إعلام أميركا وبريطانيا: الـPager مهّد لحرب شاملة

32

إيمان شمص

«أساس ميديا»

وفقاً لموقع “أكسيوس” الأميركي أكّد مسؤول إسرائيلي سابق مسؤولية إسرائيل عن هجوم الـPagers (“البيجر”) ضدّ الحزب. وأوضح أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت تخطّط لتنفيذ الهجوم كضربة افتتاحية مفاجئة للحزب في حرب شاملة تهدف إلى إضعاف الحزب. وأنّه كان يفترض أن تتمّ العملية في تاريخ آخر لاحق. غير أنّ إسرائيل قرّرت تقديم الموعد بسبب قلقها من احتمال اكتشاف الحزب لعمليّتها السرّية. ونقل عن مسؤول أميركي مطّلع وصفه للأسباب التي قدّمتها إسرائيل للولايات المتحدة لتوقيت الهجوم: “لقد كانت لحظة إمّا أن تستخدمها أو تخسرها“.

نقل موقع “أكسيوس”، عن مسؤول إسرائيلي سابق مطّلع، أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اتّصل بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قبل دقائق من تنفيذ تفجيرات “البيجر”، وأبلغه أنّ تل أبيب على وشك تنفيذ عملية في لبنان، دون إعطائه تفاصيل محدّدة. وأوضح المسؤول للموقع أنّ “أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت تخطّط لاستخدام أجهزة النداء المفخّخة التي تمكّنت من “زرعها” في صفوف الحزب كضربة افتتاحية مفاجئة في حرب شاملة لمحاولة شلّ حركة الحزب. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار وزرائه ورؤساء قوات الدفاع الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات قرّروا استخدام النظام الآن بدلاً من المخاطرة باكتشافه من قبل الحزب”.

كان موقع “مونيتور” الأميركي قد نقل عن مصادر استخبارية إقليمية رفيعة المستوى أنّ إسرائيل نفّذت هجومها بأجهزة البيجر في لبنان بعدما جمعت معلومات استخبارية تفيد بأنّ اثنين من أعضاء الحزب اكتشفا اختراق الأجهزة. وأشار إلى أنّ قرار تنفيذ العملية فُرض على إسرائيل بسبب هذا الخرق الاستخباري “قبل فوات الأوان”. وذكر أنّ آلاف الأجهزة التي حصل عليها الحزب فخّختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب، وأنّ الخطّة الأصلية الإسرائيلية كانت تقضي بتفجير الأجهزة في حال اندلاع حرب شاملة مع الحزب من أجل تحقيق تفوّق استراتيجي. وذكر الموقع، نقلاً عن المصادر ذاتها، أنّ إسرائيل كانت أمام 3 خيارات بعدما همّ أحد أعضاء الحزب بإخبار رؤسائه بشأن شكوكه. وكانت هذه الخيارات: شنّ حرب على الحزب وتفجير الأجهزة وفقاً للخطّة الأصلية، أو تفجيرها على الفور وإلحاق أكبر ضرر ممكن، أو تجاهل الأمر والمخاطرة باكتشاف الخطّة. وتقرّر في نهاية المطاف تنفيذ الخيار الثاني في عملية ظلّت سرّية حتى عن الولايات المتحدة.

فورين بوليسي: عملاء في الحزب

 لم تستبعد مجلّة فورين بوليسي الأميركية أن يكون هجوم أجهزة البيجر البداية لحملة عسكرية إسرائيلية طويلة الأمد ضدّ الحزب في لبنان، ورأت أنّ أحد الدوافع وراء الهجوم، كما كان الحال مع اغتيال القيادي السياسي في حماس إسماعيل هنية في طهران، هو أنّ الموساد مصمّم على إعادة بناء سمعته التي تعرّضت لضربة كبيرة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل. فقد كانت العملية ضخمة منظّمة بدقّة، ونُفّذت بتخطيط دقيق واهتمام بالتفاصيل، وهو ما سيجعل الحزب أكثر توتّراً وقلقاً ممّا قد يفعله الموساد بعد ذلك.

رجّحت المجلّة أن يقوم الحزب نتيجة هذا الهجوم بمراجعة شاملة لجهازه الأمني الداخلي، ورصد الثغرات في أمان عملياته وتحسين تدريب أعضائه وصولاً إلى حملة تطهير داخلية للبحث عن عملاء مزدوجين، وهو ما قد يؤدّي إلى سفك دماء داخلي في الحزب، وهو مكسب إضافي لعملاء إسرائيل. واعتبرت أنّه إلى جانب تحسين صورة الموساد، كان لهذه العمليات السرّية الإسرائيلية تأثير عمليّ كبير. فقد تمّ تدمير القيادة ونظام الاتّصال الخاصّ بالحزب، وأُصيب المئات من مقاتليه بإعاقات طويلة الأمد. وتوقّعت أخيراً أن تأخذ الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن والعراق وسوريا وغيرها احتياطات أكبر الآن، وأن تغيّر طريقة تواصلها بعضها مع بعض، وهو ما قد يؤثّر على التنسيق بينها ويعيق قدرتها على شنّ هجماتها.

