الاعتداء على “اليونيفل” لا يحرّر الجنوب

37

كتب عوني الكعكي:

ما جرى منذ ثلاثة أيام، من اعتداءات على “اليونيفل” خصوصاً إحراق سيارة تقُل نائب رئيس قوات “اليونيفل” الذي كان مسافراً على طريق مطار رفيق الحريري، تعتبر وصمة عار على جبين جميع اللبنانيين.

إذْ من غير المقبول، وتحت أية ذريعة أن تتم الاعتداءات على قوات حفظ السلام، الذين هم في الحقيقة يساعدوننا ويحموننا من العدو الاسرائيلي، ضمن إمكانياتهم المحددة لهم والمحدودة.

في الحقيقة، ان المجتمع الشيعي اليوم منقسم الى قسمين: القسم الأول الذي أدرك ان هناك خسارة كبيرة، وأهم هذه الخسائر:

أولاً: خسارة أكبر زعيم وقائد في تاريخ المقاومة السيّد حسن نصرالله، ومعه كامل قيادته، وهذه هي المرة الأولى التي تستطيع إسرائيل أن تحقق إنجازاً بمستوى تاريخي.

ثانياً: القضاء على كامل القيادة لـ”الحزب” من الصفين الأول والثاني.

ثالثاً: 4000 آلاف من خيرة عناصر المقاومة تضرروا من عملية “البيجر”، مع ألف فقدوا أبصارهم، وألف أصيبوا بإعاقة جسدية، وألف أصبحوا مقعدين، وألف لم يعودوا صالحين لأي عمل.

رابعاً: العجيب الغريب واللافت أيضاً هو عدم وجود أي ردّ إيراني، وكأنّ القائد الذي قُتل لا يعنيهم.. وهذا لافت ويجب التوقف عنده. لأنّ هناك حالة في الحزب تشير الى ان إيران تستغل الحزب فقط لمصالحها الخاصة.

خامساً: الزلزال الذي حصل في سقوط الرئيس الهارب بشار الأسد، والطريقة التي سقط فيها، ففر هارباً لاجئاً الى موسكو… فمن كان يتصوّر أن يسقط الأسد خلال أسبوع واحد، بدءاً بحلب… ومن الذي أسقطه؟ انها مجموعة من المعارضة عددهم قليل جداً، مقارنة مع إمكانيات الرئيس الهارب.

ومع سقوط الرئيس الهارب، يمكن القول إنّ طريق “الإمداد” لحزب الله أصبحت مقطوعة، بعبارة أخرى صار الحزب محاصراً في الجنوب والضاحية والبقاع.

هذا الفريق أدرك ان القضية انتهت… ومن أجل ذلك قام الحزب بالتوقيع على الاتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل.. والأخطر ان هذا الاتفاق قد أسقط ما يسمّى بجنوب الليطاني، إذ أصبحت الدولة مسؤولة عن حصرية السلاح بالجيش اللبناني والقوى الامنية على كامل الاراضي اللبنانية.

اما الفريق الثاني، وهو الذي لا يصدّق ما حصل، ولا يزال يأمل أن تتغيّر الظروف، فينجو كما كان ينجو في المرّات السابقة، وأنه يستطيع أن يفلت هذه المرة. وهذا الفريق لا يزال لا يدرك معنى سقوط الرئيس بشار ومعه سوريا… ولا يدرك أيضاً انه أصبح بدون أي طريق للإمدادات، وأنه أصبح محاصراً في بقعة صغيرة جداً.

من ناحية ثانية، يُقال إنّ إيران تقف وراء تأجيج الصراع حول نقل أموال الى “الحزب”، والحجة الحقيقية خلف هذا العمل انها تريد سبباً كي لا تدفع أموالاً.. أولاً: لأنّ ظروفها المالية تزداد سوءاً، وثانياً: انها غير قادرة على تغطية الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب، لأنّ الحقيقة تختلف كثيراً عن أوهام أصحابها.. وما دمرته إسرائيل لا يمكن وصفه… والكثيرون لا يدركون ان أعداداً كبيرة من القرى، “يُقال 62 قرية”، مهدمة على الارض لا يوجد فيها حجر على حجر… وأنّ كلفة إعادة الإعمار تفوق المليارات، وإيران لا تريد أن تدفع.

فنصيحة الى القيادة الباقية، ولا أريد هنا أن أتوقف عند خطاب الامين العام الجديد للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي يختبئ تحت نظرية لم أسمع بمثلها في حياتي.. هذه النظرية تقول “بعد اغتيال بعض القادة يصبح الحزب أقوى، لأنّ هذا الاغتيال يقوّي عزيمة القادة الباقين”. والغريب انه أعطى أمثلة، وليته يكف عن هذه النظريات غير الحقيقية، والتي ليس لها أي علاقة بالمنطق ولا بالواقع.

ارحموا هذا الشعب يرحمكم من في السماء.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.