إيران وحزب الله نحو مزيد من التشدّد بعد رئيسي… عطل أم تعطيل في جهاز تحكم المروحية؟

37

جوانا فرحات

حال من الغموض تعيشها إيران بعد مقتل رئيسها ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إثر حادث تحطم المروحية التي كانا يستقلانها مع سبعة أشخاص آخرين حيث كان يزور رئيسي الحدود الأذربيجانية الشرقية لافتتاح سد مشترك بين الدولتين.

وعلى غرار الغموض الذي لف مصير المروحتين اللتين كانتا ترافقا مروحية الرئيس الإيراني والتكتم الذي سيبقى ساري المفعول عن الأسباب الحقيقية للحادثة التي قيل إنها تقنية، يبقى مصير السلطة على محك الخمسين يوما التي تفصل البلاد عن انتخاب رئيس جديد.

في أول تعليق له على الحادث، أكد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن “شؤون الدولة لن تتأثر”، ودعا الإيرانيين إلى عدم القلق وهذا طبيعي. فهي ليست المرة الأولى التي تشهد فيها إيران فراغا رئاسيا، فأي مستقبل ينتظر الجمهورية الإيرانية وكيف سينعكس على الداخل الإيراني والمنطقة والدول التي تنتشر فيها أذرع إيران وخصوصا حزب الله؟

مستشار الإتحاد الأوروبي في دولة قطر لمنطقة الخليج الدكتورجورج أبو صعب يلفت إلى أن تاريخ صراع الأجنحة داخل النظام الإيراني طويل، فهناك جناح كروبي اليساري الراديكالي وجناح كني اليميني المحافظ. حتى أن محمد خاتمي الذي رشحه هاشمي رفسنجاني البراغماتي الإصلاحي بعد انتهاء ولايته اعترف بـ”شكلية” منصب رئيس الجمهورية إذ إن السلطات كلها في يد المرشد. وباغتيال رفسنجاني سيطر علي خامنئي على السلطة وباتت السلطات كافة مركزة بيده.

من هنا برز ابراهيم رئيسي كمحاولة لاستكمال إرث رافسنجاني لينافس على مقعد الولي بعد علي خامنئي، الأمر الذي رفضه نجله مجبتى علي خامنئي الذي يقود فريقا إقتصاديا كبيراً، وقد بلغت ثروته في العام 2014 حوالى 40 مليون دولار”.

إذا كانت إيران قد اختبرت حوادث مشابهة، وكانت قادرة على التعامل معها، لكن لا يمكن أن نسقط أهمية غياب الرئيس ووزير الخارجية من المشهد السياسي في إيران وفي الإقليم في مثل هذه الظروف المعقدة، ويقول أبو صعب “يخطئ من يظن أن اغتيال رئيسي ووزير الخارجية سيؤدي إلى زعزعة الوضع الدستوري في إيران. فدستورها واضح ولا يجب أن نبني على احتمالية الفوضى وزعزعة الاستقرار في الداخل لأن الدستور محتاط لظروف مماثلة. وما حصل لن يؤدي إلى ضعف النظام أو سقوطه أو ضعضعته حتى إشعار آخر!”.

لا ينكر أبو صعب أن ما حصل في إيران هو بمثابة ضربة قوية لصورتها المعنوية وحجمها، لكن على الخصوم أن يحسنوا تلقف الحدث وتداعياته لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه من أهداف استراتيجية. فإيران التي تلملم اليوم جراحها أظهرت أنها غير قادرة على حماية حتى مسؤوليها في الدولة، وهذا ما يضعضع صورتها المعنوية بعدما كانت الدولة التي تهدد إسرائيل “الشيطان الأصغر” والعدو الأكبر أميركا كما تصفهما”.

نقطة ثانية يشير إليها أبو صعب وتتمثل في حدث سقوط المروحية وخلافة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي بات عاجزا عن استكمال مهامه بسبب المرض والعجز. ويقول “الحدث يأتي على خلفية اشتداد الصراع حول ورثة المرشد الأعلى علي خامنئي، وبالتالي هناك صراع بين جناحي اليسار الراديكالي واليميني المحافظ. وقد برز ابراهيم رئيسي لاستكمال إرث رفسنجاني لينافس على مقعد الولي الفقيه بعد علي خامنئي الأمر الذي رفضه نجله مجبتي علي خامنئي. وهذا ما يؤشر إلى أن أحداً داخل النظام كان يرفض أن يخلف رئيسي المرشد الأعلى للجمهورية كونه كان يتبع جناح رفسنجاني وهذا ما أدى إلى إزاحته إنطلاقا من العدائية الموجودة بين رفسنجاني وخامنئي. باختصار نحن أمام شواهد تاريخية واضحة”.

التحقيقات الأولية -وقد تكون النهائية- تشير إلى أن حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني ناتج عن عطل تقني أضف إلى ذلك رداءة الطقس. أبو صعب يذهب أبعد من ذلك ويقول “أنا من مؤيدي نظرية الإغتيال. فطائرة تقل رئيس دولة ووزير خارجيتها ومسؤولون آخرون ليست سيارة أجرة ولا يجوز أن يتعطل فيها نظام الحماية والإتصالات والـGPS كما قيل. ثم كيف يمكن للمروحتين اللتين كانتا ترافقان طائرة رئيسي أن لا تتأثرا برداءة الطقس والضباب الكثيف، ولماذا لم يأت أحد على ذكرهما أبدا عند سقوط المروحية وبعدها؟”.

أكثر من علامة استفهام تُرسم حول طبيعة الحادثة لكن لا يمكن الركون إلى النتيجة التي تم تعميمها وتحديثها لتنتهي بخلاصة مفادها أن عطلا تقنياً في جهاز التحكم أدى إلى تحطم مروحية الرئيس الإيراني، وهنا لا بد من العودة إلى ما ورد على لسان وزير النقل التركي الذي قال “إن الحادثة حصلت إما بسبب تعطيل أو تعطّل جهاز التحكم في المروحية”.!.

خارج حدود إيران يؤكد أبو صعب أن تداعيات مقتل الرئيس الإيراني غير مؤثرة على برنامج عمل الأحزاب والميليشيات التابعة لها. ففي لبنان لن يحصل أي تغيير ملحوظ لأن حزب الله يتبع المرشد الأعلى أكثر من رئيس الدولة، والمرشد هو من يقرر ولديه الحرس الثوري، وبالتالي لا تأثيرات على برنامج عمل حزب الله والميليشيات الإيرانية في المنطقة”.

وبعدما فضحت تلك الحادثة ضعف إيران وكشفت المستور عن الصراع داخل السلطة يمكن أن تكون فترة الخمسين يوما التي تفصل عن انتخاب رئيس جديد دقيقة وقد تحصل في خلالها أمور كثيرة في المنطقة إنطلاقا من معادلة تحسين وتجميع أوراق التفاوض. لكن الأكيد أنه باغتيال عبداللهيان المقرب من حزب الله ورئيسي، بدأ يشعر الحزب أن حبل المشنقة يشتد أكثر على رقبته. من هنا الخشية أن يكون رد الفعل مزيدا من التشدد، وهذا التوجه ينطبق أيضا على إيران”. يختم أبو صعب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.