زخور لـ «الشرق» رفع بدلات الإيجار بطريقة عشوائية يشكل جرماً يعاقب عليه القانون وشرفان: نقابة المالكين تشجب أية ممارسة تخرج عن الأخلاق والإنسانية
النزوح اللبناني تحول الى Business
كتبت ريتا شمعون
الشرق – «ما تأجروا بيوتكم للنازحين من الجنوب « كم هي جملة جارحة قاتلة لكل القيم اللبنانية، أهذا ما يستحقه أهل الجنوب أو بيروت الذين أجبروا على النزوح ومغادرة منازلهم والبحث عن ملجأ للحفاظ على حياتهم؟
وبينما نقف تحت تهديد مستمر، مع خطر يلوح مع كل شروق شمس، نعيش جميعا في لبنان مرحلة من عدم اليقين والخوف والقلق ونحن نقرا التحليلات أو نرى الغارات تتتالى أو نسمع دوي الإنفجارات وجدار الصوت يتحول النزوح اللبناني الى Business في بعض المناطق اللبنانية .
منذ اسبوعين كانت شقة « غرفة واحدة» ب700 دولار أميركي بالشهر، اتصل المحتاج لها للنزوح لحجزها ، إذ به يتفاجأ على الخط من يقول له أصبحت ب 2000 دولار .
وبعيدا عن ظلم بلد بأمه وأبيه وبعيدا عن الإختلاف السياسي، من المؤسف، أن بعض البلدات والبلديات تستغل الفرصة لرفع بدلات الإيجار الى حدود خيالية دون أي ضابط أو رادع كما يقول المحامي أديب زخور في حديث لجريدة « الشرق» .
في أي حال، حالة الإحتضان لأهل الجنوب وطنيا شاملة وفي مختلف المناطق اللبنانية وبمختلف أطيافها ومكوناتها، إلا ما ندر، فالحالات الفردية لا تعكس واقعا عاما، فالنزوح جعلنا نسمع صرختهم بسبب الإنتقال الإضطراري وفرض المالكين أسعارا مرتفعة لإيجارات الشقق على الرغم من الظروف الصعبة والإستثنائية التي يعيشها لبنان واللبنانيين على الصعيد المعيشي والإقتصادي والأمني.
ماذا يقول القانون في لبنان رغم اختلاف وجهات النظرإلا ان هناك نقطة إلتقاء تعتبر نقطة وصل بين الأفكار وهي ما يحصل بخصوص الأسعار معيبا.
المحامي أديب زخور، طالب مع تجمع الحقوقيين بتعديل قانون الإيجارات وبعدم إستغلال الأوضاع الأمنية والحرب في الجنوب لرفع بدلات الإيجار دون اي ضابط أو رادع، قائلاً: دورنا بث الرجاء وعدم اليأس في عملية إنقاذ الوطن بالرغم من المخاطر كافة، ودعا الى التضامن مع اهالي الجنوب من كافة المناطق خصوصا المعرضة للقصف أو للخطر من اي نوع كان، وفتح بيوت اللبنانيين لأن هذا الوقت الصعب يتطلب التضامن بين ابناء الوطن، بالرغم من اننا ضد الحرب بكافة اشكالها، وقد جاء تطويب المكرم البطريرك اسطفان الدويهي علامة رجاء وإيمان ومحبة وسلام لوطننا، من الضروري مساعدة بعضنا البعض كعائلة كبيرة وحب الوطن والعمل على البقاء فيه.
لذلك يتوجب عدم التقكير باستغلال أية عائلة اضطرت الى ترك بيتها قسرا بسبب الحرب او خوفا منها لافتا الى ان رفع بدلات الإيجار بطريقة عشوائية تشكل جرما يعاقب عليه القانون استنادا الى المادة 685 من قانون العقوبات التي تنص على أنه يعاقب بالحبس من 6 أشهر الى سنتين مع التوقيف والغرامة، موضحا، كل من توصل بالغش لرفع أو تخفيض أسعار البضائع أو بتقديم عروض للبيع أو الشراء بقصد بلبلة الأسعار، أو بالإقدام على أي عمل من شأنه إفساد العرض والطلب وتشمل السوق العقاري والتاجير واستغلال المواطنين بطريقة غير قانونية ، يمكن للنيابة العامة التمييزية والإستئنافية قمع هذه المخالفات كما يمكن لأي متضرر التقدم بإخبار أوشكوى ، ويمتد هذا الحق والواجب في المراقبة الى البلديات والقائمقاميات والمحافظات وكافة الأجهزة .
