حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – داهشات

42

دهشة «1»:

قام ليقاوم مجدداً.

صحيح أن حزب الله لم ينتصر… لكنه أيضاً لم ينهزم.

ها هو يصحح أخطاء كادت تعرضه لضربات قاضية.

الآن يوقظ الصواريخ ذات الأنياب، بعد أن نامت طيلة معارك الإسناد، ومن دون أسباب يُستند إليها.

والآن، رفع عن عينيه غشاوة الأهداف، فاتضحت رؤية ثمينها، في حيفا وتل أبيب وصفد… وكنا قد ضيعنا الشهادة والصواريخ في رخيصها.

يبلغنا الحزب أن انتظروا الميدان.

في الميدان تشاءمنا عندما لقّنه العدو درساً لا ينسى… واليوم نتفاءل في أن يلقن هو العدو درساً لا ينساه.

ننتظر ونتفاءل بما نسمع ونرى.

دهشة «2»:

لا يمكن تصنيف «التوافق» على إسم رئيس الجمهورية، إلاّ ضمن «مضادات الديمقراطية»، التي تحرر السياسيين من الدستور والتزاماته.

بأي «توافق» نطالب، والوطن متعدد الأقدام… وكل قدم تنطلق بطريق؟.

ومن أين يأتي «التوافق»، طالما إذا كان هذا هنا… فذاك حتماً يكون هناك؟.

وكيف لنا بـ»التوافق» وأصوات نوابنا، عند التصويت للرئيس، مزودة بكواتم صوت إيرانية وقطرية وسعودية وفرنسية وأميركية… وأحياناً لبنانية؟.

دهشة «3»:

إذاً، الرئيس الأميركي بايدن يمون على نتنياهو إلى حد الأمر، عندما تستهدف الوحشية الإسرائيلية إيران. أما إذا كان المستهدف الدم العربي، فهو مستباح لشهوات نتنياهو الدموية.

في إيران يقول بايدن للوحش الإسرائيلي: لا تقترب من هذا… لا تضرب هناك… كن لطيفاً… كن حنوناً.

وهكذا كان.

في لبنان وغزة يقول لنتنياهو: تمرد كلما طالبتك بهدنة. اِقتل، دمر، لا تكترث لإداناتنا، فهي تنتهي دائماً بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

دهشة «4»:

في زمن الأفلام الهابطة، كان مخرجوها يبررون هذا الهبوط بأن «الجمهور عاوز كدة»… وما أشبه مخرجو السينما بمخرجي الردود العسكرية بين إسرائيل وإيران.

تبدأ الردود بلغة تغلب عليها صفات المزلزلة والمؤلمة والمدمرة، وتنتهي باستعراضات أقرب إلى توسل التهدئة… وإلى أن أياً من الفريقين لم يلجأ إلى الرد، إلاّ لأن جمهوره «عاوز الرد وعاوزه كده».

لو نظرنا إلى الرد الإيراني، لما رأينا سوى صواريخ تضيء ليل إسرائيل.

ولو نظرنا إلى الرد الإسرائيلي لجنحنا إلى الاعتقاد بأن المئة طائرة المغيرة كانت تقصف إيران بحبات البندق لا بالقنابل والصواريخ.

دهشة «5»:

بعد أن دخل نتنياهو المنافسة مع بن غوريون على لقب «صانع إسرائيل»، تبدلت العقلية الإسرائيلية.

قبل نتنياهو كانت حكومات إسرائيل تحرر مئات الأسرى مقابل استعادة هيكل عظمي لجثة جندي إسرائيلي.

مع نتنياهو اليوم لا قيمة لحياة مئتي أسير لدى حماس، ولا مانع من قتل مئات الجنود ثمناً لهزيمة حزب الله.

مع هذه الاستراتيجية الجديدة، تعقدت معارك «الميدان» وتحولت إلى معارك عقائد.

دهشة «6»:

على ذكر الجيش اللبناني، اتهموه بالعجز. والسبب ببساطة أن أميركا تمنع تسليحه… وكأن الجيش الجزائري لم يتسلح إلا بموافقة أميركية… وكذلك جيوش 198 دولة في هذا العالم… وكأن السعودية ذات يوم، لم تخص المصانع الفرنسية بثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني… وكأنها لم تسحب هذا الدعم بعد أن امتلأت الساحات اللبنانية بصراخ «الموت لآل سعود».

دهشة «7»:

علينا الاعتراف بفضل «أردخاي أذرعي» على أن نحب بعضنا.

هذا «الآمر الناهي» نجح، من حيث لا يريد، في خلط المذاهب والمناطق.

اترك بيتك… تركنا.

غادر قريتك… غادرنا.

اخل ضاحيتك ومدينتك… أخلينا.

يميناً در… درنا.

إلى الوراء سر… سرنا.

وشيئاً فشيئاً أنعش هذا المتحكم إنسانيتنا، وتعايشنا معاً مذاهب ومذهبيين.

فتحت الأحضان لمليون ونصف المليون من ضيوف النزوح، وعمّ الاحتضان، سواء في فائض أو شح الأمكنة والإمكانات.

لكن، أخشى ما نخشاه، أن تتحول إنسانية اللبنانيين مع طول الزمن وقصر الصبر، إلى «رماد إنساني» يطير، ليكشف مجدداً «جمر» خلافاتنا ومكائدنا!.

وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.