حبيقة لـ”الشرق”: بلبلة “تلغراف” أطفأها الموقف الرسمي اللبناني ولبنان يتعرض لحرب نفسية لضرب القطاع السياحي
كتبت ريتا شمعون:
منذ حوالى الأسبوع إنتشر مقال في صحيفة تلغراف البريطانية يتحدث من دون وثائق عن تخزين حزب الله للسلاح قرب مطار بيروت، هذا المقال هو أحد اخطر أنواع الإغتيال، إذ كاد أن يشرّع امام العدو الإسرائيلي لا سمح الله استهداف مثل هذا المرفق الحيوي المتمثل بمطار بيروت ،جاء بعد حملة تهويل وحرب نفسية بدءاً من:
– أن اسرائيل ستشن حربا خلال اﻟ48 ساعة
– هوكشتاين يهدد لآخر مرّة
– السفراء ينسحيون من لبنان
– مخزن سلاح في المطار
– زحمة خانقة في المطار وجميع اللبنانيين يغادرون
– خرق لجدار الصوت ليلة السبت – الأحد فوق الجنوب والساحل اللبناني والمتن والشوف والبقاع وغيرها من المناطق.
والهدف هو إيذاء القطاع السياحي في لبنان، حيث تسجل حركة الوافدين يوميا 20,000 في مطار بيروت، بينما تشهد اسرائيل انهياراً غير مسبوق في القطاع السياحي حيث تراجع بنحو 80% عدد السياح والزائرين.
فبالإضافة الى الحرب الدائرة في الجنوب، فإن هناك حربا اعلامية ونفسية قاسية تمارسها اسرائيل على لبنان منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في غزة.
ولطالما تعرّض مطار بيروت للأخبار الزائفة التي تسعى اسرائيل الى تشويه صورته، وهو يشكل رمزا لوحدة اللبنانيين، واستهدافه يعني استهداف هذه الوحدة، فالشائعات ليست بجديدة وقد اعتاد اللبنانيون على هذا النوع من الحروب منذ زمن خصوصا مع كل انطلاقة للموسم السياحي.
ومن المؤكد أن الموسم السياحي هو أحد اهم القطاعات التي لا تزال تردف الإقتصاد الوطني بالعائدات المالية، بطبيعة الأحوال للحرب الإسرائيلية على الجنوب اللبناني ارتدادات سلبية، إذ ان الأرباح والأشغال كانت ستتضاعف لولا وجودها.
ومع ذلك، فإن عدد الذين وصلوا الى لبنان خلال شهر حزيران تخطى 350 ألف شخص بحسب ما كشف رئيس مطار بيروت فادي الحسن معظمهم لبنانيون ومن دول عربية وسيزيد الرقم عن 400 ألف قبل حلول شهر تموز.
إذاً، التعويل اليوم هو على همّة المغتربين وعزيمتهم وسندهم لوطنهم لبنان وثقتهم به، برأي الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة، فإنه: مما لا شك فيه إن إقبال المغتربين واحياء الحفلات الفنية يدلّ على ان اللبنانيين شعب لا يرضخ لكل أنواع التهديدات، ونرى كيف أن كانت تلك التقارير والشائعات الصحافية قد انطفأت شعلتها بسرعة.
وأضاف حبيقة، في حديث لجريدة “الشرق” أن لبنان الرسمي بشخص وزير النقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية نفى وجود أسلحة لحزب الله في مطار بيروت ودعا السفراء المعتمدين في لبنان الى القيام بجولة في المطار ردّاً على إدعاءات “التلغراف” مشيرا الى أن ردّ فعل الحكومة السريع على الإشاعة قطع الطريق على أولئك الذين يسعون الى إثارة البلبلة والفوضى في المجتمع اللبناني على كل الأصعدة خصوصا السياحية منها والإقتصادية، معتبرا أن هذا الردّ جاء منطقيا ومدروسا وحيويا، وسيستكمل بعزم الحكومة تقديم دعوى قضائية ضد الصحيفة، مضيفا: على الرغم من الإختلافات السياسية إلا أن هذا التحرك هو من واجبات الدولة اللبنانية في الدفاع المشروع عن حقوق المواطنين، وهذه المرة الأولى التي تأخذ الدولة موقفا شجاعا.
