هوكستين “خانهُ التعبير”: الخطّ الأزرق ليس الحدود

44

بقلم جوزفين ديب

«أساس ميديا»

تزامناً مع المحاولات الأميركية الفرنسية لفصل مسار لبنان عن غزة، بدأت الدبلوماسية الدولية تعمل على خارطة طريق تعتبرها شبه جاهزة لاتفاق مع لبنان بعد وقف إطلاق النار. وفي ظلّ الرسائل التي سبق أن وصلت إلى الحزب عبر الرئيس نبيه بري، من الموفد الأميركي آموس هوكستين، فإنّ النقاش لا يزال عند النقاط الخلافية الباقية على الخطّ الأزرق والأراضي المحتلّة، مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من قرية الغجر.

بعد وقف إطلاق النار في جنوب لبنان سيكون التفاوض انسيابيّاً عبر الأميركيين. ويفترض أن يؤدّي إلى استقرار الحدود اللبنانية الإسرائيلية لعقود مقبلة. بعد حرب غزّة، سيخرج لبنان بثلاثية بيانه الوزاري منتصراً بإنهاء كلّ أشكال الاحتلال الإسرائيلي للبنان. من عام 2000 حتى 2024، 24 عاماً ستتكلّل بإنهاء ما يعرف بـ”الخطّ الأزرق”. بل ستكون للبنان الحدود التي رسمتها خريطة سايكس بيكو، بين بريطانيا وفرنسا، باستثناء ما ستعترض عليه سوريا.

الخطّ الأزرق ليس الحدود النّهائيّة

تلقّى كلام الموفد الأميركي آموس هوكستين في حفل حضره وفد سياسي لبناني في واشنطن انتقادات شديدة اللهجة. إذ قال هوكستين: “فلنعتبر الخطّ الأزرق هو الحدود النهائية بين لبنان وإسرائيل”. في الواقع أنّ هذه العبارة كما هي تخرق السيادة اللبنانية وتسقط كلّ جولات العمل السابقة على النقاط العالقة على الحدود. إلا أنّ مصادر دبلوماسية قالت لـ”أساس” إنّ هوكستين قد يكون خانه التعبير أو لم يقصد ما قاله.

بغضّ النظر عن مضمون كلام الموفد الأميركي تؤكّد مصادر دبلوماسية غربية لـ”أساس” أن لا أحد يريد اعتبار أنّ الخطّ الأزرق هي الحدود اللبنانية مع إسرائيل. لأنّ الخطّ الأزرق هو الخطّ الذي انسحبت إليه إسرائيل عام 2000 فأبقت على بعض المساحات خارجه محتلّة. لا بل هناك إجماع على ضرورة العودة إلى المفاوضات لحلّ النقاط التي لا تزال عالقة على اعتبار أنّ حوالي ستّ نقاط سبق أن عولجت.

النّقاط الـ13 ونقطة الـB1

تمتدّ النقاط الـ13 المُختلَف عليها، من بلدة الناقورة غرباً حتى بلدة الماري شرقاً. والنقاط العالقة هي عبارة عن بقع جغرافية، أهمّها نقطةB1  الساحلية في منطقة رأس الناقورة التي سبق أن سبّبت خلافاً في الترسيم البحري في عام 2022 على اعتبار أنّ لبنان سبق أن اعتبرها منطلقاً برّياً لترسيم حدوده البحرية.

أمّا اليوم وقد أنجز الترسيم البحري فإنّ نقطة الـB1 لم تعد تشكّل عائقاً لأنّها فقدت أهمّيتها في ترسيم الحدود البحرية.

وبالتالي فإنّ النقاط الـ12 الأخرى تمتدّ على كامل الشريط الحدودي. بعضها بقع صغيرة الخلاف عليها لا يتعدّى أمتاراً معدودة، وبقع أخرى تصل مساحات الخلاف عليها إلى 2000 و3 آلاف متر مربّع. وهناك بقعة تصل مساحتها إلى 18 ألف متر مربّع. وهذه النقاط لا تشمل قرية الغجر ومزارع شبعا.

من رأس الناقورة تتوزّع النقاط على الشكل التالي إلى الحدود:

  • ثلاث نقاط في بلدة علما الشعب.
  • نقطة في كلّ من بلدات: البستان ومروحين ورميش ومارون الراس وبليدا وميس الجبل والعديسة وكفركلا وصولاً إلى الوزاني.
  • بعض النقاط لا خلاف عليها والبعض الآخر الذي يصل إلى سبع، جرى الاتفاق على معالجتها متى حصلت المفاوضات حول ترسيم الحدود البرّية. ولربّما أهمّها تلك المساحات التي تقع قرب مستوطنة مسكافعام.

إشكاليّة سوريّة: الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا

تتحدّث مصادر دبلوماسية أميركية مطّلعة على الملفّ اللبناني الإسرائيلي قائلة إنّ الغجر قرية سورية احتلّتها إسرائيل عام 1967. وما يسمّى الجزء اللبناني منها لا يعود إلى المعاهدة بين فرنسا وبريطانيا في عام 1923 أو إلى اتفاق الهدنة في عام 1949، بل يعود إلى التمدّد العمراني لسكّان هذه القرية من التابعية السورية إلى الأراضي اللبنانية في ظلّ الاحتلال. فأصبح أكثر من نصف منازلها ضمن أراض تتبع عقارياً لقرية الماري اللبنانية.

وفق مصادر دبلوماسية لـ”أساس”، وصلت رسائل من أهل قرية الغجر تتحدّث عن رفضها الخضوع لقانون الدولة اللبنانية. بل تفضّل الخضوع للسلطة الإسرائيلية إلى حين تحرير القرية وإعادتها إلى الدولة السورية. أمّا الأراضي اللبنانية التي امتدّ إليها سكّان القرية فتقول مصادر دبلوماسية إنّ حلّها سهل وسيكون حاضراً على طاولة المفاوضات عند نضوج توقيتها.

مزارع شبعا وتلال كفرشوبا

ربّما هي من المناطق الأكثر إشكالية، من بين تلك التي يعمل الفريق الدولي على حلّها. لكن، وفق المصادر نفسها، يبدو أنّ الإشكال سيكون بين لبنان وسوريا على خلفية أنّ اسرائيل احتلت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا يوم كانت تحت سيطرة سوريا وليس لبنان كما تقول هذه المصادر. وتضيف بأنّ سوريا سبق أن عبّرت عن مطالبتها بهذه الأراضي. أمّا لبنان فما عليه سوى إبراز الوثائق التي قدّمها إلى الأمم المتحدة التي تثبت لبنانية هذه الأراضي للبناء على الشيء مقتضاه وحلّ الإشكالية مع سوريا. وتضيف المصادر أنّ معالجة هذه الإشكالية متوفرة خصوصاً في الأراضي غير المتنازع عليها بين لبنان سوريا بانتظار حلّ الإشكال مع دمشق.

وعليه لبنان ينتظر بفارغ الصبر انتهاء حرب غزة ليس فقط للأسباب الأخلاقية والقيمية والسياسية المرتبطة بحقّ الفلسطينيين بالحياة، بل ولأنّ انتهاء الحرب سيعني جلوس لبنان إلى طاولة التفاوض من الندّ إلى الندّ مع إسرائيل التي تسعى بكامل ثقلها إلى إنهاء ملفّ الخلاف مع لبنان لتأمين سلامة حدودها وسلامة المستوطنين.

جوزفين ديب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.