فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

34

إيمان شمص

«أساس ميديا»

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء الجوهرية منذ احتل ترامب البيت الأبيض في المرة الأولى.. فإنّ إدارة ترامب قد تتسبب في تجاوز مجموعة جديدة ومختلفة تماماً من الخطوط الحمراء هذه المرة”.

 بهذه الكلمات بدأ توماس فريدمان مقالته من إسرائيل في “نيويورك تايمز”، ساخراً من الوعود التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حملته الانتخابية بشأن سهولة وسرعة إيجاد حلول للازمات التي يمرّ بها العالم.

تساءل  فريدمان في مقالته بـ”نيويورك تايمز”: لا أدري لماذا يقول الناس إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيواجه تحديات صعبة في السياسة الخارجية. فكل ما عليه فعله هو:

– إقناع فلاديمير بوتين  بتقديم تنازلات بشأن الحدود الغربية لروسيا.

– إقناع فولوديمير زيلينسكي بتقديم تنازلات عن الحدود الشرقية لأوكرانيا.

– إقناع بنيامين نتنياهو بتحديد الحدود الغربية والجنوبية لإسرائيل.

– إقناع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بتحديد الحدود الغربية لبلاده. أي التوقف عن محاولة السيطرة على لبنان وسوريا والعراق واليمن.

– إقناع الصين بتحديد حدودها الشرقية حتى تايوان.

– إجبار الحوثيين في اليمن على تحديد حدودهم الساحلية على أنها تقتصر على بضعة أميال فقط من الشاطئ، دون أن يكون لهم الحق في وقف جميع الملاحة في البحر.

بعبارة أخرى يقول فريدمان: “إن كان هناك من يعتقد أن الحدود الوحيدة التي ستشغل بال ترامب عندما يتولى منصبه في 20 يناير/كانون الثاني القادم هي الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، فهو لا يولي الأمر الاهتمام الذي يستحقه”.

وأضاف: “عندما ترك ترامب منصبه في عام 2021، قبل الغزو الروسي لأوكرانيا والحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله، كان يمكن القول إننا ما زلنا في حقبة “ما بعد الحرب الباردة”، التي يهيمن عليها التكامل الاقتصادي المتزايد والسلام بين القوى العظمى. كانت روسيا قضمت جزءاً من أوكرانيا، لكنها لم تحاول أبداً التهامها بالكامل. كانت إيران وإسرائيل معاديتين، لكنهما لم تهاجما بعضهما البعض مباشرة. احتلت إسرائيل الضفة الغربية، لكن لم يكن لديها حكومة ينص اتفاقها الائتلافين الرسمي على الضمّ الرسمي للضفة الغربية بالكامل ويدعو بعض أعضائها الآن إلى نفس الشيء بالنسبة لقطاع غزة. لم تهتم أميركا بالحوثيين في اليمن، لكننا لم نرسل مطلقاً قاذفات الشبح B-2 لإسقاط بعض أكبر الحمولات في ترسانتنا عليهم”.

وتابع فريدمان: “لقد تمّ تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء الساطعة منذ احتل ترامب البيت الأبيض العظيم. ومن شبه المؤكد أنّ استعادتها، و”جعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، سيتطلبان استخدامات أكثر دقة وتطوراً للقوة والدبلوماسية القسرية، ممّا كان يفكر فيه الانعزالي ترامب في إدارته الأولى أو اقترحه في حملاته الانتخابية”.

خيبة أمل لإسرائيل أو للعرب

في إشارة الى ما قالهّ وزير المالية الإسرائيلي الشديد التطرّف بتسلئيل سموتريتش، “بأنّ رئاسة ترامب الجديدة تقدّم “فرصة مهمة” لتطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية خلال عام 2025″، ينبه فريدمان أنّ “ترامب قد يكون بالنسبة لإسرائيل اليوم بمثابة ورقة جوكر wild card أكثر بكثير مما يتوقعه سموتريتش. فهو أول رئيس أميركي توجه علانية إلى أصوات العرب والمسلمين الأميركيين غير الراضين عن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل في غزة واستفاد من هذه الاصوات. كما أنه يأتي بتفويض انعزالي قوي مثل أي رئيس منذ نهاية الحرب الباردة. كما أنه عندما كان رئيساً، طرح خطة سلام لحل الدولتين في إسرائيل والضفة الغربية وغزة، وإن كانت خطة تصب في صالح إسرائيل بشدة”.

