أقساط المدارس العشوائية تُلهِب جيوب الأهل… ماذا عن دور الوزارة؟
يولا هاشم
مع كل اطلالة لشهر أيلول، وقبله حتى، حينما تنتشر على الطرق لوحات اعلانات الحقائب المدرسية وعبارة “العودة الى المدرسة”، تبدأ معاناة الأهالي نفسياً، قبل ان تترجم مادياً بفعل الأقساط المدرسية الباهظة، خاصة في ظل عجز الدولة عن لعب دورها الرقابي وتحمل مسؤولياتها. ويبقى ان المواطن هو من يدفع دائما الثمن، خاصة ذوي الدخل المحدود.
ولم يقتصر الأمر هذا العام على المدارس الخاصة، إذ ان المدارس الرسمية أيضاً فرضت رسم 50 دولارا أميركيا عن كل تلميذ لبناني كمساهمة لتغطية حاجيات المدرسة، رغم ان العائلات الفقيرة هي من تلجأ للتعليم الرسمي لمجانيتها.
أما المدارس الخاصة، فحدّث ولا حرج عن الزيادات العشوائية في الأقساط والتي تراوحت نسبتها بين 50 و100 في المئة، أي بزيادة بلغت بين 1500 دولار أميركي وحتى 12000 دولار. ولا يقتصر الأمر على الأقساط، لأن بداية العام الدراسي تترافق مع شراء الزي المدرسي ، وقد ارتأى بعض المدارس تغييره على رغم الاوضاع الصعبة، والقرطاسية والحقائب والكتب التي عمد بعض المدارس ايضا الى اعتماد نسخة العام 2024، مما يحتم على الأهل إلزامية شراء كتب جديدة بأسعار باهظة، خاصة تلك التي تعتمد المنهج الفرنسي او الاميركي.
أما الحجة التي تعتمدها المدارس للزيادة فتقوم على أمرين، الاول المصاريف التشغيلية الباهظة رغم ان سعر صرف الدولار لم يتبدّل منذ فترة، والثاني تحسين رواتب المعلمين والذي هو بالطبع حقّ شرط أن يصل هذا الحقّ إلى أصحابه. لكن يبقى ان هناك ثغرة بين ما هو مطلوب لتلبية حاجات المدارس وبين إمكانات الاهل في الواقع الحالي، فمن يسدّها؟
رئيسة اتحاد لجان الاهل في المدارس الخاصة لمى الطويل تقول لـ”المركزية”: “نعتبر، كما تعتبر كذلك وزارة التربية، ان كل هذه الأقساط التي وضِعت هي غير قانونية لأنها لم تسلك المسار القانوني الطبيعي عبر الهيئة المالية التي من المفترض ان تدرسها في الفصل الأول للموازنة، فتم وضع الأقساط بطريقة عشوائية وفُرِضت على الأهل بطريقة عشوائية أيضاً”.
وتضيف: “أما بالنسبة للمصاريف التشغيلية فأسعارها لم تتغيّر، لأن سعر صرف الدولار ثابت. تبقى حجة زيادة رواتب الاساتذة التي نؤيدها بالطبع، لكن نطالبهم بالتصريح عنها، لأننا كأهالي لا نعلم اين تُصرَف مبالغ الدولار التي تتقاضاها المدارس، خاصة مع رفضهم مبدأ التدقيق المالي، والذي أعلنوا عنه صراحة في اجتماع مع لجنة التربية في مجلس النواب، وهذا ما يُزعزع ثقتنا بهم”.
وتتابع: “لذلك نصرّ وندعو لجان الأهل، خاصة مع اقتراب موعد انتخاب اللجان مطلع العام الدراسي، إلى انتخاب لجان تُمثِّل بالفعل الأهالي وغير متواطئة. وفي حال تواجد لجنة متواطئة، فنحن على استعداد لمساعدتهم في الخطوات القانونية لإقالة هذه اللجنة. كما ونطالب بحصول التدقيق، ليُبنى على الشيء مقتضاه”.
وتؤكد ان “في حال كانت اي مدرسة متعثرة، فنحن كأهل سنقف معها، وإذا كانت غير متعثرة فلا يحقّ لها ان تجني الأرباح على حسابنا”، مشيرة الى ان “المدارس خرجت من الأزمة، وهي تصب كل أرباحها في جيوب المراجع الدينية او الأحزاب أو الزعماء والذين بدورهم لا يطالبون المدارس بالتدقيق او الشفافية ويتركونها على راحتها تزيد الأقساط دون حسيب او رقيب، في حين ان الوزارة لا تنفذ كل القوانين المطلوبة منها، ما يعني ان هناك تخاذلا وتواطؤاً من كافة المعنيين”.
وتختم: “حجتهم ان لجان الأهل لا تقوم بدورها، لكن لتقم الوزارة بعملها وتحمي الاهل من خلال تنفيذ القوانين التي بين يديها، وعندها في حال لم يقم الاهل بدورهم تمكن محاسبتهم، لكن لا يمكن إلقاء اللوم على لجان الاهل التي تقوم بدورها على أكمل وجه وتطل عبر الإعلام وترفع الصوت، في حين ان القضاء الخاص بها مُغيَّب. فما الذي يمكنهم فعله أكثر؟ هل المطلوب النزول الى الشارع؟ فلتقم الوزارة والتفتيش التربوي وغيرهم بعملهم أولاً ولينفذوا القوانين ويتوقفوا عن رمي التهم جزافاً على الحلقة الاضعف”.