جيشنا اللبناني طوق نجاتنا من أخطر المحن

27

بقلم د. ابراهيم العرب

بمناسبة العيد التاسع والسبعين للجيش اللبناني الأغرٌ، الذي يصادف في الأول من آب 2024، نحيٌي ضباط وعناصر جيشنا البواسل، ونوجه لهم تحية فخر واعتزاز ومحبة وتقدير، لمواصلتهم تقديم المثل الأعلى في العطاء والفداء والولاء لوطننا الغالي لبنان.

فجيشنا الوطني يبقى مدرسة في الرجولة والقيم السامية والإباء، وهو حصن الدولة المنيع وحامي حقوقها والمدافع عن عزتها وكرامتها والمنافح عن شرفها وكبريائها. كما أنه أثبت ويثبت كل يوم أنه أهل للأمانة التي أودعها إياه أبناء الوطن وشرفاء الأمة في حماية الأمن والاستقرار الوطني وضمان حاضر ومستقبل البلد، وللذود عن الأرض والعرض وصون الحق وإعلاء رايته، لاسيما في ظل مواجهته المستمرة لانتهاكات إسرائيل الجوية والبرية والبحرية في الجَنُوب، واعتداءاتها المتكرّرة علينا، راسمًا بعظيم أفعاله ونبل عطائه لوحة شموخ وصمود وتحدي في معركة الحفاظ على السيادة والكرامة الوطنية، وبانيًا تاريخ حديث للبنان، عابقاً بالمجد والفخر والعزة والعنفوان، ومشحذًا العزائم ومحفزًا الهمم ومعطيًا القدوة والمثال الأعلى في التضحية والفداء والبذل والعطاء.

وفي هذا العيد الوطني الكبير، نعود ونؤكد بأنّ الأمن والاستقرار هما القاعدة التي يُبنى عليهما المجتمع السليم واقتصاده المزدهر؛ ونؤكد أيضًا بأنّ الدور الأكبر الذي يؤديه الجيش اللبناني في إطار الأزمة الراهنة والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بتوجيه ضربة موجعة للبنان، يجعلنا نلتف كلنا حول الجيش لأنه سبيلنا الوحيد لحماية أمن بلدنا وسلمه الأهلي والحفاظ على الأراضي التي حرّرت في السابق جنوبًا بفعل مقاومتنا الباسلة، لاسيما أن الجيش الوطني، يضمّ كل مكونات المجتمع، وهو يضحي ويبذل النفيس والغالي لمصلحة الوطن على الرغم من الصعوبات المادية الجمّة التي يعاني منها، وهو لم يتوانَ يومًا عن الاستنفار بوجه جيش الاحتلال الإسرائيلي واعتدءاته المتكررة على الجَنُوب المحتل، وبالأخص كلّما أقدم جنود وضباط الاحتلال على الاقتراب من الخط الأزرق الذي يفصل أراضينا اللبنانية عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو كلما قام بالتعدي على الأراضي المحررة في خراج بلدة كفرشوبا وعيتا الشعب وسائر قرى الجَنُوب الأشمّ؛ كما أننا لا ننسى كيف واجه ضباط وعناصر جيشنا البواسل في السنين الأخيرة الماضية الدبابات الإسرائيلية بأكفهم العارية بكل جرأة وشجاعة، وكيف دحروا الإسرائيلي عن بلدات الجَنُوب الباسل، وهو ما يثبت أنهم أهل للسهر على أمن وأمان الجنوبيين، وأنهم سياج الوطن ودرعه الواقي الحامي، والعمود الفقري للبنان واللبنانيين على حدّ سواء، ولذلك في عيد جيشنا نناشد المسؤولين اللبنانيين بضرورة دعم عناصره بالسلاح والعتاد اللازم للقتال، وإمداده بالماديات الضرورية لمتابعة مهامه السامية، لاسيما أننا ما زلنا حتى الآن لا نفهم حقيقة سبب تفريط بعض الحكام بحقوق العسكريين بالعيش الكريم في وطنهم، ولماذا يتباخلون عليهم باعتمادات مالية وطبية وتعليمية؟ أهكذا تعامل المؤسسة المعنية بالدفاع عن الوطن في وجه الأعداء، وبالأخص العدو الصهيوني.

