شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – أجل … اجمعوا الـ 86 ثم حاسبوا بري
أخطأ الذين اعترضوا على قول الرئيس نبيه بري للمعترضين عليه والمستعجلين انتخاب رئيسٍ للجمهورية (هل هم مستعجلون فعلاً؟): اجمعوا 86 نائباً وشرّفوا لننتخب الرئيس. وأخطأ في الأكثر مَن قال بينهم: إن رئيس المجلس يعرف استحالة انتخاب الرئيس بثمانية وستين صوتاً وما فوق في ظل الوضع الحالي المعروف لمجلس النواب. وكي لا نظلم أصحاب هذا القول عدنا الى كلام رئيس المجلس النيابي، الذي يعترضون عليه، فلم نجد أن بري اشترط أن يحصل المرشح على 86 صوتاً، فلقد فات هؤلاء أن لا شرعية لجلسة الانتخاب الرئاسي إذا لم يتوافر لنصابها حضور 86 نائباً أي ثلثا أعضاء الهيئة العامة على الأقل، وهذا التباسٌ لم يكن مسموحاً للنائب أن يقع فيه، أيّاً كان انتماؤه.
لا نقول هذا الكلام دفاعاً عن الرئيس بري، فقدراته الدفاعية في السياسة معروفة جداً.
إلّا أننا، ونحن الذين ندعو الى استعجال ملء الفراغ في رأس الدولة، نسأل بموضوعية: هل إن جميع الذين يطالبون بانتخاب الرئيس يريدون لمطلبهم هذا أن يتحقق فعلاً على أرض الواقع؟ والجواب معروف.
بدايةً نعرف أن ثمة مَن هو مجرّد من الأهواء والمطامح يسعى الى ذلك بصدق، وفي المقابل نعرف أن كثيرين يرفعون ورقة الاستحقاق الرئاسي من باب الزكزكة وتسجيل النقط، وجميعنا يعرف بعضُنا بعضَنا الآخر، ويعرف الأهداف السياسية والدوافع بالتفاصيل الكبيرة والصغيرة من «طقطق الى السلام عليكم».
وهل نكشف سرّاً اذ نزعم أن أكثر «اللاعبين» في هذا الملعب حماسة في المطالبة بتسريع الخطوات الإجرائية لانتخاب الرئيس هم الأكثر رغبةً في استئخار هذا الإجراء. وهنا الدوافع، وهي أيضاً، واضحة للعيان: إذ ثمة مَن يسعى الى الكرسي ويدرك أن لا حظّ له اليوم، فلا يرى بأساً في التمهل. مثله مثل الذي (في الطرفين) يراهن على الحرب على أمل أن تستقر الظروف عند مصلحته، وهذا بالطبع من الذين يراهنون على الأجنبي بقدْر ما يراهن سواهم على هزيمة حزب الله في الحرب. وهناك، في الضفة المقابلة، مَن يأمل في انتصار حزب الله لتتضاعف حظوظه.
وقد لا نقول جديداً إذ نزعم أن الذين يريدون إسقاط النظام اللبناني (وهم ليسوا فقط في طرف واحد) يحلمون بمتغيِّرات جذرية لا يريدون أن يستبقها انتخاب رئيسٍ لجمهوريةٍ مرشحةٍ، في يقينهم، الى السقوط في الآتي «غير البعيد» كما يأملون.
من هنا نرى أن الرد على هؤلاء جميعاً يكون بالدعوة الى جلسة الانتخاب الرئاسية، وليتحمل المعنيون مسؤولياتهم الوطنية أمام الله والتاريخ والأجيال الاتية.