لا تيأسوا من رحمة الله
كتب عوني الكعكي:
أمس الأوّل وبينما كنت أشاهد تلفزيون الـM.T.V برنامج «صار الوقت» للزميل الصحافي الكبير مارسيل غانم، استمعت للأستاذ والصحافي الكبير الاستاذ جورج غانم.
في الحقيقة، كان الأستاذ جورج متخوّفاً ومتشائماً وحريصاً في الوقت نفسه، لا ألومه على تخوّفه، خصوصاً أننا أمام عدو شرس وحقير، يستغل كل نقطة ضعف، ومطامع إسرائيل في لبنان تاريخية. فلبنان يشكل بالنسبة للعدو الإسرائيلي منافساً جدّياً وقوياً.
على كل حال، أدركت من تخوّف زميلنا العزيز أنه يخشى من سيناريو خطير في حق لبنان وفي المنطقة كلها…
وعلى كل حال، تسود لبنان في هذه الأيام موجات تفاؤل وتشاؤم، حول إمكانية وقف إطلاق النار بين العدو الإسرائيلي والحكومة والمقاومة اللبنانية.
لكن موجة التفاؤل سيطرت قبل أيام على الأجواء الملبّدة والمتشائمة رغم تمكن إسرائيل من اغتيال أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله وباقة من قادة المقاومة… لأنّ صمود المقاومة القوي في صدّ الاعتداءات الإسرائيلية غيّر الكثير من الفرضيات المغلوطة، التي كانت تركّز على انهيار المقاومة بعد استشهاد أمينها العام وعدد من القادة المعروفين فيها.
إنّ إصرار إسرائيل وتركيزها على حرب الإبادة الجماعية، بالقصف المدمّر والشامل ومسح القرى بكاملها…. وتدمير البنى التحتية والأراضي الزراعية لن ينفعها… فهي تحاول أن تكرّر ما فعلته في قطاع غزة من تهجير للسكان وقتل متعمّد للأطفال، وهدم لدُوَر العبادة والمدارس والجامعات والمستشفيات.. فغزة لم تركع رغم ما فعلته إسرائيل بها وبشعبها منذ عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الاول (أكتوبر) 2023.
إسرائيل تريد اليوم، تحويل قرى وبلدات الشريط الحدودي الى أرض ممسوحة، بحجة ضرب مخازن أسلحة المقاومة. كما تريد تهجير سكان الجنوب بأكملهم، وإخافة الشعب اللبناني بكامله.. إذ وصلت غاراتها الى البقاع كله: غربه ووسطه وشماله، الى بعلبك ومحيطها ورياق… حتى أن العدو لم يستثنِ المستشفيات وفرق الدفاع المدني وسيارات الإسعاف. إنّ هدف تدمير لبنان ليس جديداً، بل هو هدف استراتيجي ودائم عند إسرائيل.
أقول رغم كل هذا الجوّ التشاؤمي… أبدو متفائلاً… وزاد تفاؤلي بعد تسلم دولته مشروع الاتفاق المقترح من السفيرة الأميركية مرسلاً من آموس هوكشتاين.
لقد تم تفويض دولة الرئيس نبيه بري بالمفاوضات، والرئيس نبيه بري، كما يعلم الجميع، ضمانة لبنان.. فهو الرجل العاقل، الخبير المخلص المحنّك… إنه الأمل، والنور المضيء في هذا الظلام الدامس الذي يمرّ به لبنان.
إنّ موجة التشاؤم التي تسود بعض الأجواء اللبنانية – وللأسف الشديد – والتي انتقلت عدواها الى بعض وسائل الإعلام، مستغربة جداً. فإسرائيل هي التي تبث الأجواء التشاؤمية تلك، لأنها تستفيد من الحرب القائمة… ونتنياهو يعمل ليل نهار على عرقلة كل مشروع اتفاق لوقف إطلاق النار، تماماً كما فعل في غزة.
لقد ضحّى هناك بالرهائن الإسرائيليين، وتهرّب من وقف إطلاق النار، حتى لا يُستدعى للمحاكمة داخل إسرائيل وخارجها.
أما أولئك الذين ينشرون انتقاداتهم غير المنطقية، ويقولون بأنّ «الحزب» والمقاومة لن تسلم سلاحها… فدولة الرئيس بري المقاوم الأصيل والكبير، لن يخذل المقاومة ويفاوض على تسليم سلاحها.
كل ما يريده الرئيس بري بحنكته ودرايته أن يوقف إطلاق النار، من دون المساس بجزء ولو بسيط من سيادة لبنان، وهو قادر على فعل ذلك… وبعد أن تستعيد الدولة هيبتها، ويتسلم الجيش اللبناني مسؤولية حمل السلاح والدفاع عن لبنان… سيصبح سلاح المقاومة لا دور له… ساعتئذٍ تحل قضايا لبنان كلها، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأمنياً.
إذ ذاك لا حاجة للمقاومة الى السلاح، لأنّ الأمن سيكون ممسوكاً… والاستقرار سيّد الموقف.
أما لماذا أراهن على الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب… فلأنه صاحب شخصية قوية، لا يخلف وعوده، وهو وعد خلال حملته الانتخابية بأمرين:
الأول: أن يوقف إطلاق النار في لبنان، وهو لن يسمح بتجدد المعارك كل خمس أو عشر سنوات.
ثانياً: وعد بالسلام الدائم في المنطقة، وبأنّ «حلّ الدولتين» هو الحل المنطقي والوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني والعربي مع إسرائيل… ومما يزيد قناعتي بترامب، أن «حماس» طلبت منه التدخل لإيقاف النار في غزة، ووضعت ثقتها به.
إنّ أملنا كبير بالوصول الى حلّ قريب، يوقف النار بين الصهاينة والمقاومة اللبنانية. وبالتأكيد فإنّ الحلّ لن يكون على حساب لبنان، لأنّ القضية بين يدي الرئيس بري، المقاوم والمناضل وصاحب الرأي السديد والصائب.
إنّ سلوكية الرئيس بري وذكاءه معروفان.. لذا فإنّ التفويض الذي أعطي له، بين أيدٍ أمينة، كما أن المتعمق في القرار 1701 الذي وافق الرئيس نبيه بري عليه بحرفيته… يتضمّن لجنة مراقبة موجودة وقوات أمم متحدة (هي اليونيفيل)، والقرار لا يحتاج الى أكثر من عملية تفعيل وليس ضرورياً تعديل القرار أبداً..
ونحن على يقين أنه، وبعد تسلم الجيش اللبناني زمام الأمور سينتهي كل شيء… ولن تكون هناك خروقات قد تكون سبباً في حرب جديدة.