كما أننا نسألكم أيها المعرقلون: بالله عليكم، لم تستهتروا برواتب العسكريين وتأمينهم الاستشفائي؟ وبالأخص المتقاعدين منهم؟ بالرغم من أنهم يحمونكم، كما يحمون هذا البلد من العصابات الإجرامية التي إن انتشرت لساد القتل والسلب والإجرام في كافة أرجاء المعمورة.

أين هو ضميركم الإنساني تجاه حماة الوطن؟ وكيف يتعالج جرحى عناصر الجيش والقوى الأمنية، ويعلمون أبناءهم في المدارس والجامعات ويعالجونهم في المستشفيات الباهظة الثمن في هذه الظروف الاقتصادية القاهرة؟ لاسيما الرتباء والعناصر والأفراد من كل الأجهزة الأمنية اللبنانية المحترمة.

ولهذا في عيد الجيش، نقول لكل من استهتر بحقوق العسكريين، كفى مزايدة ومهاترة، فالجيش لا يريد منكم خطابات رنانة، ولا معايدات معسولة زائفة، وإنما إعطائه حقوقه المشروعة، هو وضباط وعناصر قِوَى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، وإن كنتم قد جمعتم ثروات طائلة، وهربتم من المساءلة والمحاكمة أمام محاكم الأرض، فلن تستطيعوا أن تهربوا من المحاكمة أمام الله عز وجلّ، يوم القيامة. وعليه، سارعوا للتوبة عمّا اقترفته أيديكم، من خلال إعطاء كل ذي حق حقه، وبالأخص العسكريين، عسى الله يتوب عليكم، ويعفو عن سيئاتكم، وما فعلتم وما زلتم تفعلون بالشعب اللبناني الفقير بنسبة 82 بالمئة منه وفقًا لإحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية الرسمية، التي تؤكد أن أغلب شعبكم يئن قهرًا وجوعًا وحرمانًا وعوزًا.

علاوة على ذلك، فإن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة القادرة على إنقاذنا من توسعة الحرب مع العدو الإسرائيلي، لاسيما أنها بشخصية قائدها العماد جوزف عون، أطال الله بعمره، تتمتع بشرعية دولية مميزة واحترام وتقدير من كل دول العالم المتحضر، ولذلك نسأل الله عز وجل أن يعلّي ويرفع قدر وشأن قائدها الباسل، ومجلسه العسكري وكذلك مخابرات جيشه، نظرًا لمواقفهم البطولية المشرّفة واعتدالهم ووسطيتهم التي تمنع الفتنة بين اللبنانيين، وبالأخص لأنهم ينهلون حكمتهم من رئيس مؤسسة عظيم، يمكن وصفه بأنه بحقّ نبع للجرأة والشجاعة والاعتدال؛ ففي حضرة العماد جوزف عون فإن العمل الأمني ليس تشريفًا فحسب، ولا هو موضعٌ للتفاخر، وإنما هو أمانة وتكليف وطني بامتياز، وقد نجح القائد الباسل به بعدما أثبت قدرته على تحمل الأمانة والمسؤولية لسنوات طوال، مؤكدًا أنه أفضل من يمكن أن يولٌى هكذا منصب وأن التمديد له مجددًا قبل نهاية ولايته في آخر هذا العام، هو واجب وطني، كونه يمتلك خبرة ميدانية واسعة ويبذل جهودًا جبارة لحماية الحدود اللبنانية ولدرء الفتن، ولأنه حيادي ويتعاون مع كل الأطراف السياسية دون استثناء، بهدف الحفاظ على مصلحة الوطن ووحدة المؤسسة العسكرية في آن معًا.

