إيران تخلّت عن بشار وباعته بعد تهديد ترامب
كتب عوني الكعكي:
حدثان كبيران يهزان منطقة الشرق الأوسط: الأوّل اغتيال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، ومعه كامل طاقم قيادة «الحزب».. إضافة الى تفجير «البيجرز» والذي أدى الى 15000 عنصر من «الحزب العظيم» بين شهيد وضرير ومُعاق جسدياً.
لم تكتفِ إسرائيل بهذا، بل وجهت ضربة ثانية قضت على القيادة السياسية لـ «الحزب» بالكامل.
أما الحدث الثاني الكبير فهو إسقاط بشار الأسد خلال ثلاثة أيام ومن دون أي حرب حقيقية تذكر…
لا شك أن الأسد اليوم يعاني من مأساة، ليست فقط القضاء على مركزه، بل القضاء على القيادة السياسية والقيادة العسكرية لسوريا.
لقد تسارعت الأحداث، ولا أزال غير مصدّق ما رأته عيناي، كيف يتساقط مقاتلو حزب الله، وكيف يسقط الجيش السوري الذي طالما كنا نعتقد أن هذا الجيش على استعداد لمحاربة إسرائيل. ليتبيّـن لنا أن كل هذا كان كذباً بكذب.
على كلّ، ما قام به الأبطال السوريون من حكمة وتعاطٍ مع المجتمع الدولي أدهش العالم كله. وخصوصاً أن كل الادعاءات التي كان بشار يدّعي بها لم تكن صحيحة أبداً.
اليوم، تعيش سوريا لحظات تاريخية، خصوصاً أن القيادة الجديدة تسلمت الحكم بحنكة وحكمة وتعرف ماذا تفعل. والأهم أنها لم تعتَدِ على مواطن سوري واحد، بل حافظت على الجميع، وطلبت من كل الموظفين العودة الى وظائفهم، وعيّنت محافظاً لحلب هو المطران حنا جلوف، وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدلّ على فتح صفحة جديدة مع جميع المواطنين. بالتأكيد إن إيران تخلت عن بشار وباعته بعد تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لها.
هنيئاً لسوريا قيادتها الجديدة، ونتمنى أن يعود الأمن والاستقرار للشعب السوري الذي عانى منذ خمسين عاماً جميع أنواع القهر والتعذيب. وهذا الشعب البطل يستحق أن يعيش بكرامة.
والأنكى أيضاً أن الشعب الإيراني سوف يحاسب قيادته على ما فعلته من صرف أموال وتقديمها لمشاريع تخريبية. فمن كان يصدّق أن يحدث هذا التغيير بعد خمسين عاماً؟
ومما يدلّ على أهمية ما حدث في سوريا، ما نشرته صحيفة «الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية. لقد اهتمت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية بالتطورات في سوريا بشكل كبير. فقدمت تحليلاً حاولت من خلاله رؤية المصالح الإسرائيلية والمخاطر التي يمكن أن تهدّدها من التغييرات المحتملة.
وقالت «جيروزاليم بوست» في تحليل بقلم «أمير بهبط»: إنّ الاشتعال المفاجئ للحرب في سوريا، جعل العديد من الإسرائيليين يتساءلون: «عدو عدوّي يقاتل عدوّي، إذن فأنا مع أيهما؟» أو بعبارة أخرى، «من الذي لا ترغب إسرائيل في رؤيته على حدودها مع سوريا؟ هل هم المتطرفون الجهاديون الشيعة المدعومون من إيران، أم الجهاديون السنّة المدعومون من تركيا؟».
ولأنّ إسرائيل -في الواقع- لا ترغب في وجود أي منهما على حدودها، وتفضّل وجود نظام سوري ضعيف يحكمه الأسد بدل سقوطه -كما تقول الصحيفة-، فإنّ نهجها تجاه التطورات في سوريا سيكون البقاء بعيداً عن الصراع، ما لم يتم تهديد مصالحها الأمنية بشكل مباشر أو فوري.
أضافت: إنّ هجوم المعارضة السورية المسلحة لم يتوقعه إلاّ القليل، رغم أنه لم يكن مفاجئاً تماماً، إذ كان واضحاً أن حرب الشرق الأوسط التي بدأتها «حماس» في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ستكون لها آثار إقليمية أوسع، وإن لم يكن واضحاً ما ستكون عليه هذه الآثار والتداعيات.
وبعد هذا التسلسل من الأحداث، وإقحام حزب الله نفسه بحرب المساندة، اتخذت المعارضة السورية قراراً بمحاولة استعادة حلب، وإعادة إشعال الحرب ضد بشار الأسد، في وقت أصبحت فيه 3 من أكبر حلفاء الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ضعيفة للغاية أو مشغولة، موسكو منشغلة في أوكرانيا، وحزب الله وإيران في أضعف أحوالهما، ومع ابتعاد حلفاء الأسد الثلاثة، رأت المعارضة فرصة كانوا يخططون لها كما يبدو، فانقضوا عليها وأشعلوها حرباً تبدو ناجحة منذ بداياتها.
ولخّص المقال مصالح إسرائيل التي تسببت أفعالها في لبنان وسوريا، في إضعاف المحور الإيراني – السوري – اللبناني، ومنع إيران من استخدام سوريا في إعادة تسليح حزب الله وبناء قوته. بمعنى أوضح -يتابع المقال- الحرب الأهلية في سوريا أخرجتها من كونها تشكّل تهديداً لإسرائيل.
ولم تكن إسرائيل تريد أن يسقط الأسد، لأنّ ذلك قد يؤدي الى الفوضى التي نادراً ما تكون مفيدة لإسرائيل، ولأنّ تلّ أبيب تحبّ القدرة على التنبّؤ.. والأسد في سوريا يوفّر ذلك، فهو ليس صديقاً، ولكن إسرائيل على الأقل تعرف ماذا تتوقع منه وما يمكنه وما لا يمكنه فعله.. وما سيفعله وما لن يفعله.
أما تركيا -حسب المقال- فمصالحها تتلخص أساساً في إعادة توطين ما يقدّر بنحو 3.5 ملايين لاجئ سوري، وفي تقويض الجهود الكردية في المنطقة بشكل أكبر.
اما إيران، التي تُعد الخاسر الأكبر الى جانب الأسد، فمصلحتها هي الحفاظ على سوريا كممر للأسلحة الى حزب الله، وكمنصة لإنتاج الأسلحة للمجموعة اللبنانية وإعادة بناء وكيلها الرئيسي. وبالتالي إذا سقط الأسد فسوف تضيع هذه المصلحة، وهذا ما حدث بعد سقوط الأسد.
وأعتقد ان سقوط بشار الأسد السريع في سوريا ليس مستغرباً بعد تخلي إيران عنه، كما تخلّت عن الرد على اغتيال اسماعيل هنية قائد «حماس»، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله وقادة الحزب الكبار.
فهل تسببت إيران بهذه الكوارث كلها؟ أعتقد ذلك.