رئيس جامعة المقاصد البروفسور حسان غزيري: «هذا المجتمع يتطوّر ولدينا مهمة في بناء الثوابت التي تشكّل شخصية الأجيال ومستقبل البشرية»
جامعة المقاصد: رؤية حديثة أكاديمية ــ علمية وتكنولوجية
ماجدة د. الحلاّني
جامعة المقاصد في بيروت بكلياتها الثلاث تنطلق بإدارة جديدة تواكب العصر والتطور. تضم مبنيين الأول في منطقة الباشورة ويضم كلية اعداد المعلمين وكلية الدراسات الاسلامية والمبنى الثاني بالقرب من مستشفى المقاصد وهو مخصص لكلية التمريض والعلوم الصحية. ويوضح رئيس جامعة المقاصد البروفسور حسان غزيري ان «الجامعة تأسست عام 2000 بترخيص من وزارة التربية والتعليم. وبداية بمعهد التمريض التي وجدت جمعية المقاصد فيها حاجة لتلبية القطاعات الصحية، اما كلية الدراسات الاسلامية فهي ركيزة اساسية لرؤية جمعية المقاصد واستراتيجيتها هدفها بناء جيل من العلماء والمفكرين المتمكنين من العلوم الدينية المنفتحين على العلوم المعاصرة وعلى الآخر. بالنسبة الى اعداد المعلمين كذلك الأمر وبما ان جمعية المقاصد هدفها التعليم والتدريس فكانت الحاجة الى تأهيل اساتذتها فأنشأت معهد اعداد المعلمين والذي اصبح اليوم كلية التربية».
انطلاقة تواكب التطورات
ويتابع «في الوقت الحالي تضم الجامعة هذه الكليات الثلاث التي تتمتع بأهمية قصوى. وتعثرت انطلاقة الجامعة لأسباب عدة ولذلك نقوم حاليا بتنفيذ خطة نهوض بالجامعة لأن مؤسسي جمعية المقاصد والقيّمين على شؤونها لديهم رؤى مستقبلية وانشأوا الجمعية في القرن التاسع عشر لأنهم استشعروا ان هذا المجتمع لا يمكن ان يتسنّى له ان يتطور من دون العلم وانتشار المدارس. اما اليوم فنحن بحاجة الى جامعات لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة واصبحت الجامعة ضرورة لاستنهاض المجتمع. ولذلك مهمتي تنطوي على اعادة تنشيط الجامعة بتخصصاتها الثلاث وتنشيط الاختصاصات المتعلقة بهذه الكليات وتوسيع هذه الجامعة لاحقا الى كليات تتماشى مع حاجات المجتمع والعصر وخصوصا عبر إنشاء كلية لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي». ومن الواضح ان رئيس الجامعة لديه من الطموح والتطلعات الكبيرة لهذا الصرح التعليمي ويحرص على العمل بطريقة منظمة ومدروسة على الصعيد العلمي والاكاديمي والمالي. وهو من حمل علمه من ابرز الجامعات العلمية من سويسرا حيث كان يتمتع بمركز في احدى جامعاتها فقط لأنه يشعر ان مكانه هو في لبنان لخدمة مجتمعه.
شهادة تمريض بإعتراف دولي
ويكشف غزيري « نعمل حاليا على تخصص حديث في كلية التمريض وقمنا بطرح شهادة تخصصية جديدة في كلية التمريض والعلوم الصحيّة في العلاج التنفسي نظرا للحاجة الماسة في المستشفيات لهذا التخصص. وحصلنا على شهادة إعتراف دولية من International education recognition system وبمجال العلاج التنفسي فهي تعتمد على الهيئة الناظمة هذه المهنة في أميركا وهي American association for respiratory therapy وهذه اول شهادة اعتراف من نوعها في لبنان حصلت عليها جامعتنا» وهذا بمثابة اعتراف دولي بجامعتنا وشهاداتها لأنه يعطي اطلالة دولية لكليتنا وجامعتنا وللجمعية بشكل عام». ولعل هذه النتيجة المشرفة هي محصلة جهد فريق عمل متكامل عمل بجهد وبوفاء من اجل تحقيق هذا الهدف. ويتابع غزيري « سنكمل عملنا وننتقل لمواضيع اخرى من جملتها رعاية المسنين وعلى اعتبار ان بلدنا هناك بحاجة الى هذا الموضوع وسنتعاون للغاية هذه مع مستشفيات محلية واخرى في سويسرا كنوع من الشراكة. ولعله في اختصاص التمريض يحتاج المتخصص بشكل دائم الى تطوير وتحديث معارفه ان كان على صعيد العلوم او التجهيزات والتكنولوجيات ومواكبة التطورات المتسارعة. والهدف الاساسي لجامعتنا ان يكون خريجوها مهيئين لكي يستطيعوا ايجاد عمل ونحن علينا ايضا مواكية حاجات سوق العمل». ويؤكد « شهاداتنا معترف بها من قبل وزارة التربية والتعليم العالي ونقوم بعملية تجديد للاعتراف الذي لا بد من تجديده كل عدة سنوات وخصوصا اننا بصدد تطوير برامجنا ومناهجنا بالتعاون مع الوزارة. وحرصت على تشكيل هيئة عليا او مجلس امناء خاص بالجامعة بالاضافة الى النظام الاساسي للجامعة وهذا كله بالالتزام بالقانون الخاص بالتعليم العالي الصادر عن وزارة التربية والتعليم العالي سنة 2014 وهو قانون مهم جدا وواجبنا الالتزام به».
