لغز «رئيس الـ 86».. ونتنياهو يسوّق خسارته البرّيّة

41

بقلم جوزفين ديب

«أساس ميديا»

بالتوازي بين الميدان والسياسة، كلّ العوامل يتمّ إنضاجها لتترافق مع الحلّ سلسلة خلاصات ستترجم في قرارات دولية ستغيّر المشهد السياسي في لبنان. في الجنوب اشتباك ليس مفاجئاً، وفي كواليس الدبلوماسية عمل على حلول ستواكب نهاية المعارك. مصادر دبلوماسية غربية، ومصادر سياسية داخلية تتقاطع على ما يُحاك للبنان الذي سنشهد على تبلوره في الأشهر المقبلة القريبة وليست البعيدة منها.

نتنياهو يفرض شروطه على الأرض

تقول مصادر غربية إنّ الحرب التي يشنّها نتنياهو على الحزب ليست وليدة ساعة السابع من أكتوير. هي ترتبط بها زمنياً بطبيعة الحال، لكنّ إسرائيل باستخباراتها وكلّ أجهزتها تتحضّر لها منذ عام 2006، أي منذ نهاية الحرب الأخيرة. وبالتالي تعدّد هذه المصادر مجموعة من الأساسيات لدى نتنياهو لن يوقف حربه قبل تثبيتها:

1- سيستمرّ نتنياهو في غاراته على الضاحية الجنوبية وعلى البقاع وعلى الجنوب للقضاء على كلّ البنية التحتية للحزب ولاغتيال القادة الميدانيين، بل ومن يمسك بمفاتيح التمويل بالمال والسلاح والتجارة، والدليل استهداف الأخوين قصير على اعتبار أنّ أحدهما هو وزير مالية الحزب ومسؤول القرض الحسن، والثاني مسؤول في سوريا لتموين الحزب عبر الحدود بكلّ ما يحتاج إليه.

2- الاشتباك البرّي الحاصل في هذه الأيام على الحدود سيستغلّه نتنياهو لمصلحته في المجتمع الدولي وفي الداخل الإسرائيلي، جاعلاً منه دليلاً قاطعاً على أنّ الحزب لا يزال يقاتل في الجنوب وبالتالي لا بدّ من استمرار الحرب عليه. أمّا الخسائر البشرية التي يتكبّدها الجيش الإسرائيلي فنتنياهو سبق أن وضعها في حساباته قبل دخوله البرّي، الذي سيمتدّ إلى عمق 10 كيلومترات، وربّما إلى الليطاني.

3- الحرب لن تنتهي قبل تأكّد نتنياهو والمجتمع الدولي وتحديداً واشنطن من أنّ الحزب فقد قدرته على القتال أو خسر جزءاً كبيراً منها بحيث لا يعود يشكّل خطراً على إسرائيل ويتحوّل إلى الداخل كحزب سياسي.

4- ستنتهي الحرب بوقف إطلاق نار ومفاوضات على آليّة جديدة لتطبيق القرار 1701 أو نصّ قرار جديد. وذلك بناء على مطالب المجتمع الدولي بأن تراقب قوى أممية الحدود البرّية والبحرية لمنع إمداد الحزب بالسلاح. وهذا ما تعمل عليه الطائرات الإسرائيلية حالياً على الحدود السورية اللبنانية.

برّي يستوعب الخسارة

في مقابل استمرار الحزب في القتال، تحدّثت معلومات “أساس” عن تباين بين الحزب والرئيس نبيه بري بعد اغتيال السيد نصرالله، وذلك بناء على كلام برّي الأخير الذي لم يرُق للحزب. هذا التباين لم يعد فقط في كواليس الثنائي، بل أصبح معلوماً أنّ الاتصال مقطوع بين عين التينة وفريق حارة حريك.

إلا أنّ الأهمّ في كلّ هذا أنّ الرئيس بري بحسب مصادر سياسية استوعب الخسارة وقرّر الدخول في مسار الحلّ ووقف إطلاق النار. وذلك عبر مسار سيمضي به مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. وذلك وفق خريطة طريق هي كالآتي:

1- بعد الاجتماع الثلاثي في عين التينة، زار ميقاتي بكركي لتكون شريكة في مسار الحلّ، لا سيما أنّ بكركي تعمل على تبلور قمّة روحية إسلامية مسيحية لم تنضج بعد.

2- أوفد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور إلى معراب على اعتبار أنّ كتلة القوات اللبنانية هي أكبر كتلة مسيحية ولا يمكن تجاوزها في مسار الحلّ.

3- تأكيد برّي في كلامه على تنازله عن التمسّك بسليمان فرنجية لمصلحة رئيس توافقي، وتنازله عن الحوار أو المشاورات لمصلحة الاتفاق على رئيس ينتخب بـ86 صوتاً.

4- فتح أبواب عين التينة لزيارات ولقاءات متفرّقة وصولاً إلى الاتفاق على حلّ للأزمة الرئاسية.

5- تأكيد مطالبة الحكومة اللبنانية بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب.

وذلك من دون ذكر ربط ذلك بوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما اعتبر ممرّاً إضافياً للحلّ.

تتحدّث كلّ المصادر عن حلول لكن بعد استمرار الحرب لتحقيق أهدافها. وهذا ما هو مقلق للقوى الداخلية التي تتخوّف من تكرار نموذج غزة في لبنان. ما يمكن تأكيده في هذه الحال أنّ لبنان ليس غزة، وأنّ القوى اللبنانية ستنكبّ على إيجاد حلّ وانتخاب رئيس للجمهورية والبدء بمسار الحلّ، وأنّ الأميركيين يرفضون تحويل لبنان إلى غزة بشكل مطلق، وأنّ ما يريده نتنياهو من غزة لا يريده من لبنان، بل من جنوبه الحدودي مع المستوطنات. وهذا ما ستنكبّ كلّ القوى الداخلية والخارجية على إيجاد حلّ له. أمّا الحزب فهو في مأزق حقيقي لا يحسد عليه. لا خيارات موضوعة أمامه سوى استمرار القتال حتى الرمق الأخير بغضّ النظر عن النتيجة، سواء كانت صموداً أو هزيمة.

جوزفين ديب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.