شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الغرب وإسرائيل: التابع والمتبوع
يقول الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق إن الدلَع الإسرائيلي على كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، في هذه الأيام، يعود الى عدم وجود قادة غربيين في السلطة من قماشة القائدَين الكبيرين الجنرالين شارل ديغول في باريس ودوايت ايزنهاور في واشنطن، فالأخير أوقف العدوان الثلاثي على مصر والأول عاقب تل أبيب على قصفها أسطول الطيران اللبناني المدني في ستينات القرن العشرين الماضي. أما اليوم فقد هرول كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الى فلسطين المحتلة ليدعما إسرائيل بلا حدود، وليقولا كلاماً أقل ما يقال فيه إنه من المزايدات الرخيصة التي من المعيب أن تصدر عن رئيسَي دولتين عظميين، وعندما فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلَنة من عدوانها الوحشي على شعب غزة، راح كل منهما يبحث عن حفظ ما تبقى من ماء الوجه، ويتقدمان معاً أو فرادى، بمقترحات يقف بنيامين نتانياهو ليعارضها، على المكشوف، وكأنه هو المتبوع وليس التابع، وكأن الفرنسي والأميركي في المأزق وهو الذي يسعى لإنقاذهما.
ويمضي الديبلوماسي الصديق قائلاً: بكل وقاحة يستطيع وزير الدفاع الإسرائيلي أن يقول لفرنسا إننا نرفض أن ننضم اليكم في «إطار العمل الثلاثي» لنزع فتيل الحرب على غزة، ويندد بسياسة ماكرون الى حد اتهامه بالعداء لإسرائيل. وبوقاحة مماثلة يأذن نتانياهو لنفسه بأن يحمل على بايدن ويتهمه بخيانة إسرائيل لعدم ممارسة حق النقض (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن الدولي 2728 الصادر في الأسبوع الماضي. صحيح أن الرد الفرنسي جاء تحت ضغط شعبي كبير على قصر الإليزيه، برفض إشراك الشركات الإسرائيلية في «المعرض الدفاعي» (الذي يُقام كل سنتين برعاية القوات المسلحة الفرنسية في باريس وهو أكبر سوق لصفقات الأسلحة في العالم)، وجاء قرار المنع بإعلان وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان هولورنو أن الشروط غير متوافرة لاستقبال الشركات الإسرائيلية، إلا أن كلام ماكرون، كما أقوال بايدن، تؤكد على الدعم الهائل الذي يقدمه الأميركي والفرنسي الى نتانياهو، مع إدراكهما أن استمرار الحرب الوحشية على غزة ليس في مصلحتهما عشية انتخابات الجمعية العمومية الفرنسية (البرلمان)، وقبيل أشهر قليلة على الانتخابات الرئاسية الأميركية. ولقد كشفت انتخابات البرلمان الأوروبي كم تراجعت شعبية ماكرون في باريس، كما كشف استطلاع الرأي الذي نظمه معهد «غالوب» الشهير أن 55 في المئة من الأميركيين لا يؤيدون العدوان على غزة، لا سيما بعد الهجوم الفظيع على رفح قبل أيام والمجزرة الكبرى في صفوف النازحين الفلسطينيين هناك.
وختم الصديق قائلاً: ولكن عناصر الخلاف بين نتانياهو الذي «يتنمر» على رئيسَي دولتين ذاتَي العضوية الدائنة في مجلس الأمن الدولي هي موجودة في عدم وقف القتال في غزة، إذ كلما طالت الحرب ارتاح نتانياهو لأنه يكون قد أرجأ مثوله أمام القضاء بتهمة الفساد، ولكن في المقابل كلما طال أمد هذه الحرب كلما تراجعت شعبيّتا بايدن في أميركا وماكرون في باريس.