بكداش لـ«الشرق» ما يسمى سلعاً فاخرة تراجعت مبيعاتها 90 % والمصانع بسبب الحرب لا تعمل بكامل طاقتها
كتبت ريتا شمعون
حتى 27 تشرين الأول الماضي كانت خسائر لبنان 8,5 مليار دولار وفقا لتقرير البنك الدولي نشرته Business news، ولا بدّ أن تكون الخسائر قد تضاعفت، بعد ذلك، يذكر التقرير أن 166 ألفا فقدوا وظائفهم، ولا بدّ أن يتضاعف هذا الرقم إذا طال أمد الحرب.
ففي الحرب الدائرة حاليا في لبنان، الخسائر البشرية والمادية ترتفع كل لحظة، فالقطاع الصناعي الذي يشكل المحرك الإقتصادي في لبنان لم يكن بمنأى عن أضرار الحرب، حيث نالت بعض المصانع نصيبها من القصف الإسرائيلي على مستوى لبنان وتعطلت الماكينة الإقتصادية في المناطق المستهدفة نتيجة التصعيد العسكري.
والمصانع اللبنانية التي تعرّضت لأضرار مباشرة أو غير مباشرة، هي اليوم ليست على ما يرام، لكنها مستمرّة في عملها رغم الظروف القاسية والتحديات الضخمة التي تواجهها في هذه الفترة، وفقا لنائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان زياد بكداش.
بكداش، وصف الإقتصاد اللبناني بالكارثي،لافتا في حديث لجريدة «الشرق» الى ان الصناعات المتركزة ضمن جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع «بعلبك – الهرمل» هي الأشدّ تأثرا في هذه الفترة، حيث توقفت عن الإنتاج، مقدرا نسبة المصانع المتوقفة كليا بنحو 30% من مجمل عدد المصانع، أما المصانع الواقعة بعيدا عن خطوط النار، والموجودة في كسروان، جبيل والمتن لا تعمل اليوم بكامل طاقتها، كمعامل إنتاج الأدوية والمواد الغذائية والمنظفات تزامن ذلك مع إنخفاض ساعات عمل المصانع من 24 ساعة متواصلة الى نحو 12 الى 18 ساعة لتلبية حاجة السوق، وهي تشكل 40% من مجموع المصانع مؤكدا أنه حتى الآن لا نقص في كميات منتجاتها، لا بل قام بعضها بتأجيل تسليم الطلبات للخارج لتلبية حاجة الداخل ، ومع ذلك، يبدو أنه لم يعد هناك مكان آمن في لبنان « فالتهديدات الإسرائيلية توحي بأنه لا توجد منطقة آمنة».
في المقابل، يقول بكداش، ثمة صناعات تراجع إنتاجها بنحو 80%، وهي صناعة لا تؤمن الحاجات الأساسية للمواطنين الذين تخلّوا عنها جراء الحرب، وهي تشكل نسبة 30%.
ويتابع، ان المصانع اللبنانية تواجه تحدّ آخر، في تأمين عمالها من المناطق المتضررة أو تلك التي نزحوا اليها، مكملاً: من المفترض وبحسب قوانين العمل أن يكون العمل خمسة أيام بما في ذلك الإنتاجية لكن الحرب الدائرة في لبنان عدّلت نظام العمل الى 3 ايام فقط في الأسبوع، في بعض المصانع لتقليل التكاليف التشغيلية.
ويتحدث بكداش عن الفارق بين العدوان الحالي وحرب تموز 2006، قائلاً: أن إسرائيل لم تلحق أذى مباشرا بالصناعة كما فعلت في العام 2006 وعليه، قد لا نكون أمام مشاهد متكررة لذلك الدمار، ولكن هذا لا يعني أن الصناعة اللبنانية غير متضررة.
وردا على سؤال، عن حجم الأضرار يؤكد بكداش، لا يوجد إحصاء واضح حتى الآن حول حجم الأضرار المباشرة التي تسببت بها الحرب بالصناعة في لبنان.
وأكد بكداش، أنه طالما أن المرافىء البحرية تعمل بشكل طبيعي، لن يكون هناك نقص في اي سلعة، مشيرا الى ان نسبة الإستيراد في القطاع الصناعي للمواد الأولية إرتفعت تدريجيا كإجراء إحترازي في حال حصول أي نوع من الحصار، يمكن ان يؤمن مخزونا لمدة تتراوح بين 3 الى 4 أشهر من المواد الأولية خصوصا الصناعات الغذائية، متخوفا من إقفال سبل الإمداد البحرية.
واعتبر أن المشكلة الأبرز اليوم، والمتوقعة في الفترة المقبلة، جراء عودة الإستدانة الى السوق على المستوى الداخلي هي «شح السيولة النقدية» موضحا أننا لا نستطيع العمل من دونها خصوصا ان التعامل مع الخارج هو «الكاش» من شأنها زيادة الضغوط على المصانع.
إنطلاقا من هذه المقاربة، يتفاقم القلق لدينا مع إستمرار الحرب التي تصيب إقتصادنا المترنح بما قد يؤدي الى إنهيار ثان من نوع آخرأشد إيلاما، فالمصانع التي تراجعت عجلة دورانها وتراجعت عائداتها ما سينعكس على عمليات إستيراد المواد الأولية، بالتالي، قد تتخذ تدابير بدءاً من العام المقبل 2025، إستنادا الى بكداش، سيتم تسديد نصف معاش للموظفين وبعد شهرين، إذا استمر الوضع كما هو عليه، فسيكون هناك صرف جزئي لموظفين لا حاجة لهم في مثل هذه الحالات من الحرب وربما نشهد إغلاق بعض المصانع.
وكشف بكداش، عن تراجع الإستهلاك بسبب الحرب، ولولا صناعات اساسية جدا مثل منتجات المأكل والمشرب وحاجيات النزوح لكان إنخفض بشكل كبير، فكل ما يسمى سلعا فاخرة توقفت مبيعاتها وتراجعت بنحو 90% مع تراجع القدرة الشرائية، من جهة وتراجع إنفاق المستهلكين عموما، من جهة أخرى.
وتابع بكداش، لا ترجيح أو حتى إحتمالات منطقية للفترة الزمنية التي ستستغرقها الحرب، ما هو ظاهر، أن إسرائيل ترفض مقترحات وقف إطلاق النار مع حزب الله، وحزب الله يرفض أي إتفاق لوقف النار مع إسرائيل لا يضمن سيادة لبنان، هذا يعني أن لبنان لن يستعيد حياته الطبيعية قريبا، فإن استمرار الحرب لوقت طويل، سوف يهدد باستنزاف جميع القطاعات خصوصا القطاع الصناعي الذي ما إن تأقلم قليلا مع الأزمة الإقتصادية حتى عادت الحرب وردته أميالاً الى الخلف، مضيفا: نريد وقف الحرب بأسرع وقت لململة الخسائر.