نيويورك تايمز: لا هدف استراتيجيّاً واضحاً

بالنسبة لصحيفة “نيويورك تايمز” سلّط الهجوم الضوء على التنافر بين انضباط وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، التي لديها القدرة على التخطيط للعمليات قبل أشهر أو حتى سنوات، والتفكير القصير الأجل الفوضوي للقيادة السياسية الإسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن محلّلين إسرائيليين قولهم إنّ الهجوم كان نجاحاً تكتيكياً ليس له أيّ تأثير استراتيجي واضح، فقد أظهرت إسرائيل براعة تقنيّة لكنّ نيّتها على المدى الطويل غير واضحة، فالهجوم لم يغيّر حتى الآن التوازن العسكري على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية حيث يتحصّن الحزب ويمنع عشرات الآلاف من سكّان شمال إسرائيل من العودة إلى ديارهم.

نقلت الصحيفة عن ميري إيسين، وهي ضابطة استخبارات كبيرة سابقة تعمل في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، وهو منظّمة بحثية مقرّها إسرائيل: “هذا حدث تكتيكي مذهل. ولكن لن يتحرك مقاتل واحد من الحزب عن جبهة الشمال بسبب هذا”.

بحسب الصحيفة يعتقد إسرائيليون أنّ إسرائيل كانت لديها نيّة استراتيجية محدّدة. كانت تأمل أن تؤدّي وقاحة الهجوم وتعقيده في نهاية المطاف إلى جعل الحزب أكثر استعداداً لقبول وقف إطلاق النار في الأسابيع المقبلة، إن لم يكن على الفور. ونقلت عن عاموس يادلين، رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق: “إنّ هدف العملية ربّما كان إظهار إسرائيل للحزب أنّه سيدفع ثمناً باهظاً للغاية إذا استمرّ في هجماته على إسرائيل بدلاً من التوصّل إلى اتفاق، وفصل الحرب التي أعلنها الحزب على إسرائيل عن الحرب مع حماس”. وأضاف أنّ هذه العملية تمنح هوكستين “أداة أخرى لاستخدامها عند التحدّث مع الحزب وإبلاغه أنّ من الأفضل أن تتوصّل إلى اتفاق، وإلا فستواجه هجمات أكثر أهمية ومفاجأة”.

غير أنّ سيما شاين، الضابطة السابقة في الموساد، وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، والمحلّلة في معهد دراسات الأمن القومي، وهو منظمة بحثية إسرائيلية، تستبعد “أن يغيّر الحزب مساره، حتى وإن كان قد تدهور وفقد اتّجاهه بسبب الهجوم”. فهو، كما تقول للصحيفة، ينظر إلى نفسه باعتباره الحليف الإيراني الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، وسيحاول تجنّب خلق تصوّر بأنّه تخلّى عن حماس، و”لا أرى أنّ هذا سيحدث”.

تلغراف: إهانة للنّظام الإيرانيّ

في صحيفة التلغراف البريطانية كتب العقيد هاميش ستيفن دي بريتون غوردون، وكان ضابطاً في الجيش البريطاني لمدّة 23 عاماً وقائداً لفوج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية المشترك في المملكة المتحدة وكتيبة الاستجابة السريعة للأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية التابعة لحلف شمال الأطلسي: تمثّل هذه العملية ما يُعرف في الاستراتيجية العسكرية باسم “النهج غير المباشر”. وهي تسعى إلى تقليل معدّلات الضحايا المرتفعة في مناطق الصراع التي تتميّز بقوات كثيفة، مثل الجبهة الغربية. في هذه الحالة، يستهدف العدوّ العابر والمراوغ الذي يختبئ بين المدنيين، وهو ما يجعل من الصعب ضربهم دون التسبّب بأضرار جانبية واسعة النطاق، كما رأينا في غزة.

الغارديان: النّتائج ستكون عكسيّة

لم تستبعد صحيفة الغارديان أن يكون الهجوم غير العاديّ والمنسّق على الحزب عملية من عمليات أجهزة الموساد. ولكن إذا تأكّد تورّطها، فإنّ هذا يمثّل تصعيداً كبيراً. في رأي الصحيفة، توضح هذه العملية رغبة قاسية وعشوائية في استهداف الحزب. وعلى الرغم من وجود تكهّنات حتمية حول القرصنة، فمن المرجّح أنّها كانت نتيجة لأجهزة تخريبية. ونقلت عن يوسي ميلمان، مؤلّف كتب عن الاستخبارات الإسرائيلية، قوله: “نحن نعلم أنّ الموساد قادر على اختراق الحزب والتسلّل إليه مراراً وتكراراً”. لكنّه تساءل عن الحكمة الاستراتيجية وراء الهجوم الذي “يعزّز فرصة تصعيد أزمة الحدود إلى حرب”، واعتبره “علامة على الذعر” لأنّه على الرغم من أنّه أظهر قدرة غير عاديّة على ضرب قلب الحزب إلا أنّه لن يغيّر الصورة الاستراتيجية الأوسع. وخلص إلى القول: “لا أرى أيّ تقدّم في ذلك”. لكنّه ذكّر بالمرّات الكثيرة التي شاركت فيها إسرائيل في اغتيالات أو هجوم مذهل آخر وأدّت إلى نتائج عكسية أو لم يتطوّر الموقف كما هو مقصود.

إيمان شمص

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.