ازدياد في عدد الطلاب واقساط تراعي الظروف
ويكشف غزيري انه «في السنتين الاخيرتين زاد عدد طلاب الجامعة حوالى 30% وتحديدا في كلية التمريض بسبب الحاجة في سوق العمل الى الممرضين والممرضات خصوصا بعد هجرة جزء كبير منهم بسب الازمات المتلاحقة التي عاشها لبنان في السنوات الاخيرة. ولعل دمج التعليم النظري والعملي الذي تتمتع به كلية التمريض بالتعاون مع مستشفى المقاصد يساعد بشكل كبير على تدريب الممرضين حيث يتخرجون جاهزين تماما وعلى دراية تامة بموقع العمل بالمستشفى. هذا ما سمح بتفوق طلابنا ونجاحهم بنسبة 100% في الكولوكيوم. وعدد لا بأس به يحظى بفرص عمل في الخارج فور تخرجهم».
اما الاقساط الهم الاكبر بالنسبة الى الطلاب في الوقت الحالي وفي الظروف المادية الصعبة التي تمر بها البلاد يبدو ان الجامعة على دراية وتقدير كبير، لذلك الاقساط منخفضة نسبيا مقارنة بالجامعات الاخرى ويتم منح مساعدات للطلاب بفضل التبرعات من اصدقاء الجامعة. اما جودة التعليم فهي امر اساسي بالنسبة الى رئيس الجامعة الذي يحرص على تأمين كل المستلزمات للطلاب ويهيئ لهم بيئة تعليمية محفزة. ولا يمكن لهذه المهمة ان تنجح الا من خلال دعم مجلس أمناء جمعية المقاصد وكذلك التبرعات والمساعدات من قبل اصدقاء الجامعة الحريصين على النهوض بالتعليم في المجتمع.
اللغة العربية أولوية
ويعتبر غزيري ان موضوع اللغة العربية على اهميته فهو مهمل في بلدنا « نعمل على انشاء ما يعرف بـ Critical mass of researcher او مركز ابحاث وابتكار للغة العربية مهمته تطوير وسائل التعليم والنشر عبر استخدام احدث وسائل من جملتها الذكاء الاصطناعي ويرتكز على حاجات المجتمع المحلي اللبناني والاقليمي والدولي وهذا واجب تجاه مجتمعنا واللغة العربية هي لغتنا الاساسية وهويتنا وبالتالي حمايتها اولوية من خلال هذا البرنامج في كلية التربية. بالاضافة الى الاستفادة من التحول الرقمي وتطبيقاته لكي تستطيع هذه الجامعة ان تتمتع بالقدرة على التكيّف مع التطور. وأنا ملزم بتعاميم الوزارة في ما يخص الأساتذة وأساليب التعليم».
الدراسات الاسلامية
كلية الدراسات الاسلامية هي كلية اساسية في هذه الجامعة لانها تحمل مسؤولية كبيرة جدا على صعيد التحديات الاجتماعية وفكرية وقيمية. ومهمة هذه الجامعة بالنهاية المساهمة بتحقيق نهضة اجتماعية شاملة. ولدينا قيمنا وثوابتنا التي نريد الحفاظ عليها. هذا المجتمع يتطور ويواجه تحديات كبرى وبناء عليه نستند الى وضع خطط التطوير لهذه الكلية على مبادىء الدين الاسلامي والفكر المعتدل والمنفتح على الاديان والثقافات الاخرى ولدينا مهمة في بناء الثوابت التي تشكل شخصية الاجيال ومستقبل البشرية ككل ولدينا دور حضاري لا بد وان نلعبه. وقيمنا بنظري يمكنها ان تساعد الانسان وتحافظ على انسانيتها. هناك غزو فكري وقيمي وأخلاقي يواجهه مجتمعنا ودورنا هو مواجهته من اجل المساهمة في بناء جيل جديد من المفكرين المسلمين لديهم موازنة بين الاصالة والثوابت الدينية التي نتمسك بها والمعاصرة وتطوراته وتحولاتها وتحدياتها».
حسان غزيري بروفيسور في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد تقلد مناصب تدريسية وبحثية في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، وجامعة كيوتو (Kyoto University, Japan)، والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان (EPFL). يشغل منصب رئيس جامعة المقاصد في بيروت منذ عام 2022، ويعمل كمستشار علمي في مركز LRE-EPFL في سويسرا.
ساهم البروفيسور غزيري في تأليف كتاب «إدارة المعرفة»، الذي أصدرته دار النشر Pearson ويُعتمد في العديد من الجامعات حول العالم، بالإضافة إلى نشره أكثر من 50 مقالة بحثية في مجلات دولية محكمة. كما قاد البروفيسور غزيري مركز بيروت للأبحاث والابتكار (BRIC)، حيث تعاون مع فريق من الباحثين في لبنان ومع جامعات سويسرية لتطوير تقنيات التشخيص في مجالي طب القلب والأعصاب، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.