حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – انتصارات العبور … إلى الهزائم

35

في صراعنا العربي الصهيوني، استحق فينا القول «يا فرحة ما تمت».

لقد تعودنا على إنتصارات العبور إلى الهزائم.

يوم وقعت حرب غفران 1973، انتصرنا ودمرنا خط بارليف، ودحرنا العدو الإسرائيلي.

وفجأة، فاجأتنا الثغرة… وتراجع الانتصار خطوات… وواصل التراجع تراجعه، إلى أن وصلنا إلى هزيمة استسلام السادات بزيارة العار إلى إسرائيل، ومن ثم، توقيع كامب ديفيد، وبالتالي، خروج مصر من الساحة الفلسطينية.

وفي الحرب ذاتها، إنتصرنا… وغسل أبطال تشرين أحذيتهم بمياه طبريا. لكن سرعان ما عادت إلينا الهزائم… فعدنا بأحذية ملطخة بوحل الانسحاب إلى ما وراء الجولان.

وفي حرب تموز 2006، إنتصرنا بالتفاف وطني استثنائي حول مقاتلي حزب الله. إلاّ أن الإلتفاف ما لبث، بعد الحرب، أن تحوّل إلى التفاف على حزب الله… كاشفاً عن هزيمة وطنية مدوّية.

وعندما حدث «طوفان الأقصى»، عشنا انتصاراً تاريخياً وعبقرياً.

وما أن أصبح الصبح التالي، حتى رأينا «الطوفان» قد أصبح «مستنقعاً»، تتخبط بمياه إنتصاره الهزائم الكارثية.

دمار عشوائي يطحن أبنية وأحياء وبلدات ومدن قطاع غزة.

إستشهاد أكثر من خمسين ألف مسالم، هذا غير ما دفن تحت الركام… وما تناثر منسياً على طرق النزوح المتكرر.

وتواضعت أرقام الجرحى، فاختصروها بمئة ألف… بلا مستشفيات ولا إسعافات ولا مسكنات.

حدث كل هذا… ومازلنا نمضي على طريق عبور الانتصارات إلى الهزائم.

تباهينا وصفقنا وصرخنا «لبيك غزة»…

بالإسناد اللبناني فشلت إسرائيل في «حرب الأهداف»… لم تتمكن من السنوار، لكنها تمكنت من محمد الضيف واسماعيل هنية… ولم تتمكن من تحرير أسراها المئة والخمسين، لكنها أسرت آلاف الغزاويين وملأت زنازينها بما لمته من شوراع الضفة.

تابعنا التباهي والتصفيق إنتصاراً لغزة… وكان إنتصار الإسناد أطول عمراً من كل الانتصارات العربية التي سبقته… وفجأة أيضاً فاجأتنا التكنولوجيا، المتجاوزة للخيال، بتفجير أربعة آلاف جهاز إتصال، بأربعة آلاف عنصر من حزب الله، بدقيقة واحدة، وعلى مساحة الوطن… وتلت ذلك مجزرة انفجارات التوكي ووكي… وهكذا أطلت الهزائم مجدداً برؤوسها المثقلة بالأهداف الكبرى، إغتيالاً للقيادات المؤسِسة، وصولاً إلى سيد المقاومة ونبع معنوياتها وغيفارا المسلمين السيد حسن نصرالله.

اغتيالات شجعت إسرائيل على استكمال التدمير الشامل جنوباً وبقاعاً وضاحية… وكان لها ما أرادت أن يكون…

نزوح فاق المليون ونصف، ترعاهم حكومة مفلسة… وتأويهم إمكانات معدمة…

مشاهد تدمي الإنسانية بتحوّل العراء إلى مساكن… وكأن لا شتاء آتٍ ولا الرياح الباردة ستلسع الأجساد الشبه عارية.

وفجأة أيضاً، عادت للمقاومة روحها القتالية، فلا هزيمتها ثبتت، ولا عدوها استكمل انتصاره.

اليوم أشهرت صواريخها، ومارست بطولاتها، رغم غياب القائد الكبير والقيادات الكبرى.

وقبل أن تأخذنا عزة المواجهات البرية… نخشى ونسأل: ماذا لو نقلت إسرائيل عدوانيتها إلى إيران، ونشبت أم معارك المنطقة؟.

هل يُلزم حزب الله نفسه بالرد الإيراني الثالث، متورطاً ومورطاً لبنان؟.

نخشى… ونخشى أن تكمن لنا وله في «إسناد إيران» هزيمة كاملة لا يمكن إنكارها بتصريح لنائب الأمين العام للحزب، أو باطلالة تلفزيونية لصحفي ممانع، لا يمتنع عن المبالغة في إنكار الحقائق وابتكار الوقائع.

وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.