فكل التقدير والاحترام له على مُضيٌه بخطى واثقة نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام للبناننا الحبيب، وألف تحية له على تميّزه بالوفاء والإخلاص لوطنه ولرفاق السلاح، ولتميّزه أيضًا بالصدق والمناقبية العالية والفضائل العديدة ولتمكّنه من تحويل مؤسسته الأمنية الأكبر في الوطن، لملاذٍ أمنيّ معترفٌ بجدارته دوليًا وباحترافه وحسن أخلاقية عناصره وحسه الوطني وإدراكه لكيفية التنسيق مع سائر الأجهزة الأمنية، وبالأخص مديرية قِوَى الأمن الداخلي، وجهاز فرع المعلومات ومديرية الأمن العام وأمن الدولة، وهذا ما مكّن مؤسسة الجيش اللبناني من تسطير أروع أنواع البطولات في عهد العماد جوزف عون، وتسجيل الانتصارات على كامل مساحة الوطن. فضلًا عن أن القائد، حافظ على أن يكون قامة عسكرية وطنية مستقلة، بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية؛ وعلى أن يكون أيضًا الدرع الواقي للبنان من كل الأخطار التي تهدد التعايش الإسلامي-المسيحي وتؤدي للاقتتال الداخلي فيمَا بين طوائفه في المناطق الحساسة، وبذلك حمى جميع أبناء الأمة اللبنانية من كافة الطوائف والمذاهب من الانجرار مجددًا نحو الحرب الأهلية البغيضة والمقيتة، كما حافظ العماد على العدالة والسيادة والكرامة الوطنية، التي أساسها الإيمان بالوطن ووحدته والعيش الواحد فيه وضرورة انصهار وتضامن جميع أبنائه في بناء دولة مدنية قادرة وقوية؛ وبقي العماد كذلك رجل المهمات الصعبة الذي لا يمكن أن تتخيل غيابه عن المؤسسة العسكرية في الظروف الحساسة والقاهرة التي يمر بها الوطن اليوم، لما يُمثل بالنسبة الشعب اللبناني، من رمز وطني قادر على الحفاظ على القانون وصون الأمن والسهر على مصالح المواطنين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، دونمَا تفرقة بينهم؛ خصوصًا في وقت عصيب نعاني فيه من فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال غير مكتملة الصلاحيات، وفراغ في المراكز القضائية والأمنية العليا الحساسة.

لذلك، في عيد الجيش التاسع والسبعين بالذات، ينبغي علينا أن نقف إلى جانب جيشنا اللبناني الباسل وقائده المغوار، الذي يجب أن نمدد ولايته اليوم قبل غد، هذا إذا كانت السلطة السياسية مهتمة بأمن الوطن وسلامة أبنائه ومواجهة العدو الصهيوني وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وطالمَا أنها تعلم أن العماد جوزف عون تربطه مع كل الأطراف رؤية تكاملية متناغمة في الدفاع عن الأراضي الحدودية، وبذلك باستطاعته أن يقينا مخاطر أي حرب إسرائيلية مدمّرة على لبنان أو ضربة موجعة لبنيته التحتية؛ وبالأخص بعدما أثبت الأخير حياديته إبّان جريمة اغتيال المغدور باسكال سليمان، رحمه الله، حينما منع اللبنانيين من العودة إلى حقبة الحرب الأهلية، وحينما أبعد المؤسسة العسكرية والتحقيقات الأولية عن التجاذبات السياسية، نظرًا لكونه منزهًا عنها ولأن سيرته ومسيرته المهنية وإنجازاته الناصعة البياض على المستوى العملياتي، تقطع الشك بنظافة كفه وحرفيته.

 خاتمين بالقول، أيها المسؤولون سارعوا لتجنيب لبنان كوارث وويلات أمنية واجتماعية متأتية من عدو صهيوني إرهابي مجرم، من خلال التمديد للقائد جوزف عون، ومنع الشلل العسكري وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، في ظل عدم قدرتكم على التحاور الداخلي أو جمع أحزابكم السياسية وممثليها في البرلمان حاليًا على كلمة سواء لتسمية رئيس جمهورية لبناني جديد؛ وابنوا لنا بذلك تاريخًا حديثًا عابقاً بالمجد والفخر والعزة والعنفوان، ومُشحذًا للهمم بقدوته ومثاله الأعلى في التضحية والفداء والبذل والعطاء، الذي هو القائد العماد جوزف عون، حفظه الله وأطال بعمره.

د. ابراهيم العرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.