ويتابع زخور، كما يتوجب على البلديات والأجهزة المختصة اعتماد العرض والطلب في بدلات الإيجار للشقق التي كانت قائمة ورائجة قبل الحرب في الجنوب كمعيار لبدلات الإيجار والمسجلة في البلديات منذ حوالى 10 أشهر أي قبل شهر تشرين الأول من العام 2023 وإلزام تسجيل العقود الجديدة في البلديات وفقا لهذه الأسعار والقيم التاجيرية تحت طائلة إحالة المخالفين الى النيابة العامة وتوقيفهم وفرض غرامات مرتفعة.
وأعاد زخور التذكير، بالإقتراح الذي رفعه الى المجلس النيابي، بأن يضع المجلس سقفا لبدلات الإيجار لمنع إنفلات الأمور واستغلال المواطنين وانزال أشد العقوبات بالمخالفين وفقا للقانون لمنع المتاجرة بأهل وطننا في الظروف الإستثنائية.
المستشار القانوني لنقابة المالكين في لبنان المحامي شربل شرفان، أكد في حديث لجريدة « الشرق» أن السبب الرئيسي والمباشر للازمة الحاضرة الإستثنائية والمتمثلة بالغلاء الكبير في قيم بدلات الايجار هو قانون الإيجارات أو ما يعرف بالإيجارات القديمة الذي حرم المالك من التصرف بملكه عن طريق التمديد القسري لعقود الإيجار من ناحية ومنع المالك من زيادة البدل أو استيفاء البدل الرائج.
وأضاف: أدت البدلات الزهيدة جداً (وهي بين ٣ دولار إلى ٥ دولار سنوياً) إلى عدم قدرة المالك على تأمين أبسط مقومات العيش الكريم الأساسية الأمر الذي أدى بدوره إلى انكفاء المالكين عن التأجير فيما لو كان لديهم شقة شاغرة.
وفي الحديث عن الحاضرة المتمثلة بطلب البعض بدلات إيجار خيالية لا تتناسب مع البدل الرائج هي نتيجة قلة وشح الشقق الشاغرة لأن معظمها مشغول من مستأجرين قدامى منذ أكثر من ٧٠ عاماً سوادهم الأعظم من يملك شققاً ومساكن أخرى في المنطقة عينها أو في منطقة أخرى أو من ترك فعلياً المأجور وانتقل للسكن في مكان آخر لكنه يرفض تركه وتسليمه للمالك طمعاً بابتزازه لدفع مبلغ مالي مقابل الترك مشيرا الى انه لدينا آلاف الحالات من هذا النوع. ويرى شرفان أن الأزمة التي نحن بصددها حاضراً تكونت إزاء انعدام التوازن بين العرض والطلب فأصبح الطلب اكبر بكثير من العرض ما يؤدي حكماً في العلم الاقتصادي إلى غلاء السلعة أو الخدمة ولنعطي مثالاً على ذلك، وجود شقة واحدة أو شقتين فقط في حي أو شارع معين ووجود أكثر من شخص يطلب استئجار إحدى هاتين الشقتين هذا الأمر يمكّن المؤجر من طلب بدلات إيجار خيالية لقاء التأجير (الأمر الذي نحن طبعاً ضده). أما في حال وجود ١٠ شقق شاغرة في الحي أو الشارع عينه لا يعطي فرصة لأحد للاحتكار أو طلب بدلات لا تتناسب مع البدل الرائج لأن السوق في حال وجود توازن في قاعدة العرض والطلب يقوم بتصحيح نفسه بنفسه ما يؤدي حتماً إلى انخفاض سعر أو قيمة السلعة أو الخدمة. وهذا كله كما قلنا أعلاه بسبب مفاعيل وتداعيات قوانين الإيجارات الاستثنائية التي وضعت قيوداً على حق الملكية وشكلت وضعاً شاذاً من الناحية القانونية والحقوقية.
وختم قائلاً: نحن كنقابة للمالكين نشجب أية ممارسة تخرج عن الأخلاق والإنسانية وندعو جميع المالكين إلى الالتزام بالبدلات الرائجة وفقاً لكل منطقة واحتضان اخوتهم في الوطن وهذا ما يفعله الكثيرون منهم في مشهد تتجلى فيه أسمى معاني التضامن والتعاضد الاجتماعي والوطني ، وتمنى على الإعلاميين ووسائل الإعلام عدم التعميم لأن في التعميم شيء من التجني والافتراء باعتبار قلة قليلة فقط من الناس تقوم بهذه الممارسات غير الإنسانية التي تبقى ضمن حالات فردية لا تعكس موقف المالكين ونقابتهم سيما وأن السواد الأعظم منهم يتحلى بمكارم الأخلاق وهم يشعرون بدقة الموقف وحساسية الوضع الراهن.