وذكر “أنه أُخبر خلال عشاء في حيفا حضره يهود وعرب إسرائيليون معاً، أنّ العديد من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أنّ أحد صهري ترامب يهودي، لذا فهو مستعد للتعامل بصرامة مع الفلسطينيين، بينما يعتقد العديد من العرب الإسرائيليين أنّ ترامب سيعمل لصالحهم لأنه الوحيد القوي بما يكفي للوقوف في وجه نتنياهو ولأنّ صهره الآخر له أب لبناني أميركي”.

لكن في رأيه “أنّ طرفاً ما سيصاب بخيبة أمل!”.

في أوكرانيا: السلام أو النصر

أما بالنسبة لدبلوماسية ترامب في أوكرانيا، ينقل فريدمان عن الخبير الروسي ليون آرون من معهد أميركان إنتربرايز قوله: “إنّ إقناع بوتين بالموافقة على نوع من وقف إطلاق النار/اتفاقية سلام لاستعادة الحدود الروسية مع أوكرانيا قد يكون التحدي الأكبر على الإطلاق، لأنّ ترامب يريد السلام في أوكرانيا وبوتين يريد النصر. كما أنه لا يمكن لبوتين أن يترك لهذه الحرب تنتهي بالهزيمة. لكن ترامب لا يستطيع قبول سلام يبدو وكأنه هزيمة للغرب. عندها سيبدو وكأنه خاسر. كما أنّ “بوتين ليس في وضع يسمح له بخوض حرب إلى الأبد. فهو يفتقر إلى من يقاتل معه. وكل هذا يعني أنه إذا كان ترامب قادراً على إبقاء أوكرانيا في موقعها الحالي في ساحة المعركة لمدة 12 شهراً أخرى، فقد يمكنه الحصول على صفقة لإنهاء حرب أوكرانيا في عام واحد، وهو ما وعد بتحقيقه في غضون يوم واحد في حملته الانتخابية”.

نهاية رهان الحلفاء على أميركا

حذّر فريدمان من أن تتسبب إدارة ترامب في تجاوز مجموعة جديدة ومختلفة تماماً من الخطوط الحمراء إذا انسحبت من حلف شمال الأطلسي أو أعربت عن أي استعداد أقل لحماية الحلفاء القدامى. فاليابان وبولندا وكوريا الجنوبية وتايوان لديها جيران معادون مسلحون نووياً يملكون التكنولوجيا والموارد اللازمة لبناء أسلحتهم النووية. لكنهم. كما ينقل فريدمان عن الخبير الاستراتيجي غوتام موكوندا، “لم يفعلوا ذلك لأنهم اعتقدوا أنهم ليسوا بحاجة إلى ذلك وأنّ الولايات المتحدة تدعمهم، حتى في الكابوس النهائي المتمثل في الحرب النووية.. لكنهم اليوم وبالنظر إلى ما قاله ترامب عن التحالفات، يتسألون عن إمكانية الاستمرار في الرهان على الولايات المتحدة كحليف وإذا فقدت هذه البلدان الثقة في وعدها أو تمّ سحب هذا الوعد وقامت بتطوير أسلحتها النووية الخاصة، فسيكون ذلك نهاية معاهدة منع الانتشار النووي ما من شأنه أن يمحو كل الخطوط الحمراء”.

ما يعزّز احتمال تجاوز الخطوط الحمراء، في رأي فريدمان، اختيار ترامب ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية والنائب مايكل والتز لمنصب مستشار الأمن القومي وهما من أكثر المتشددين ضد الصين، وقد يسعيا إلى تضخيم خططه لمضاعفة التعريفات التجارية على بكين. لكن الصين، لم تستسلم لترامب من قبل، ولن تفعل ذلك مرة أخرى.

وختم فريدمان منهياً مقاله بالقول “أن العالم دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر من أي وقت مضى. أو، كما قال الملاكم مايك تايسون: “كل شخص لديه خطة إلى أن يتعرّض للكمة في وجهه”.

إيمان شمص

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.