الجيش “جاهز”… من دون مال ولا عتاد!
ملاك عقيل
«أساس ميديا»
للمرّة الأولى منذ بدء العدوان الإسرائيلي الجوّي على لبنان في 23 أيلول وبدء ما وصفه العدوّ بـ “عمليّة توغّل بريّة محدودة وموضعيّة ومحدّدة الهدف” في 1 تشرين الأول، “فعّلت” القوات الإسرائيلية الجبهات الحدودية مع لبنان دفعة واحدة بضمّ محور مزارع شبعا جنوب شرق لبنان إلى محورَي القطاع الغربي (الناقورة، علما الشعب، عيتا الشعب، راميا…) والشرقي (كفركلا، العديسة، ربّ الثلاثين، مركبا، ميس الجبل…) ضمن سياق محاولات العدوّ المستمرّة لتثبيت توغّل برّي يصرّ على أنّه سيكون “محدوداً ومؤقّتاً” بالتزامن مع أكبر عملية إخلاء يشهدها الجنوب والبقاع منذ عام 2000.
النتيجة لهذا الواقع مجازر متنقّلة، وعشرات الأمتار المحتلّة من دون القدرة على السيطرة على قرية واحدة بالكامل، “وتشويق” يلفّ الردّ الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في 2 تشرين الأول في ظلّ التعثّر المستمرّ بالتوصّل لوقف إطلاق النار.
لا يقدّم المشهد العسكري الراهن الذي تَقَدّمه أمس استئناف ضرب الضاحية الجنوبية وتكثيف الحزام الناري جنوباً وبقاعاً سوى صلية إضافية من السوداوية على المشهد السياسي العامّ المرتبط بوقف إطلاق النار والمحاولات القائمة لإحداث خرق رئاسي.
أتى الخطاب الثالث للشيخ نعيم قاسم بعد استشهاد الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ليستثمر بشكل واضح في الواقع الميداني لمقاتلي الحزب مُعلِناً تجاوز مرحلة إسناد غزة إلى “مرحلة إيلام العدوّ وستصل الصواريخ إلى حيفا وما بعد حيفا واستهداف أيّ نقطة في الكيان بعدما استهدف العدوّ كلّ لبنان”، طارحاً معادلة: “الحلّ بوقف إطلاق النار وبحسب الاتفاق غير المباشر يعود المستوطنون إلى الشمال وإلّا استمرار المواجهة”.
مزارع شبعا على الخطّ
في هذا السياق، تقول أوساط رسمية: “نتفهّم موقف الحزب لناحية مقتضيات الميدان والمعنويّات ولن نقول أكثر من ذلك، لكن نتوقّع تطوّرات دراماتيكية في الفترة الفاصلة عن حسم الاستحقاق الرئاسي الأميركي من دون الرهان كثيراً على جلسة مجلس الأمن اليوم وسط تشدّد إسرائيلي لا سابق له ومغاير تماماً لمناخات التفاوض عام 2006، وهو ما يجعلنا نتأكّد أنّ القرار 1701 بات وراء واشنطن وإسرائيل والدليل أسلوب التعاطي مع قوات اليونيفيل، فيما قرار وقف إطلاق النار في جيب نتنياهو وحده”.
عملياً، حتى الآن لم يتبلور الموقف الحكومي الواضح أقلّه علناً من محاولة إدخال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا في متن القرار الدولي الذي ترفضه إسرائيل بصيغته الحالية، فيما قرار بري-ميقاتي واضح لجهة رفض الدخول في مسار دبلوماسي يقود بالنهاية إلى فرض تطبيق مضمون ما يُشبِه القرار 1559.
في هذا السياق، تحدّثت قناة “إن بي إن” المحسوبة على الرئيس بري عن “نقاط التباس” في متن القرار الدولي الجاري طبخه “كإقامة منطقة خالية من المقاومة وسلاحها جنوب الليطاني وإدراج القرار 1559 بين القرارات الدولية وتسهيل العودة المتدرّجة للنازحين اللبنانيين”، وذلك من دون ذكر مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
في المقابل، تفيد معطيات “أساس” أنّ مشاورات ميقاتي مع المسؤولين الغربيين تقدّمت بشكل ملحوظ في ما يتعلّق بملفّ تسلّم الجيش “إدارة” مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في جنوب الليطاني، لكنّ ميقاتي يشكو بشكل متكرّر من نقص التمويل وضرورة تقديم مساعدات فوريّة بالمال والعتاد تلاقي، كما يقول، جهوزيّة الجيش لهذه المهمّة. كما علم “أساس” أنّ بند دعم الجيش سيكون ضمن برنامج عمل مؤتمر باريس لدعم لبنان الذي سينعقد في 24 الجاري.
عمليّة تضليل وتحايل
من جهة أخرى، تحدّثت الأوساط عينها عن عمليّة تضليل مستمرّة، وصفتها أيضاً مصادر في عين التينة بـ “الاحتيالية”، وبلغت ذروتها يوم وصلت إلى الرئيس نبيه بري تأكيدات أميركية لموافقة الجانب الإسرائيلي على المشروع الأميركي-الفرنسي لوقف إطلاق النار لمدّة 21 يوماً، وهو ما دفعه إلى الطلب من الرئيس نجيب ميقاتي السفر إلى نيويورك ثمّ إعلان بري شخصياً لخرق سيحصل خلال 24 ساعة، لكن انتهى الأمر بتنفيذ قرار اغتيال السيّد نصرالله خلال وجود نتنياهو في أروقة الأمم المتحدة.
تكرّر الأمر نفسه مع تأكيد ميقاتي قبل أيام حصول الحكومة من الجهات الأميركية على ضمانات بتخفيف التصعيد الإسرائيلي في بيروت والضاحية الجنوبية، فإذا بالعدوّ يستأنف أمس ضرب الضاحية ويمعن في ضرب أهداف غير عسكرية كما حدث في النبطية التي تعرّضت أمس لهجوم مدمّر بذريعة وجود نفق بالقرب من البلدية وبنى تحتية عسكرية للحزب، إضافة إلى إشعال كلّ الجبهات الحدودية والتهديد الضمني بعدم تحييد بيروت عن أيّ استهداف يراه العدوّ ضرورياً ضمن لائحة أهدافه وإسقاط ورقة النازحين من أيّ اتفاق فيما تحدّث الشيخ نعيم قاسم للمرّة الأولى عن المسار الذي يتكفّل بعودة مستوطني الشمال.
ملاك عقيل