أمن مطار رفيق الحريري الدولي فوق كل اعتبار

38

استنفرت الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها، لتوقيف مَن يحاولون تعكيرَ السلم الأهلي وتشويهَ صورة لبنان في عيون المجتمع الدولي والأممي وعرقلةَ إنطلاقة القطار الداخلي الجديدة نحو مرحلة أكثر إشراقا وبياضا، وذلك بعد أن بلغ بهم الأمر حد الاعتداء على اليونيفيل والجيش اللبناني والمدنيين، واستسهلوا قطعَ الشريان الحيوي الذي تمثّله طريق المطار واثارة الفوضى والشغب في العاصمة. الخميس والجمعة، تكرّر هذا السيناريو يوم السبت، وتخطى الحدود الحمر بعد أن كاد “الغاضبون” يقتلون مسؤولا في القوات الدولية. سبب هذا الغضب في العلن، ان الدولة منعت طائرة ايرانية هدد الاسرائيليون بقصفها، مِن الهبوط في مطار بيروت، أما الهدف الفعلي فقد يكون محاولة من حزب الله لترويع الحكم الجديد وتطويعه ليرضخ لشروطه السياسية والامنية و”الاستراتيجية”، في تكرار للعبة 7 ايار 2008. على اي حال، بدا حزب الله مصرّا على تحدي الدولة حيثظم اعتصاما شعبيا  عند جادة الامام الخميني طريق المطار القديم – جسر الكوكودي، “استنكاراً للتدخل الاسرائيلي وإملاء الشروط واستباحة السيادة الوطنية”، والقى المسؤول في الحزب محمود قماطي كلمة نارية ضد الدولة اللبنانية التي اعتبر انها خاضعة للوصاية الاميركية والاسرائيلية .وقبيل فض الاعتصام حدث اشتباك بين بعض العناصر وقوة الجيش الموجودة هناك .

عون.. لا تساهُل

 الدولة تحرّكت بحزم وقوة، لفتح الطرقات وملاحقة المعتدين على اليونيفيل ومثيري الشغب، وذلك بضوءٍ أخضر مُطلق من قصر بعبدا والسراي. فقد اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ان ما حصل على طريق المطار وفي عدد من المناطق في بيروت، ممارسات مرفوضة ومدانة ومن غير المسموح ان تتكرر والقوى الامنية لن تتساهل مع اية جهة تتمادى في الاساءة إلى الاستقرار والسلم الاهلي في البلاد. وكان الرئيس عون تابع حتى ساعة متقدمة من صباح السبت التطورات التي رافقت اقدام شبان على قطع الطرق واشعال النار في اطارات وقيامهم بأعمال شغب، واعطى توجيهاته إلى الجيش والقوى الامنية بوقف هذه الممارسات وفتح كل الطرق وازالة العوائق من الشوارع وملاحقة المخلين بالامن واعتقالهم وإحالتهم إلى القضاء الذي باشر تحقيقاته الميدانية. ودان رئيس الجمهورية الاعتداء الذي تعرض له موكب نائب قائد قوة “اليونيفيل ” في الجنوب الجنرال النيبالي شوك بهادور داكال في اثناء مروره على طريق المطار واطمأن إلى حالته على اثر إصابته بجروح نتيجة هذا الاعتداء، مؤكداً أن المعتدين سينالون عقابهم. وأهاب الرئيس عون بـ”الجميع عدم الانجرار وراء دعوات مشبوهة تؤدي الى ممارسات كتلك التي حصلت ليل امس”، لافتاً إلى أن “التعبير عن اي موقف يجب ان يكون سلمياً وان القوى الامنية ستقوم بواجبها في حفظ الامن إذا ما تجاوزت ردود الفعل الاطار المسموح به لا سيما إذا ما هددت أمن المواطنين وسلامتهم”.

اجتماع وزاري طارئ

 بدوره، وغداة اتصاله بالمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لازارو، مستنكراً بأشد العبارات “الإعتداء الإجرامي” حيث أكّد لهما أنه طلب من وزير الداخلية “اتخاذ الإجراءات العاجلة لتحديد هوية المعتدين، والعمل على توقيفهم وتحويلهم إلى القضاء المختص لإجراء المقتضى”، ترأس رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في السراي الحكومي اجتماعا وزاريا لمتابعة المستجدات. وبعد الاجتماع، تحدث وزير العدل عادل نصار وقال : نرفض التعرّض للأملاك العامّة وندين التعرّض لليونيفيل واتّخذنا التدابير كافة لعدم تكرار أحداث طريق المطار ولتطبيق القوانين.. اما وزير الأشغال فايز رسامني فقال: نعالج موضوع المواطنين اللبنانيين في طهران ولم تأتِ الأذونات من طهران. اضاف: سنغطّي كل المصاريف لتأمين عودة اللبنانيين من طهران ووزير الخارجية طلب اجتماعاً مع السفير الإيراني في لبنان، مشيرا الى ان “ما حصل أمس ممنوع أن يتكرر واتّخذنا قراراً بتحييد مطار بيروت وتوفير أمن المسافرين”. وبعد الاجتماع، توجه سلام إلى قصر بعبدا لإطلاع رئيس الجمهورية على نتائج الاجتماعات التي عقدها اليوم لمتابعة آخر التطورات الأمنية. وتجدر الاشارة الى ان ستبقى حركة الطيران معلقة حتى 18 الجاري على الاقل، بين لبنان وايران بعد قرار الاخيرة معاملةَ لبنان بالمثل. 

جريمة مرفوضة

 الى ذلك، ترأس وزير الداخلية احمد الحجار اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الداخلي المركزي، لمتابعة الأوضاع الأمنية في ضوء الحوادث المستجدة. وبعد الاجتماع، أكّد وزير الداخليّة أنّ “الاعتداء على قوّات “اليونيفيل” يعتبر جريمة وهو مرفوض”. وقال “التحقيقات ستستكمل بشكل جدي وسنلاحق الفاعلين بكلّ جدّية وهناك 25 موقوفاً لدى مخابرات الجيش يتمّ التحقيق معهم وموقوف لدى قوى الأمن”. وأضاف “طلبت من الجيش والقوى الأمنية التشدد على الأرض للحفاظ على الأمن وحماية المواطنين”، مشدداً على أنّ “قطع الطرقات ممنوع”.

مداهمات وتدابير

 على الارض، نفذت وحدات من القوة الضاربة في الجيش اللبناني مداهمات واسعة في الضاحية الجنوبية اليوم لتوقيف متورطين في الاعتداءات. وسير الجيش اللبناني دوريات مؤلّلة في مختلف أرجاء الضاحية الجنوبية ضمن تدابير استثنائية ستستمر في الأيام المقبلة بعد الأحداث التي شهدتها طريق المطار.

إدانة دولية ومحلية

 وكانت المستجدات هذه محطَ ادانة محلية ودولية واسعة. وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذتها الجمهورية اللبنانية لمواجهة محاولات العبث بأمن المواطنين اللبنانيين، والتعامل بحزم مع الاعتداء على قوة الأمم المتحدة “اليونيفيل”.

وجددت الخارجية السعودية دعمها وثقتها بكل ما يتخذه رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام في هذا الصدد، وما يقوم به الجيش اللبناني من مهام وطنية تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.