وتابع حبيقة، ان مقال “تلغراف” الذي استهدف المطار الوحيد في لبنان، والإشاعة المغرضة المبنية على المغالطات قد تبدو بالشكل مقنعة لكنها تفتقر الى المنطق السليم والى الحقائق المثبتة، إذ ان المقال ترك أثرا سلبيا دام لساعات قبل تدخل الحكومة، خصوصا أن”تلغراف” هي من الصحف البريطانية الأكثر تأثيرا وتوزيعا في العالم، يسمونها في هذا الجزء من العالم حرية الصحافة لكنها لم تمثل بطبيعة الحال الموقف الرسمي البريطاني، وقد تكون هذه المرّة قد فقدت صدقيتها أمام الرأي العام اللبناني، وأكثر من ذلك، من الآن وصاعدا لا أحد يمكنه ان يستند الى أخبارها إيجابية كانت أم سلبية.
وأضاف حبيقة، أن المقال يندرج في سياق حملة التهويل والحرب النفسية التي تحاول جهات خارجية إثارة البلبلة والخوف في ظل الإقبال الكبير الذي يشهده مطار بيروت من المغتربين والسياح العرب من العراقيين والأردنيين والمصريين مع حلول موسم الصيف، معتبرا ان تقرير الصحيفة البريطانية يحاول في أحد جوانبه ضرب الموسم السياحي، أما السؤال المشروع من هي هذه الجهة التي تريد الحاق الأذى بلبنان؟
ولفت في هذا السياق، الى ان لبنان كان يستقطب في السابق، سياحا من مختلف أنحاء العالم، لكن باتت الحركة السياحية مقتصرة اليوم بشكل أساسي على المغترين اللبنانيين، بالإضافة الى الطلاب اللبنانيين العائدين من الخارج لقضاء عطلة الصيف وهؤلاء لا يمكن اعتبارهم سياحا. واستنادا الى المشهد اللبناني المنقسم على نفسه أبدى حبيقة أسفه لبعض المواقف المحلية التي سارعت الى تبني رواية تقرير الصحيفة البريطانية والترويج له، حيث بدا واضحا أن لبنان لا يشكل أولوية عند البعض حيث يتعمد فريق سياسي ممارسة النكاية السياسية بالفريق السياسي الآخر، ولا يهمه أبدا ولا بأي صورة مدى الضرر الذي تسببه تلك الشائعات بلبنان، لافتا الى ان التوازن السياسي مفقود حاليا، داعيا كل الأفرقاء الى قراءة المشهد بواقعية وموضوعية بعيدا عن ردّات الفعل المتسرعة قائلاً: هناك شيء غير مفهوم، أن نحاول تحطيم وطننا ونستجلب له الكوارث كجزء من الصراع السياسي الداخلي، وهذا الأمر ينم عن قصر نظر سياسي وتحليلي.
وتابع حبيقة، أن اتحاد النقل الجوي الدولي IATA وكل شركة طيران عالمية لديها لجنة خاصة بالسلامة والأمن وهي قبل اعتماد مطار رفيق الحريري الدولي بيروت كأحد خطوطها تتأكد من وضع وسلامة المطار خصوصا الأوروبية منها وتحديدا البريطانية ولو كان هناك أي التباس في أمور السلامة والأمن لما كان سمح لها باعتماد مطار بيروت.
ووفق حبيقة، لا معطيات تفيد بوجود اي توسع للحرب في لبنان، معربا عن تمنيه ألا تتوسع الحرب ولا لمصلحة لأحد بتوسعها في أي حال لا أحد يعرف.