علامة لـ «الشرق»: تقرير فيتش ليس مفاجئاً والسلطة السياسية تمكّنت من خداع اللبنانيين في البيانات المالية
كتبت ريتا شمعون:
الشرق – رغم أن تصنيف لبنان Rating في الحضيض منذ عشرات السنين، أبقت وكالة «Fitch» للتصنيف الإئتماني منذ أيام تصنيف لبنان عند تعثر مقيد (RD) وقالت إنها ستوقف إصدار تصنيفات لبنان، نظرا الى انه لم تفد لديها معلومات كافية لإصدار تقييمات، ذلك بسبب عدم توفر بعض البيانات المالية التي تنشرها الإدارة المركزية للإحصاء منذ العام 2021 ، وأكدت الوكالة في تقريرها أنه بناء على ذلك فلن تقدم الوكالة بعد الآن تصنيفات للبنان. هذه التصنيفات ليست جديدة، بل موجودة منذ بداية الأزمة المصرفية والمالية والإقتصادية ولا تزال حتى اليوم ، في ظل عجز الحكومة عن وضع خطة للتعافي المالي والإقتصادي. هذا الواقع دفع الباحث السياسي والإقتصادي الدكتور بلال علامة الى وصف السلطة السياسية بالمخادعة لافتا في حديث لجريدة «الشرق « الى أن لا خطة اقتصادية نهائية من جانب الحكومة حتى الآن، ويذكّر بأن موازناتها المالية تفتقد أي رؤية، وهي موازنات وهمية وغير واقعية.
علامة أعاد التذكير بتقرير وكالة فيتش للعام 2023 وقد تضمن تخفيضا تدريجيا للتصنيف الإئتماني للبنان مع توصيات تتعلق بكيفية البدء بالتعافي للخروج من الأزمة وبدء التفاوض مع الدائنين، وكون أن الحكومة اللبنانية لم تباشر التفاوض الفعلي مع حملة السندات بعد، لم تحقق أبسط متطلبات بدء التفاوض، خصوصا أن هناك سندات تستحق خلال العام المقبل أحدها في 26 شباط 2025. إذاً ليس مستغربا تقرير فيتش لهذا العام ، مضيفا: ثمة حاجة لإعادة التذكير في مشاريع موازنات السنوات الماضية التي وصفها بالوهمية ومبنية على تقديرات غير واقعية أو غير حقيقية، وجاءت كلها دون المستوى فلم تتماشى مع التحديات التي تعيشها البلاد منذ بدء الأزمة في العام 2019 ، حيث أن حكومة الرئيس حسان دياب والحكومات التي تشكلت من بعدها وحتى اليوم أوهمت الناس بحلم التوازن المالي، لكن في الواقع ، لن تحقق التوازن المالي في موازناتها عندما تكون الإيرادات والنفقات غير متوازنة بالتالي عندما تكون سياساتها الإقتصادية خاطئة. ويتابع علامة، تبين في برنامج التنفيذ لمشروع موازنة العام 2024 أن الحكومة تعجز عن توفير التمويل الللازم لحجم النفقات ، فبالرغم من كل الزيادات العشوائية التي فرضت على المواطنين كضرائب ورسوم لا تعكس في ايراداتها المقدرة حقيقة الوضع المالي ، وبتعبير أدق ، فإن الواقع المالي تتجاهله الدولة ما يعني أن الإيرادات غير مطابقة لما رسم. واكثر من ذلك، أن الإفراط في التفاؤل بزيادة قيمة الإيرادات وتخفيض النفقات لتحقيق هدف الصفر عجز في موازنة 2024 كان مبالغا فيه، مثالاً على ذلك، تبين مؤخرا ان الدولة لديها مشكلة في دفع الفيول العراقي إذ ان الدولة ملزمة بدفعه الذي يقدر بنحو مليار و100 مليون دولار أميركي ، لكن الغريب في الأمر ، أن كلفة الفيول العراقي غير ملحوظة في الموازنة ما يعني أن المبلغ غير متوفر، وكأن هناك نية فعلية بعدم الدفع. يضاف الى الأسباب التي دفعت الوكالة الى إعلان التوقف عن تغطية لبنان بالتحليلات المالية والتقييمية، أن وزارة المالية توقفت منذ أشهر عن نشر التقارير المالية التي كانت تنشرها في السنوات السابقة، التي يفترض بها إصدارها شهريا. ووفق علامة، فإن هذا الواقع يدلّ على هشاشة وضعية لبنان المالية وعدم الوضوح والشفافية في الإدارة المالية سائلاً: هل الأمر يعود لعدم قدرة المالية عن اصدار الأرقام الحقيقية؟ مضيفا: يمكن وصفها بالهروب من الواقع بدلا من مواجهته.
ولا تقتصر المسألة بعدم إصدار التقارير المالية من قبل وزارة المال، إنما بعجز السلطة السياسية فعليا عن ضبط الحدود غير الشرعية ، حيث لم تتمكن من إيجاد حلّ لمنع التهريب فضلا عن مخاطر تنامي اقتصاد الكاش لم يستغرب علامة تصنيف وكالة فيتش للتصنيفات الإئتمانية السلبي للبنان، ولوضع المالية العامة فيه، بعد تعثر الدولة عن سداد اليوروبوندز فالتوقعات الدولية لا تختلف عن التوقعات المحلية وتتقاطع بمجملها على ان لبنان لم يعد دولة ثقة، وقد خسر مصداقيته الدولية ودوره المالي والإقتصادي المستقبلي بما يعني أن المستثمرين يواجهون مخاطر عالية جدا في لبنان مع تدني التدفقات المالية نتيجة انخفاض الإستثمارات الخارجية المباشرة. ويلفت علامة، الى ان الحركة الإيجابية في السياحة لم تترجم في كل القطاعات السياحية، فالأرقام الأخيرة اظهرت أن مداخيل الفنادق سجلت تراجعا وصل الى 60% كاشفا أن هناك 4 فنادق للبيع في لبنان من ضمنها فندق عريق في الأشرفية. في المقابل يبدو أن المهرجانات الإحتفالية فيها شيء من المغزى المناطقي يتجلّى ذلك في مضامين البيانات حيث تقام المهرجانات في مناطق محددة من لبنان كالبترون وزحلة وجبيل واهدن والقبيات وهذه إشارة الى انه ليس كل لبنان ولعان مهرجانات. وتعليقا عما نشرته مؤخرا مجلة فوربس حول تصنيف العملة اللبنانية بالمرتية الأدنى، يقول علامة، يمكن تعريف النقود الورقية على انها العملة الرسمية المعتمدة في دولة ما، تستمد قيمتها من الدولة المصدرة لها، وتستخدم لشراء السلع والخدمات والإدخار وتحافظ على الثروة حيث تملك قوة مهمة اقتصاديا وماليا ونقديا ، في لبنان فقدت الليرة اللبنانية منذ بدء الأزمة موقعها كعملة إدخار وخسرت الثقة التي تعد أحد أركان عوامل قوة العملات الوطنية فما أتت به مجلة فوربس هو ربما نتيجة مجموعة من التقييمات العلمية معتبرا أن اقتراح الدولرة أدّى الى تنامي الإقتصاد النقدي وهو الأخطر والإستمرار في تدمير العملة الوطنية. في المحصلة، لا يزال المسؤولون اللبنانيون يطعنون يوميا بما تبقى من الثقة بالليرة اللبنانية العملة الوطنية حيث نتراجع دوليا ونهرّب ما تبقى من المستثمرين عوضا أن يكون لدينا خطة إنقاذ للوضع الإقتصادي.