدت أولى جولاتها في 4 أيار سبقتها تشكيلات أمنيّة في قوى الأمن الداخلي، صدرت الدفعة الأولى منها ليل الجمعة، وشملت فصل ضبّاط من “شعبة المعلومات” وإليها، ثمّ صدرت يوم السبت تشكيلات داخلية شملت رؤساء فروع ومكاتب الشعبة في بيروت والشمال والبقاع والجنوب.
باسيل: صفر تمثيل
أتت هذه التشكيلات بعد إصدار مراسيم قادة الوحدات في مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي. والتعيين الأكثر التصاقاً بالاستحقاقات البلدية والنيابية هي قيادة الدرك، فتمّ تعيين العميد جان عوّاد قائداً لوحدة الدرك الإقليمي، وهو مقرّب جدّاً من “القوات اللبنانية”، فيما عُيّن العميد طوني متّى قائداً للقوى السيّارة، وهو شقيق زوجة شقيق رئيس الجمهورية. أمّا “التيار الوطني الحرّ” فخسر “تمثيله” داخل مجلس القيادة في قوى الأمن. ومن التشكيلة الحكومية إلى كلّ التعيينات التي أقرّتها حكومة سلام حتّى الآن، يُرصَد صفر تمثيل للنائب جبران باسيل، في مقابل مراعاة واضحة لتمثيل سمير جعجع.
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لم يجرِ التطرّق، وفق المعلومات، إلى مسألة الانتخابات البلدية و”الميغاسنتر” المفترض أن يتمّ من خلالها إجراء العملية الانتخابية في القرى الجنوبية المدمّرة التي حدّدت الداخلية موعد إجراء الانتخابات البلدية فيها في 25 أيار المقبل. في المقابل، يبدو الاقتراح الذي يؤيّده الثنائي الشيعي بإقامة بيوت جاهزة داخل القرى المدمّرة لإجراء الانتخابات، غير قابل للتحقيق في ظلّ الاعتداءات الإسرائيلية القابلة للتوسّع، واستهداف العدوّ بشكل منظّم للبيوت الجاهزة التي ثبّتها بعض الجنوبيّين في القرى المدمّرة، بما في ذلك البيوت الـprefabrique للمراكز الصحّيّة.“تُزايد” الكتل السياسية الكبرى على بعضها حيال حتميّة إجراء الانتخابات البلدية، ويراها “الحزب” وحركة “أمل” فرصة ثمينة لـ”الاستثمار” في شدّ العصب الشيعي، مع محاولة واضحة للتوصّل إلى توافقات وتزكية في العديد من البلديّات تعفي الثنائي من “وجعة الرأس” مع العائلات وبين مرشّحي الحزبين أيضاً. و”القوات” تريد من خلالها أن “تكمّل” على التيار لجهة تقليص نفوذه السياسي، و”إقحامه” في انتخابات يخوضها للمرّة الأولى من دون أذرع دعم رئاسية ووزارية وأمنيّة وإدارية، وهو ما قاد باسيل قبل أيّام إلى إعلان أنّ “التيّار” لن يخوض الانتخابات بمرشّحين حزبيّين، بل سيقوم بدعم مرشّحين بحسب برامجهم.
الثّنائيّ غير متحمّس لـ”الميغاسنتر”
لكنّ الهاجس الأمنيّ قد يفرض نفسه على الجميع في المدّة القليلة الفاصلة عن فتح صناديق الاقتراع في 4 أيّار. ولم يجد مطلب “الميغاسنتر” بعد أرضيّةً حاضنةً له. تتشكّك مصادر في إمكان إعداد “الميغاسنتر” في الوقت الباقي الفاصل عن موعد الانتخابات، خصوصاً أنّ “الميغاسنتر” معدّة للانتخابات النيابية لا البلدية، وهو ما يقتضي في حال حصول الانتخابات تعديل قانون الانتخاب.
لا يُحبّذ الثنائي الشيعي، المتحمّس للبلديّات، إنشاء “ميغاسنتر” بعيدة عن القرى المدمّرة، ويُفضّل إنشاء بيوت جاهزة بالقرب من هذه القرى. ولم يُحدَّد بعد موعد مناقشة اقتراح القانون المقدّم من النائبين وضّاح الصادق ومارك ضو.
ملاك عقيل
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.