أين اختفى ضباط الأسد؟

15

في صباح يوم 8 كانون الأول 2024، لم تكن طائرة بشار الأسد هي الوحيدة التي غادرت الأراضي السورية هربًا من فصائل المعارضة العسكرية التي سيطرت على دمشق معلنة سقوط النظام بعد 5 عقود من الاستبداد، بل تبعها آلاف من كبار المسؤولين وضباط الأمن الذين ارتبطت أسماؤهم بجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ورغم إعلان إدارة العمليات العسكرية عن حملات أمنية لملاحقة فلول النظام، فإنه بعد ما يقارب شهرين على سقوط النظام لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن اعتقال ضباط بارزين، باستثناء أنباء عن بعض المسؤولين، مثل اللواء محمد كنجو حسن المسؤول السابق عن المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا، والذي أصدر أحكام الإعدام بحق المعتقلين، لكن دون تأكيد رسمي.
وفي الوقت الذي تم فيه تأكيد وصول بشار الأسد وعائلته إلى موسكو عبر قاعدة حميميم الروسية، يظل السؤال مطروحًا عن أماكن اختباء آلاف الضباط والمسؤولين السابقين، والإمكانية التي قد يشكلونها كتهديد أمني للإدارة السورية الجديدة والتحديات التي قد تواجهها في ملاحقتهم ومحاسبتهم على الجرائم السابقة.
مع بداية تقدم إدارة العمليات العسكرية باتجاه حماة في أوائل شهر كانون الأول الماضي، عقب سيطرتها على مدينة حلب وباقي أرياف إدلب وحماة، شهدت مناطق الساحل السوري وريف حمص الغربي موجات نزوح كبيرة، وهي مناطق تشكل الحاضنة الشعبية للنسبة الأكبر من ضباط النظام وعناصره. تعدّ هذه المناطق الجبلية الوعرة، خاصة تلك القريبة من القرداحة (مسقط رأس بشار الأسد)، ملاذًا مؤقتًا لكبار الضباط وقادة الميليشيات، وقد أفادت مصادر للمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن هذه المناطق أصبحت ملاذًا آمنًا لقوات النظام من الضباط والشخصيات المعروفة لأبناء المنطقة.
وقال المرصد إن “شهادات المدنيين تؤكد أن هؤلاء الضباط كانوا جزءا من حلقات إجرامية وعمليات قتل جماعي، وقد تم إخفاؤهم في هذه المنطقة بعيدا عن الأنظار بعد انهيار النظام، حيث تتوفر فيها المساكن المجهزة بالكامل وخزانات الوقود التي تكفي لتلبية احتياجات المنطقة لعدة أشهر”.
وتواصل إدارة العمليات العسكرية مطاردة فلول النظام في هذه المناطق، من أبرزها عملية القضاء على المدعو شجاع العلي الذي يقود عصابة في ريف حمص الغربي تضم أفرادًا من “شبيحة” النظام، وبسام حسام الدين -قائد إحدى المليشيات المحلية التابعة للفرقة 25 بقيادة سهيل الحسن- الذي ظهر في تسجيلات مصورة يتبنّى أسر عدد من عناصر الأمن في ريف جبلة ويهدد بقتلهم ويحرّض على الفتنة الطائفية في الساحل السوري.
وفي 4 كانون الثاني 2025، ألقى الأمن العام القبض على مسؤول الكاميرات في سجن صيدنايا محمد نور شلهوم، وقائد ميداني من فلول النظام السابق، خلال عمليات التمشيط في مدينة حمص.
يذكر أن الاشتباكات مع فلول النظام في تلك المناطق تتسبب أحيانا في وقوع ضحايا بين القوات التابعة لإدارة العمليات العسكرية، كان آخرها مقتل اثنين من عناصرها وإصابة آخرين بجروح نتيجة هجوم نفذته مجموعة من فلول النظام المخلوع في جبلة.
ووفقًا لمسؤولين أمنيين لبنانيين ومسؤول قضائي تحدثوا شريطة عدم الكشف عن أسمائهم، فقد دخل نحو 8 آلاف مواطن سوري إلى لبنان عبر معبر المصنع الحدودي في الأيام القليلة التي تلت سقوط نظام الأسد، بينما غادر حوالي 5 آلاف شخص البلاد عبر مطار بيروت الدولي.
وكان وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي قد أعلن في 16 من الشهر نفسه أن السلطات اللبنانية تلاحق أي مسؤول سوري يدخل لبنان بطريقة غير شرعية وتجري عمليات تفتيش وتحقيق على المعابر الحدودية وتنفذ مداهمات أمنية في مناطق مختلفة للتأكد من صحة المعلومات حول دخول ضباط أو مسؤولين سوريين.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.