استعادة الثقة

69

بقلم مروان اسكندر
لقد اصبحت ثقة اللبنانيين بالحكم شبه معدومة ولهذا السبب يرتفع عدد المهاجرين من اصحاب الكفاءات كالأطباء والمهندسين واساتذة الجامعات ومدراء الشركات التي تسوق منتجات استهلاكية، واذا استمرت الهجرة على مستوى ما تحقق عام 2023 أي حوالى 350 الف لبناني ولبنانية سيصبح عدد اللبنانيين في سن 20-30 سنة اقل من عدد المقيمين السوريين. فالسوريون يتوالدون بسرعة تفوق زيادة اللبنانيين.
الخطوات التصحيحية المطلوبة تستوجب استعادة الثقة باستقرار الاوضاع وتصحيح اوضاع البنوك، وحكومة حسان دياب لم تعالج ايًا من المشاكل المستعصية علمًا بانه صرح حين تولجه رئاسة الوزراء ان 97% من القضايا الملحة محلولة…وفي الواقع ان الحل كان من عقل الناطق بهذا الرقم السخيف.
فقد تخلف لبنان عن تسديد القسط المستحق على قرض ما يسمى باليوروبوندز وهو في الواقع قرض متوسط الامد بقيمة 32 مليار دولار والبلد يعاني من مشكلة توافر السيولة لتامين استمرار الوظائف المناسبة والقدرة على تسديد اقساط الابناء في المدارس والجامعات الخاصة ومعالجة الامراض الشديدة…منذ تاريخ التمنع والذي حدث بقرار في مجلس الوزراء علمًا بان حاكم مصرف لبنان في حينه كان قد رتب قرض قصير الامد مع صندوق النقد الدولي تفاديًا للازمة المقبلة في حال رفضت تسديد الفائدة، وكان الرئيس الحريري قد توصل الى تامين التزام عدد من الدول والمؤسسات الدولية والعربية بتأمين 11.2 مليار دولار كقرض طويل الامد لمعالجة السيولة وتفادي توسع الازمة المصرفية التي حدثت في لبنان ما بين اسوأ بلدان الانظمة الاقتصادية الحرة ومنعت المحاكم عن اصدار احكام باستحقاقات ودائع ملحوظة وتقليص تامين السيولة بمقدار 400 دولار شهريًا وعلى ما يبدو هذا البرنامج توقف.
نعود الى موضوع الرئيس سعد الحريري الذي كان حصل على وعود قلما تتوافر من دول كالسويد مثلاً وبنك الاستثمار الاوروبي، والمملكة العربية السعودية، وصندوق النقد الكويتي الخ…لكن تحقيق النتيجة حال دونه حديث للرئيس ميشال عون مساء تاريخ عقد الجلسة الوزارية للموافقة على مشروع الرئيس الحريري فاعلن الرئيس انه لا يثق بالرئيس الحريري الذي استقال مباشرة لانه ادرك اتساع نطاق الازمة النقدية وكان دين الكهرباء في حينه قد بلغ مع فوائده نسبة 65% من الدين العام.
خلال السنوات الثلاثة المنقضية لم تتوافر صيغة من قبل الوزارة، او جمعية المصارف او مجلس النواب لمعالجة ازمة توافر الدولار بعد ان اصبح العملة الرئيسية لاقساط المدارس، وفواتير المستشفيات وحتى الحصول على الادوية البسيطة.
النتيجة الاسوأ لازمة عدم تسديد دين مستحق او فوائده طالت جميع المصارف العاملة في لبنان والتي اصبحت بالفعل عاجزة عن تسديد حقوق المودعين وهذا العجز يعني ان البلد لن يعود مقصدًا للمودعين من بلدان المنطقة خاصة البلدان العربية.
ان عدد البنوك الصغيرة والمتوسطة التي تحتوي على سيولة توازي حجم ودائعها محدود ان لم يكن معدوم وهذه النتيجة تمهد لزيادة الهجرة وبعد وقت قصير الابتعاد عن البنوك اللبنانية التي تأسست في الخارج علمًا بان بعض هذه البنوك مثل بنك لبنان والمهجر الذي كان اصبح ثاني اكبر بنك في مصر تخلى عن اعماله لصالح فريق مقتدر وراس مال ملحوظ، وبنك عوده تخلى عن بنك تابع في الاردن، وعدد من المصارف اللبنانية قلصت التزاماتها الخارجية ويبقى السؤال، كيف للبنان ان يستعيد العافية وحكومته على هذا المستوى من العجز؟
يجب ان نبدأ بدمج بعض البنوك الصغيرة والمتوسطة لتامين سيولة مريحة، ويمكن استقطاب بنك قطر الوطني المتواجد في لبنان والذي اصبح اكبر بنك عربي بميزانية تفوق ال550 مليار دولار للاستحواذ على البنوك القابلة للحياة مع دعم لسيولتها وتحقيق دمجها.
كذلك يجب علينا تأسيس شركة غير لبنانية لاستيراد المشتقات النفطية ويمكن تحقيق ذلك بتأسيس هكذا شركة برأسمال يوازي 1.2 مليار دولار (أي ما يغطي ربع حاجات لبنان التمويلية لاستيراد المشتقات) ويمكن اشراك شركتين لبنانيتين في تملك نسبة 40% من الشركة والتوجه الى منظمة الIFC التابعة للبنك الدولي والتي يمكن ان تسهم في مشاريع خاصة. وبالفعل هذه المؤسسة الدولية شريكة في تملك فندق جيد السمعة والتنظيم في لبنان منذ سنوات.
اضافة الى الخطوة المشار اليها يمكن استقطاب بنك الصين الوطني – اكبر بنك في العالم – لاستثمار 10-15 مليار دولار في تأسيس بنك في لبنان، وعمل هذا البنك قابل للنمو بسرعة لان تجارتنا مع الصين سنويًا تتراوح ما بين استيراد 1.5-1.6 مليار دولار من البضائع الصينية فيكون تأسيس البنك توثيق العلاقات مع الصين التي بدأت تحوز سمعة دولية مشجعة، وها هي تقرر ضخ 50 مليار دولار كتمويل لمشاريع في افريقيا، علمًا بان تسهيلاتها في افريقيا تتجاوز ال200 مليار دولار.
ان هذه الخطوات تؤمن توافر 60% من حجم الودائع في البنوك اللبنانية وتحفيز النشاط الاقتصادي خاصة مع الكتلة الشرقية، أي الصين، واليابان، وكوريا وجميع هذه الدول على علاقات جيدة مع تجار ومؤسسات في لبنان.
يجب علينا تخصيص تامين الكهرباء 24/24 ساعة يوميًا وقد شاهدنا اندفاع القطاع الخاص في تمويل انجاز شبكات من الالواح الحافظة لطاقة الشمس تبلغ طاقتها حاليًا 2400 ميغاواط ويمكن ان ترتفع هذه الطاقة الى 3000 ميغاواط فيصبح لبنان قادرًا على تامين ما يماثل 15% من حاجتنا للكهرباء من المعامل القائمة بعد تحديثها، والخطوة الاساسية الغاء وزارة الطاقة ودفع وزيرها للتقاعد بعدما برهن على التزامه اللاعمل خلال ولايته اليتيمة على ما نامل.
مروان اسكندر

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.