شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – ماكرون مقامر أو شجاع؟
قد يكون ما استنتجته صحيفة فرنسية كبرى مدخلاً ملائماً لهذه العجالة، لأنه (في تقديري) ينطبق على الواقع الفرنسي الذي تكشّفت عنه انتخابات البرلمان الأوروبي: «السياسة الفرنسية مسرح مفتوح على فضاء مشرّع (الأبواب) حيث يؤدي كل ممثل دوره ببراعة كبار المحترفين. رئيسنا الأعلى إيمانويل ماكرون أضاف لمسة كوميدية ساخرة على هذا المشهد بإعلانه حلّ الجمعية الوطنية (مجلس النواب) مباشرة فور إعلان نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي( …)».
والواقع أن تراجع «حزب النهضة»، حزب ماكرون، والفوز غير المسبوق لحزب «التجمع الوطني» لم يشكّلا أي مفاجأة إلا أن ماكرون بدا وكأنه الوحيد، في فرنسا والعالم، الذي فوجئ بالنتيجة التي يرجّح أن تغير وجه فرنسا وتتحكم بمصير الحكم وربما النظام عموماً.
ولكن هل كان ماكرون ينتظر هذا الكمّ الهائل من ردود الفعل السلبية على مبادرته؟ باستثناء قلة القلة كان شبه إجماع على اعتبار خطوة حلّ الجمعية الوطنية بأنها مغامرة في المجهول، وثمة شبه إجماع على أن الرئيس أراد اللجوء الى الناخبين على أمل منه بقيام تحالف كبير «بين الأضداد» الذين لا يجمعهم في السياسة شيء سوى الخوف من أن يتولى الحكم أقصى اليمين بزعامة مارين لوبان، (التجمع الوطني) فتلتقي أقليات الاشتراكي والشيوعي وأقصى اليسار والخضر والنهضة على خوض معركة البرلمان، برغم التناقضات، فقط لمحاولة تجنب شرب الكأس المرّة بالمساكنة بين ماكرون وجوردان بارديلا في حال، اذا حصلت، ستكون الثالثة بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة يعارض سياسته. (المساكنة الأولى في عهد فرانسوا ميتران، والثانية في عهد جاك شيراك).
أمّا جوردان بارديلا، ابن الثامنة والعشرين عاماً فكان في قيادة حملة مارين لوبان الرئاسية في 2017، وكان عضواً في البرلمان الأوروبي بعمر 23 عاماً. وأما مارين لوبان (56 عاماّ) فتهيىء نفسها لخوض الانتخابات الرئاسة المقبلة التي لن يكون ماكرون بين المرشحين فيها لأن الدستور الفرنسي لا يجيز أكثر من ولايتَين رئاسيّتَين متتاليتين.